منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   تحقيق الأخوة الإيمانية من أسباب رفع التقاطع والتهاجر والتدابر بين أصحاب المنهج الواحد (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=19380)

أبو الحسن نسيم 31 Aug 2016 03:13 PM

تحقيق الأخوة الإيمانية من أسباب رفع التقاطع والتهاجر والتدابر بين أصحاب المنهج الواحد
 
الحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،أما بعد:
فإن المتأمل في واقع كثير الإخوان ليجد التهاجر والتقاطع والتدابر قد انتشر بين أصحاب المنهج الواحد،مما أدى إلى ضعف شوكتهم واشتغالهم بأنفسهم فتقاعسوا عن نشر دين الله،وإن من الأسباب التي أدت إلى هذا الواقع عدم تحقيق الأخوة الإيمانية،فكان جديرا بكل سلفي يحمل همّ الدعوة إلى الله ويريد ظهورها وقوتها أن يتأمل في هذا الأمر الكبير، ويحاول بكل جهده تطبيقه في أرض الواقع،وإن تجاهل هذا المقام ليؤدي إلى تفرق الإخوان مما يمهد للأعداء الشماتة بهم، ويقوي صولة أهل الباطل على أهل الحق،وهذه بعض الأسباب لتحقيق الأخوة الإيمانية أسأل الله أن يوفق من يقرأها للعمل بها،وأنبه إخواني أن الكلام إنما هو لأهل السنة المحضة في التعامل بينهم لا يدخل فيهم أهل التمييع والتضييع أو أهل الغلو والجفاء فهؤلاء لهم أحكام في التعامل معهم.

1-استحضار نعمة الله على العبد بالأخوة في الله وأنها سبب للاجتماع والاعتصام بحبل الله:لقد ذكر الله عباده بهذه النعمة العظيمة قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) فذكر في هذه الآية أمره بتقواه سبحانه،ثم أمرهم بالاعتصام بحبل الله وأن لا يتفرقوا ثم ذكرهم بنعمة الأخوة في الله التي هي الطريق لتحقيق الاعتصام بحبل الله وتقواه قال ابن السعدي149:( ثم أمرهم تعالى بما يعينهم على التقوى وهو الاجتماع والاعتصام بدين الله، وكون دعوى المؤمنين واحدة مؤتلفين غير مختلفين، فإن في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم، وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور، ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدها، من التعاون على البر والتقوى، كما أن بالافتراق والتعادي يختل نظامهم وتنقطع روابطهم ويصير كل واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه، ولو أدى إلى الضرر العام، ثم ذكرهم تعالى نعمته وأمرهم بذكرها فقال: {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء} يقتل بعضكم بعضا، ويأخذ بعضكم مال بعض، حتى إن القبيلة يعادي بعضهم بعضا، وأهل البلد الواحد يقع بينهم التعادي والاقتتال، وكانوا في شر عظيم، وهذه حالة العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فلما بعثه الله وآمنوا به ،واجتمعوا على الإسلام ،وتآلفت قلوبهم على الإيمان كانوا كالشخص الواحد، من تآلف قلوبهم وموالاة بعضهم لبعض)

وقال تعالى:( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال63) ففي هذه الآية تذكير من الله لما من به على الأوس والخزرج من التآلف والاجتماع الذي قوى الله به شوكتهم على أعدائهم،قال ابن جرير الطبري-رحمه الله-11/256:(يريد جل ثناؤه بقوله: (وألف بين قلوبهم) : وجمع بين قلوب المؤمنين من الأوس والخزرج، بعد التفرق والتشتت، على دينه الحق، فصيَّرهم به جميعًا بعد أن كانوا أشتاتًا، وإخوانًا بعد أن كانوا أعداء)

وقال 11/256:(لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لو أنفقت، يا محمد، ما في الأرض جميعا من ذهب ووَرِق وعَرَض، ما جمعت أنت بين قلوبهم بحِيلك، ولكن الله جمعها على الهدى فأتلفت واجتمعت، تقوية من الله لك وتأييدًا منه ومعونة على عدوك)
ومن تذكر هذه النعمة عرف عظمها وعلو مكانتها وسعى في الحفاظ عليها والبعد عما يرفعها وقد قال تعالى:( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (إبراهيم7)،ومن أعظم ما يسلب هذه النعمة الوقوع في المعاصي قال تعالى:( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الأنفال53)،فلا بد من توبة صادقة بالندم على ما مضى والعزم على طاعة الله والبعد عما يرفع الأخوة وهي الذنوب والمعاصي والآثام.

