منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   جديد: تفنيد دعوى استمداد العقيدة السلفية مِنْ عقائد اليهود/ من سلسلة ردود على الشبهات العقدية لـ«شمس الدين بوروبي» (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=19875)

أبو إكرام وليد فتحون 12 Nov 2016 09:37 PM

جديد: تفنيد دعوى استمداد العقيدة السلفية مِنْ عقائد اليهود/ من سلسلة ردود على الشبهات العقدية لـ«شمس الدين بوروبي»
 
بسم الله الرحمن الرحيم


تفنيد دعوى استمداد العقيدة السلفية مِنْ عقائد اليهود .


من سلسلة ردود على الشبهات العقدية لـ «شمس الدين بوروبي» » لموقع الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله .

الشبهة التاسعة:
نصُّ الشبهة:

قال صاحبُ الشبهة مُنتصِرًا للصوفية ومُنتقِدًا للسلفية ما نصُّه:

«اتَّهموا الصوفيةَ بالأصول الهندوسية، زعموا أنَّ التصوُّف قد أخَذ أصولَه مِنَ الهندوس، ورَضُوا لأَنْفُسهم بأخذ العقيدة عن اليهود، العقيدة السلفية أنا أَثْبَتُّ في كتابي بالدليل القاطع أنها عقيدةٌ يهوديةٌ تسرَّبَتْ إلى المُعتقَدِ الإسلاميِّ مِنْ خلال الأحبار الذين أسلموا كوهب بنِ منبَّهٍ وعبد الله بن سلَّامٍ(١) ونَوْفٍ البَكَّاليِّ الذين أسلموا، وكانوا يَرْوُون ما تعلَّموه في التوراة، لا على أنه مِنْ كلام رسول الله .. فلمَّا جاء الرُّواةُ الحشويةُ نَقَلوه على أنه مِنْ كلامِ رسولِ الله ...

«إبطال التأويلات» لأبي يعلى الفرَّاء، اسْمَعوا العقيدةَ السلفية قال: روى قَتادةُ عن(٢) النعمان عن فلان عن فلان: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قَال: «إِنَّ اللهَ لَمَّا قَضَى خَلْقَهُ اسْتَلْقَى ثُمَّ رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِي أَنْ يَفْعَلَ هَذَا». هذه العقيدة قالها اليهودُ في زمن رسول الله ..نَزَل قولُ الله تَبارَك وتعالى: ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٖ ٣٨﴾ [ق]...

عقيدةٌ أخرى ص (١١٩) حدَّثنا فلان عن فلان، وهذه كُلُّها أكاذيبُ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «رَأَيْتُ رَبِّي فِي صُورَةِ شَابٍّ عَلَى وَجْهِهِ فَرَاشٌ وَفِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ» يعني: الله يلبس الحذاء...

الله يلبس الملابس ص(١٣٣) وهذه كُلُّها أسانيدُ مكذوبةٌ رواه أبو بكرٍ الخلَّال، عن الحسن بنِ ناضحٍ الخلَّال، قَالَ: نا الأسود بنُ عامر شاذان، قَالَ: نا حَمَّاد بنُ سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «رَأَى رَبَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعْدًا قَطَطًا أَمْرَدَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ»، ثمَّ بعد صفحةٍ واحدةٍ يقول: في حُلَّةٍ خضراء: «رَأَيْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي حُلَّةٍ خَضْرَاءَ فِي صُورَةِ شَابٍّ عَلَيْهِ تَاجٌ يَلْمَعُ مِنْهُ الْبَصَرُ»، ثمَّ يقول: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ المَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ صَدْرِهِ» هكذا يصف اللهَ أنَّ له صدرًا وأنَّ له فخذًا وله إبهام وأنه يجلس على العرش وأنه يستلقي ...هذا هو إله الحشوية، أمَّا المسلم كما علَّمه القرآن: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١﴾ [الإخلاص]، ونعتقد كما علَّمَنا القرآن: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ ١١﴾ [الشورى]».

الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أمَّا بعد:


فقَدِ انحدر المحاضر ـ عامَله الله بعدله ـ وانحط إلى أسفل الحضيض بافترائه على العقيدة السلفية وادِّعائه بأنها يهوديةُ المنبت، ﴿كَبُرَتۡ كَلِمَةٗ تَخۡرُجُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبٗا ٥﴾ [الكهف]، وقد أسَّس دعواه الآثمةَ على أحاديثَ واهيةٍ اعتمدها في الدلالة على صفات الله تعالى نَقَلها مِنْ كتابِ أبي يعلى الفرَّاء ـ رحمه الله ـ.

ويمكن تَناوُلُ الجواب عن هذه الشبهةِ مِنْ حيثياتٍ:

الحيثية الأولى: في إثبات النسبة بين التصوُّف والأصول الهندوسية:

العارف بأحوال المتصوِّفة ورياضاتهم ومجاهداتهم يُلاحِظُ بنفسه تشابهًا كبيرًا بينهم وبين الهندوس، وخاصَّةً في تعذيب النفس وحبسِها، وتحمُّلِ المَشاقِّ والتجوُّع، وإماتة الشهوات، والهروب مِنَ الأهل والأولاد والجلوس في الخلوات، ومراقبة صورة الشيخ، وكثيرٍ مِنَ العادات والتقاليد والرسوم. وأوَّلُ مَنْ عُرِف عنه السبقُ إلى بيان الأصول الصوفية هو البَيْرونيُّ(٣)، حيث قارن بين العقائد الهندية والعقائد الصوفية في كتابه المشهور: «تحقيق ما للهند مِنْ مقولة، مقبولةٍ في العقل أو مرذولة». وأوجُهُ الشَّبَه التي ذَكَرها البيرونيُّ بين العقائد الهندية والعقائد الصوفية تتلخَّص في أمورٍ ثلاثةٍ: أوَّلًا: الأرواح. ثانيًا: في طريق الخلاص. ثالثًا: إلغاء التمايز ومحو الإشارة. وتتقوَّى هذه الحقيقةُ بما يلي:

١ ـ معظم أوائل الصوفية هم مِنْ أصلٍ غير عربيٍّ كإبراهيم بنِ أدهم وشقيقٍ البلخيِّ وأبي يزيد البسطاميِّ ويحيى بنِ معاذٍ الرازيِّ.

٢ ـ أنَّ أوَّل ظهور التصوُّف كان في خراسان ومنها انتشر.

٣ ـ أنَّ تركستان كانَتْ قبل الإسلام مركزَ تلاقي الديانات والثقافات الشرقية والغربية، فلمَّا دَخَل أهلُها في الإسلام صَبَغوه بصبغتهم الصوفية القديمة.

٤ ـ إقرار الصوفية بذلك حيث لم يَسَعْهم إلَّا الاعترافُ بهذه الحقيقةِ الظاهرة الجليَّة التي لا يمكن تجاهُلُها ولا إغفالُها ألبتَّةَ(٤). قال الجنيد: «ما أخَذْنا التصوُّفَ عن القيل والقال، لكِنْ عن الجوع، وتركِ الدنيا، وقطعِ المألوفات والمُستحسَنات»، وسُئِل أبو يزيد البسطاميُّ: «بأيِّ شيءٍ وجَدْتَ هذه المعرفة؟» فقال: «ببطنٍ جائعٍ وبدنٍ عارٍ»(٥).

الحيثية الثانية: في موقف أهل السنَّة مِنْ مؤلَّف أبي يعلى الفرَّاء ـ رحمه الله ـ:

الكتابُ الذي نَقَل منه المحاضر هو لأبي يعلى الفرَّاء ـ رحمه الله ـ الموسومُ ﺑ: «إبطال التأويلات لأخبار الصفات» ألَّفه ردًّا على ابنِ فُورَك(٦) شيخ القُشَيْريِّ(٧)، وقد اشتمل الكتابُ على حقٍّ في مواضعَ، وفي أخرى جانَبَه الصوابُ، قال ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ: «وقد صنَّف القاضي أبو يعلى كتابَه في «إبطال التأويل» ردًّا لكتابِ ابنِ فُورَك، وهو ـ وإِنْ كان أسند الأحاديثَ التي ذَكَرها وذَكَر مَنْ رواها ـ ففيها عدَّةُ أحاديثَ موضوعةٍ، كحديثِ «الرؤية