2-معرفة فضل وأهمية الأخوة في الله وما ورد فيها:فإن في معرفة الفضائل حمل النفس على السعي لتحقيق ما ما ورد فيه الفضل العظيم،ومن ذلكم ما تعلق بهذا الباب الكبير الذي يترتب على القيام به الخير العظيم،ويترتب على الإخلال به الفساد العريض،وقد وردت النصوص ببيان هذا الأصل من جهات عديدة:
أ-من جهة أن الأخوة إنما تقوم على الإيمان قال تعالى:( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (الحجرات10) قال ابن السعدي ص944:( {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} هذا عقد، عقده الله بين المؤمنين، أنه إذا وجد من أي شخص كان، في مشرق الأرض ومغربها، الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، فإنه أخ للمؤمنين، أخوة توجب أن يحب له المؤمنون، ما يحبون لأنفسهم، ويكرهون له، ما يكرهون لأنفسهم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم آمرًا بحقوق الأخوة الإيمانية: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا يبع أحدكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا المؤمن أخو المؤمن، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره") .
وقال صلى الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن، كالبنيان يشد بعضه بعضًا" وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه.
ولقد أمر الله ورسوله، بالقيام بحقوق المؤمنين، بعضهم لبعض، وبما به يحصل التآلف والتوادد، والتواصل بينهم، كل هذا، تأييد لحقوق بعضهم على بعض، فمن ذلك، إذا وقع الاقتتال بينهم، الموجب لتفرق القلوب وتباغضها وتدابرها ، فليصلح المؤمنون بين إخوانهم، وليسعوا فيما به يزول شنآنهم) وفي هذه الآية من الفوائد:
-أن الإيمان الصحيح يقود إلى تحقيق الأخوة في الله،وبحسب قوة الإيمان تقوى هذه الصلة.
-أن هذه الرابطة التي تقوى بالإيمان تقود العبد للمحافظة عليها والسعي في إصلاح ما قد يقع بين الإخوان من التدابر والتعادي.

ب-ومن جهة ما يثمر هذا الإيمان من الأجر العظيم والفضل الكبير والمقام الرفيع فهو:
-يثمر حلاوة الإيمان كما في الصحيحين(البخاري16 ومسلم67) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ " قال النووي –رحمه الله-في شرح مسلم1/260:( مَعْنَى حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ اسْتِلْذَاذُ الطاعات وتحمل المشقات في رضا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِيثَارُ ذَلِكَ عَلَى عَرَضِ الدُّنْيَا)
وقال ابن رجب في فتح الباري1/45:( فهذه الثلاث خصال من أعلى خصال الإيمان، فمن كملها فقد وجد حلاوة الإيمان وطعم طعمه، فالإيمان له حلاوة وطعم يذاق بالقلوب كما يذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم، فإن الإيمان هو غذاء القلوب وقوتها كما أن الطعام والشراب غذاء الأبدان وقوتها، وكما أن الجسد لا يجد حلاوة الطعام والشراب إلا عند صحته فإذا سقم لم يجد حلاوة ما ينفعه من ذلك، بل قد يستحلي ما يضره وما ليس فيه حلاوة لغلبة السقم عليه، فكذلك القلب إنما يجد حلاوة الإيمان من أسقامه وآفاته، فإذا سلم من مرض الأهواء المضلة والشهوات المحرمة وجد حلاوة الإيمان حينئذ، ومتى مرض وسقم لم يجد حلاوة الإيمان، بل يستحلي ما فيه هلاكه من الأهواء والمعاصي)
وقال القاري في العمدة1/242:( قَوْله: (وَأَن يحب الْمَرْء لَا يُحِبهُ إِلَّا لله) هَذَا حث على التحاب فِي الله، لأجل أَن الله جعل الْمُؤمنِينَ أخوة قَالَ الله تَعَالَى: {فأصبحتم بنعمته إخْوَانًا} (آل عمرَان: 103) وَمن محبته ومحبة رَسُوله محبَّة أهل مِلَّته، فَلَا تحصل حلاوة الْإِيمَان إلاَّ أَن تكون خَالِصَة لله تَعَالَى، غير مشوبة بالأغراض الدُّنْيَوِيَّة وَلَا الحظوظ البشرية، فَإِن من أحب لذَلِك انْقَطَعت تِلْكَ الْمحبَّة عِنْد انْقِطَاع سَببهَا)
-يقود ‘إلى محبة الله للعبد كما في صحيح مسلم 2567 عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ، عَلَى مَدْرَجَتِهِ، مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ "
-يقود إلى السلامة في عرصات القيامة من الكرب الشديد كما في الصحيحين (البخاري660 ومسلم1031) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) قال ابن عثمين في شرح رياض الصالحين 1/244:( ((رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه)) أي: أحب بعضهما بعضا لا لشيء سوى الله_ عز وجل_ فليس بينهما قرابة ولا صلة مالية، وليس بينهما صداقة طبيعية، إنما أحبه في الله_ عز وجل_ لأنه رآه عابدا لله مستقيما علي شرعه فأحبه، وإذا كان قريبا أو صديقا وما أشبه ذلك فلا مانع أن يحبه من وجهين: من جهة القرابة والصداقة، ومن الجهة الإيمانية. فهذان تحابا في الله وصارا كالأخوين، لما بينهما من الرابطة الشرعية الدينية، وهي عبادة الله سبحانه وتعالى. ((اجتمعا عليه)) في الدنيا ((وتفرقا عليه)) أي: لم يفرق بينهما إلا الموت، يحبه إلى أن مات، هذان يظلهما الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ويكونان يوم القيامة علي محبتهما وعلي خلتهما، كما قال الله تعالى: (الإخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف: 67)
فهذه الأخوة في الله الناتجة من محبة الله سبب في أن يكون العبد في ذلك الظل يوم لا ظل إلا ظله،وقد جاء في صحيح مسلم 2566 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: «أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي، الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي).

-يقود إلى الجنة كما في صحيح مسلم 93عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ)

3-السعي الحثيث لتحقيق الأخوة والبعد عما ينقصها ويخدشها أو يذهبها
: وذلك بتحقيق ما جاء في كتاب ربنا وسنة نبينا من الأخلاق الفاضلة واجتناب الأخلاق القبيحة،فإن حرص العبد على الأخلاق الفاضلة فيما يقوله ويتعامل به مع إخوانه من أعظم ما يقوي ويحافظ على نعمة الأخوة،وإن التقصير في العمل بالأخلاق الفاضلة يؤدي إلى ضعف هذه الأخوة ومن ورائها المشاكل التي تقع بين الإخوان،ومن ذلك:
-أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه روى البخاري برقم 13 ومسلم برقم 71 عن عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)
-تحقيق الولاية بين المؤمنين من النصرة والتأييد والمعاضدة والمعاونة قال تعالى:( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (التوبة71) قال ابن كثير2/1369:( {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} أَيْ: يَتَنَاصَرُونَ وَيَتَعَاضَدُونَ) كَمَا جَاءَ فِي الصحيح: "المؤمن للمؤمن كالبنان يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سائر الجسد بالحمى والسهر"
وقال ابن عطية 3/58(ولما فرغ من ذكر المنافقين بالأشياء التي ينبغي أن تصرف عن النفاق وتنهى عنه عقب ذلك بذكر المؤمنين بالأشياء التي ترغب في الإيمان وتنشط إليه تلطفا منه تعالى بعباده لا رب غيره، وذكرت هنا «الولاية» إذ لا ولاية بين المنافقين لا شفاعة لهم ولا يدعو بعضهم لبعض وكان المراد هنا الولاية في الله خاصة)
-تحقيق التعاطف والتواد والتراحم،كما في الصحيحين (البخاري481ومسلم2585) عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»
وفي صحيح مسلم 2586 عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)
-القيام بالنصح لأخيك إذا كان صدر منه خطأ لا أن يتعجل بالهجر وقطع الصلة معه،في صحيح مسلم 95 عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)
-الدعاء له بظهر الغيب في صحيح مسلم 2733 عَنْ صَفْوَانَ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَهُ الدَّرْدَاءُ، قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ، فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي مَنْزِلِهِ، فَلَمْ أَجِدْهُ وَوَجَدْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ، فَقَالَتْ: أَتُرِيدُ الْحَجَّ الْعَامَ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَادْعُ اللهَ لَنَا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ)
-المواساة لأخيه المسلم قال الإمام ابن القيم في الفوائد ص250:( الْمُوَاسَاة لِلْمُؤمنِ أَنْوَاع :مواساة بِالْمَالِ ومواساة الجاه ومواساة
بِالْبدنِ والخدمة، ومواساة بِالنَّصِيحَةِ والإرشاد ،ومواساة بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَار لَهُم، ومواساة بالتوجع لَهُم على قدر الْإِيمَان تكون هَذِه الْمُوَاسَاة فَكلما ضعف الْإِيمَان ضعفت الْمُوَاسَاة وَكلما قوي قويت وَكَانَ رَسُول الله أعظم النَّاس مواساة لأَصْحَابه بذلك كُله ،فلأتباعه من الْمُوَاسَاة بِحَسب اتّباعهم لَهُ.
ودخلوا على بشر الحافي فِي يَوْم شَدِيد الْبرد وَقد تجرد، وَهُوَ ينتفض فَقَالُوا مَا هَذَا يَا أَبَا نصر فَقَالَ ذكرت الْفُقَرَاء وبردهم وَلَيْسَ لي مَا أواسيهم بِهِ فَأَحْبَبْت أَن أواسيهم فِي بردهمْ)
-ترك الأخلاق السافلة التي جاء التحذير منها في الكتاب والسنة من السخرية والاحتقار واللمز وسوء الظن والتجسس والغيبة والنميمة،فلا بد للمسلم أن يتعلم هذه الأخلاق ويحذر من التلبس بها ومن الأمثلة في هذا الباب مما ينافي الأخوة ما جاء ذكره في سورة الحجرات بعدما أخبر الله الأخوة عن المؤمنين ذكر الأمور التي تتنافى مع هذه الأخوة من التقاتل والتخاصم والسخرية واللمز والتنابز بالألقاب وسوؤ الظن والتجسس والغيبة.
ومن الأحاديث التي توضح منافاة الأخلاق السافلة للأخوة في الله ما جاء في صحيح مسلم 2564 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ) فليتأمل العبد في هذا الحديث كيف حث النبي صلى الله عليه وسلم على ترك ما ينافي الأخوة من الخصال الذميمة من الحسد والنجش والتباغض والتدابر وبيع على بيع أخيه مبينا بقوله كوناو عباد الله إخوانا ثم بين أن الإسلام يحقق الأخوة في الله ويبعد العبد عن الظلم وخذل أخيه واحتقاره والتعدي على ماله وعرضه ونفسه.
-ترك حظوظ النفس وشهوة التصدر فهذه الصفات مما تؤدي إلى الضرر العظيم في هذه العلاقة الإيمانية،فبعض الناس ينصب نفسه وصيا على دعوة الحق،يعجب بنفسه ويعتد برأيه فيبدأ في الحكم على إخوانه بل قد يتهم نياتهم،وهو لا يراجع في ذلك من هم أكبر منه علما ودعوة من مشايخ أهل السنة،فيخيل إليه أن الحق هو ما يصدر منه، وأن الخطأ هو ما يخالف ما هو عليه،يتسرع في إسقاط إخوانه ليخلو له الجو ظنا منه أنه بهذه الأفعال ينصر المنهج الحق ويرفعه،وأهل السنة السلفيون يعلمون شيخوهم وطلابهم وعوامهم أنه على سبيل ضلال وهلاك.
-ترك الطباع السيئة التي كان عليها قبل استقامته من العجلة والطيش والجفاء التي تورث سوء العشرة والتهجم على الإخوان وحصول النفرة التي يصعب رجوع الود ولو مع التصالح،بل يحرص على لين القلب ومطاوعة إخوانه في غير معصية الله،وإذا اشتد في موطن على أخيه مما يحتاج إليه لدفع الشر عنه أو جلب الخير له فليكن ذلك نابعا من رحمة قلبه ولينه لا من جفائه وغلظته.
وأختم مقالتي بنصيحة غالية وتوجيه سديد ينبئ عن شفقة كبيرة من الشيخ العلامة محمد بن هادي المدخلي-حفظه الله-الذي هو خلاصة لما في المقال ،وجهها لإخوانه بمدينة دكار بالسنغال في دورة الإمام مالك الأولى وهي تصلح لكل السلفيين في مشارق الأرض ومغاربها،أسأل الله أن يكتب لها القبول في القلوب وأن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
قال الشيخ-حفظه الله-:(الذي أنصحكم به هو الذي أنصح به نفسي وإخواني جميعا أينما يبلغهم هذا الكلام عني،فأنصحكم وأنتم في هذه البلاد أو في غيرها بالتمسك بالكتاب والسنة، واقتفاء آثار السلف الصالحين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم والقرون الثلاثة المفضلة التي جاء ذكرها في الحديث (خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) الحديث، فنحن الآن في زمن الغربة، في زمن كثرت فيه الأهواء، وكثرت فيه البدع ،كثرت فيه الطرائق المضلة ،كثرت فيه الشهوات، وكثرت فيه الشبهات، فالذي أوصيكم به هو التمسك بكتاب الله جل علا، والتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه الصلاة والسلام قد أجاب عن سؤالك هذا أيها الأخ الكريم بقوله عليه الصلاة والسلام: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة) إلى أن قال:( إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة) الحديث، ووصانا عليه الصلاة والسلام عند حصول الاختلاف، وكثرة الفتن ،وكثرة الأهواء، وكثرة الشبهات أن نتمسك بسنته عليه الصلاة والسلام
تمسك بحبل الله واتبع الهدى ولا تك بدعيا لعلك تفلح
ودِن بكتاب الله والسنن التي بها جاءت الأخبار تنجو وتربح
فحبل الله هو كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى:(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)فهذا الأمر بالاعتصام بالكتاب والسنة هو الذي يؤلف الله به بين قلوبنا
وأوصيكم أيضا بالملازمة لحلق أهل العلم، أهل العلم أهل السنة، تلزمون حلقهم، فمن كان منكم يقدم على بلاد علماء السنة فليلزم حلق هؤلاء، ومن كان بعيدا أمثالكم فعليه ولله الحمد وقد يسر الله لنا في هذا الوقت هذه الأسباب العظيمة، أسباب التواصل، عليه أن يتابع حلق أهل العلم بواسطة أسباب التواصل، ووسائل التواصل هذه، فيسمع دروسهم، ويستمع لمحاضراتهم، ولتوجيهاتهم القيمة النافعة، ولأجوبتهم في المسائل النازلة، التي تنزل بأمة الإسلام، فحينئذ ينفعه الله سبحانه وتعالى.
وأما فيما بينكم فأوصيكم بالتحاب في الله كما سمعتم، والتعاطف والتراحم والتناصح والتبادل ينصح بعضكم لبعض ويعطف بعضكم على بعض ويرحم بعضكم بعضا ويوصل الخير بعضكم لبعض ويرأف بعضكم ببعض، ويحرص على إيصال الخير إلى إخوانه بكل طريق يستطيع إيصال الخير بها إليه.
وأيضا يصرف السوء والشر عنه بكل طريق يستطيع بها أن يصرف السوء والشر عنه، وتتعاونون على نشر الدعوة إلى الله تبارك وتعالى الصحيحة التي هي دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تتعاونون جميعا هذا بماله، وهذا بجهده، وهذا بعلمه، وهذا بداره وهكذا، تتعاونون في إيصال هذا الخير وفي إيصال هذا الدين الصحيح إلى الناس وعليكم أيضا بالرفق بإخوانكم ما استطعتم فإن الله رفيق يحب الرفق وما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع منه إلا شانه، والله سبحانه يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ولا على ما سواه، فالواجب عليكم أن تتعاطفوا وأن تتراحموا فيما بينكم، تتراحموا فيما بينكم فلا تكونوا أشداء بعضكم على بعض، وإنما تكونوا كأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين وصفهم الله بهذا الوصف العظيم في آخر سورة الفتح فقال جل وعلا(محمد روسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)أشداء على الكفار الذين يستحقون الشدة ويغلظون عليهم إذا احتاجوا إلى ذلك-(يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير) والنبي صلى الله عليه وسلم من صفاته التي مدحه الله به أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يعِز، يشق عليه أن يأتي أحدنا ما يشق عليه، وما يعنته، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يترك العمل وهو يحبه مخافة أن يفرض على أمته فيشق عليهم، وكان عليه الصلاة والسلام يتخولهم بالموعظة مخافة السآمة عليهم صلوات الله وسلامه عليه،فهو عظيم عليه ما يعنتنا صلى الله عليه وسلم، حريص علينا.
فالواجب علينا أن يحرص بعضنا على أخوة إخوانه وأن ينبهم إلى ذلك وأن يذكرهم به يعلم جاهلهم وينبه غافلهم ويرد شاردهم بذلك فإذا هو صبر على ذلك حصل الخير الكثير، فأيضا ينبغي له أن يكون رحيما بإخوانه والنبي عليه الصلاة والسلام كان رحيما بالأمة كان رحيما بأمته صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى(وكان بالمؤمنين رحيما)فالواجب أن تكونوا رحماء بينكم، وأن تكونوا متعاطفين بينكم فهذا مما يقوي أواصر الأخوة وإذا قويت أواصر الأخوة نهض بالدعوة ونهض بالتعليم ونهض بالبيان للناس ورأفوا بالناس فإن فيهم الجهال، وفيهم الغافل، وفيهم الملبس عليه فاحرصوا على إيصال ذلك إليه ،بتذكير الغافل وتنبيهه وتعليم الجاهل وتفقيهه، والصبر على الملبس عليه حتى يفتح الله عليه وذلك بإزالة الشبه عنه فحينئذ تتعاونون وتتظافرون وينفع الله سبحانه وتعالى بكم جميعا أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد وأن يوفقنا جميعا لكل خير، وأن يصرف عن وعنكم كل شر وضير ،إنه جواد كريم وصلى الله عليه وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه.)

إبراهيم بويران 31 Aug 2016 03:22 PM

جزاك الله خيرا أخي الفاضل نسيم على ما كتبت، أسأل الله أن يجد مقالك هذا آذانًا صاغية و قوبًا واعية تنتفع بمثل هذه الذكرى؟ زادك الله من فضله .

أبو الحسن نسيم 02 Sep 2016 02:46 PM

ومما يحقق الألفة بين الإخوة الحرص على طلب العلم وتحصيله بطرقه المعتبرة عند أهل العلم،فشغل الوقت بهذه العبادة ،بالعلم النافع مما يوقع المحبة والتعاون على الخير والمناقشة الهادفة والمجادلة بالتي هي أحسن وغيرها من معالم الرحمة واللين والتناصر والتعاون والتعاضد،والجهل سبب للشقاق والنفرة والفرقة يقول الشيخ العلامة محمد بن هادي المدخلي في درس فضل العلم وأهميته بجازان 15 ذو القعدة 1437
قال الشيخ -حفظه الله-:(ومن فضل العلم على أهله أنه يؤلف بينهم بعكس الجهل فإن الجهل يفرقهم ويورث التحارب والتناحر،قال جل وعلا لأصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم(كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا) يعني تأملوا بماذا من؟من الله عليهم بهذا الدين، بهذا العلم، بهذا الوحي الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فألف بين قلوبهم سبحانه وتعالى(هو الذي أيدك بنصره وبالمؤنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت جميع ما في الأرض ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم) وقال(واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها)فاجتمع في هذا الدليل دليلان: الإنقاذ من النار والتأليف بين القلوب،فمن فضائل العلم أنه يؤلف بين قلوبكم لأن العالمين بالله وبشرعه كلما نزلت نازلة قاسوها ووزونها بمقياس الشرع فلهذا لا تجد في قلوب أهل العلم والإيمان من التقاطع والتدابر والتحاسد والتباغض والتنافر ما تجده في قلوب من سواهم،والدليل على ذلك جيل الأصحاب رضي الله عنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان بينهم شيء ،وإن حصل شيء بينهم ما أسرع فيئتهم إلى ربهم تبارك وتعالى. صار ما صار بين خليفة رسول الله صديق هذه الأمة أبي بكر وعمر رضي الله عنه فاستبقا إلى النبي صلى الله عليه فأخبراه فجاء هذا وجاء هذا فكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر بفضل أبي بكر رضي الله عنه ويقول بعد تذكيره هل أنتم تاركو لي صاحبي فيقول عمر يار سول ويستعفي فما كان من أبي بكر إلا أن جادت نفسه بتلكم الكلمة الطيبة والله يار رسول لأنا كنت أظلم ،من يقول هذا بنفسه إلا من ندر ،قليل الذي يطلب ما هند الله هو الذي يقول هذا؟،أين هذا ؟هذا لا يوجد إلا فيمن عمر الله قلبه بنور العلم والإيمان فأهل العلم متحابون متعاطفون متراحمون)
فيا أهل السنة احرصوا على طلب العلم،احرصوا على مجالس العلم،اسمعوا وخدوا بنصائح أهل العلم فيما يقع بينكم،وليحرص كل أحد أن يتنازل عن بعض حقه في سبيل إبقاء هذه الأخوة.

أبو الحسن نسيم 03 Sep 2016 03:11 PM

قال فضيلة الوالد الشيخ أزهر سنيقرة-جفظه الله-وهو بصدد الكلام على وجود مساجد قائمة على السنة ولله الحمد والمنة مع تألمه من الفرقة الحاصلة بين أصحاب المنهج الواحد في كثير من المدن والقرى مما يضعف دعوتنا ويمكن الأعداء من التربص بها(ساعة إجابة المجلس14):
(وإنه لمن المؤسف أن نرى هذا التمزق وهذا الاختلاف وهذا التقاطع والتدابر بين أبنائنا وإخواننا من السلفيي في الكثير من مدننا وقرانا،
وهذا إنما هو من كيد الشيطان بإخواننا ،
والواجب علينا جميعا ما دمنا على منهج واحد، وعلى سبيل أهل السنة والجماعة، وعلى طريقة سلف هذه الأمة الكرام
قادتنا، هم علماؤنا وأئمتنا ولله الحمد والمنة لا يجتمعون على باطل، وفي الأصول المتعلقة بالعقيدة أو المنهج هم على الجادة وعلى كلمة سواء بينهم
فلم هذا التفرق بيننا؟ والاختلاف والتدابر بعضهم؟
تسمع به أنه لا يقبل من تراجع من إخوانه لخطأ وقع فيه نعوذ بالله ،وبعضهم يصر على تصنيف إخوانه على نحلة غير نحلة أهل السنة والجماعة لا لشيء إلى ربما لأنه رآه صافح رجلا متهما أو وقف معه وقد يكون وقوفه غير مقصود، ورأينا بعضهم يتهم البعض الآخر بالتميع تارة ،وبالحدادية تارة أخرى ،
هذا يا إخوان على خلاف وصايا علمائنا ،وعلى نقيض توجيهاتهم النيرة ،
وهم دائما وأبدا يوصون أبناءهم على أن يجتمعوا وأن يتعاونوا
وإذا وقع الخطأ وهو لا بد واقع ،لأنه ليس فينا المعصوم إذا وقع الخطأ منهم أو من بعضهم فإنه يعالج ما دام أن هؤلاء جميعا على منهج واحد ،وهم جميعا يرجعون إلى الكتاب والسنة ،ويتحاكمون إلى الكتاب والسنة ،وهم يسمعون قول الله تعالى(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )هذا حال المؤمن،
السلفية لييست بالإدعاء ،السلفية التزام ،السلفية قيام بأمر الله ،وقيام على حدود الله عزوجل ،وهذه من أعظمها ،
إن الوقيعة في البرآء من إخوانكم والطعن فيهم من غير الأدلة والبراهين هذا باب خطير وخيم، نسأل الله تبارك وتعالى أن يجيرنا منه، وأن يجيرنا من غوائله،
الشاهد أن هذه المنة وجود المتمسكين بالسنة واجتماعهم على هذا المنهج القويم هذه نعمة لا بد أن نحرص الحرص الشديد على المحافظة عليها وعلى إبقائها ،وعلى تقويتها ،وعلى تثبيت أركانها لأن أعداءها يتربصون بها فلا نعطي لهم فرصة ،لا نعطي أعداء هذه الدعوة فرصة بسبب سوء تصرفنا أو سوء معالمتنا لبعضنا أو هذه الأخطاء التي تصدر منا ،ونسمع بها بين الحين والآخر ونتألم الألم الشديد لأجل ذلك والله يعلم ما في القلوب وأي غيور على هذه الدعوة فإنه يتألم لأجل هذا )

فهذا معاشر الإخوة كلام متين وتقرير جميل من الشيخ -حفظه الله-فيه النصح بالتآلف والتعاون والتآخي الذي يقوي دعوة أهل الحق،والتحذير من التفرق والاختلاف الذي يضعف دعوتنا ويسلط عليها أعداء الدعوة والله المستعان.

أبو الحسن نسيم 04 Sep 2016 07:11 PM

من أسباب التقاطع والتهاجر والتدابر الذي يقع بين الإخوان التلبس بفتنة الشبهات والوقوع في فتنة الشهوات،فبحسب وقوع الناس في هاتين الفتنتين يقع التدابر والتهاجر بين أصحاب المنهج الواحد
قال الحافظ ابن رجب-رحمه الله-في رسالة كشف الكربة ص15:(وأما فتنة الشهوات : ففي " صحيح مسلم " عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كيف أنتم إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم . أي قوم أنتم ؟ قال عبد الرحمن بن عوف : نقول كما أمرنا الله . قال : أو غير ذلك ؟ تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ) .
وفي " صحيح البخاري " عن عمرو بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ) .
وفي " الصحيحين " من حديث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه أيضاً .
ولما فتحت كنوز كسرى على عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكى فقال : إن هذا لم يفتح على قوم قط إلا جعل الله بأسهم بينهم . أو كما قال .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخشى على أمته هاتين الفتنتين كما في " مسند الإمام أحمد بن حنبل " عن أبي برزة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما أخشى عليكم الشهوات التي في بطونكم وفروجكم ومضلات الفتن ) . وفي رواية : ( ومضلات الفتن ) .)

قال الشيخ العلامة محمد بن هادي المدخلي في شرحه على كشف الكربة المجلس الأول:(إن الفروج ما تكون إلا بعد الشبع والغنى، فلا تقوم شهوة الفرج إلا بعد أن تحصل الكفاية في شهوة البطن، ثم بعد ذلك مضلات الفتن أو مضلات الهوى، إذا بسطت الدنيا واستغنى كل عن الآخر لم يسمع أحد من أحد لأنه غير محتاج إليه،في رفده وعطائه وعطفه فحينئذ استوت الرؤوس كما يقال، فلا احترام ولا سمع ولا توقير ولا قبول لوعظ ولا نصيحة وهذا أنتم جربوه من رأى نفسه قد استوى رأسه مع شيخه أو أبيه ونحو ذلك رأيت تكبره عليه لكن يوم أن كان محتاجا إليه رأيت تواضعه له وسماعه منه، فإذا حصل كما يقال تساوي الرؤوس شانت النفوس وحصل الشر والعياذ بالله، فمضلات الهوى حينئذ تفرق بين الناس وكل واحد يعرض عن الآخر فبعد أن كانوا متحابين متآلفين، أصبحوا متباغضين متفرقين، وبعد أن كانوا متحابين متواصلين أصبحوا أعداء متحاربين فنعوذ بالله من ذلك لم؟على الدنيا، بسبب هذه الدنيا التي بسطت عليهم فبعضهم يحصل بينه وبين أخيه لأمه وأبيه الهجران والقطيعة لأجل متر من الأرض دخل به عليه، فعشرات السنين لا يكلمه، أخوه من أمه وأبيه، أخوه يقاطعه لأجل متر من الأرض أخذه عليه، أو مبلغ من المال لا يكاد يُذكر أخذه عليه، فيقطع رحمه ،ويقطع صلته، ويقطع نسبه ،ويقطع أخوته كأنه أكفر الخلق نعوذ بالله من ذلك لأجل دينار ودرهم، وكلما جئت إليه لتصلح بينه وبين أخيه تجده متعنتا لكن الدين ربما في المقابل لا يقيم له وزنا يرى الخراب الديني كله لا يتمعر وجهه ولا يوالي عليه، ولا يعادي عليه ولا يبغض في الله ولله جل وعلا، فحينئذ يحصل البلاء بسبب ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم (فتهلككم كما أهلكتهم))

ثم قال الحافظ ابن رجب في ص15:
فلما دخل أكثر الناس في هاتين الفتنتين أو إحداهما أصبحوا متقاطعين متباغضين بعد أن كانوا إخواناً متحابين متواصلين ، فإن فتنة الشهوات عمت غالب الخلق ففتنوا بالدنيا وزهرتها وصارت غاية قصدهم ، لها يطلبون ، وبها يرضون ، ولها يغضبون ، ولها يوالون ، وعليها يعادون ، فتقطعوا لذلك أرحامهم وسفكوا دماءهم وارتكبوا معاصي الله بسبب ذلك .
وأما فتنة الشبهات والأهواء المضلة فبسببها تفرق أهل القبلة وصاروا شيعاً وكفر بعضهم بعضاً ، وأصبحوا أعداءً وفرقاً وأحزاباً بعد أن كانوا إخواناً قلوبهم على قلب رجل واحد ، فلم ينج من هذه الفرق إلا الفرقة الواحدة الناجية ، وهم المذكورون في قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أُمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ) .

أبو الحسن نسيم 07 Sep 2016 05:39 PM

قال الشيخ العلامة محمد بن هادي المدخلي في درسه تمام المنة في اغتنام عشر ذي الحجة 02 ذي الحجة 1437 وهي عبارة عن مكالمة للشيخ مع أبنائه في دولة تونس المحروسة:

(أوصيكم بالحرص على التآخي والمحبة فيما بينكم ،والرحمة فيما بينكم والتناصح فيما بينكم

والشفقة فيما بينكم، فإن الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف وما لا

يعطي على ما سواه،والرفق ما كان في شيء إلا زانه ولا نزع منه إلا شانه،فاوصيكم بذلك أن

تكونوا رحماء بينكم ،ناصحين لبعضكم ،متآخين على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم)

وسيم قاسيمي 30 Dec 2017 09:58 AM

جزاك الله خيرا أخي نسيم ووفقك الله لكل خير


الساعة الآن 11:23 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013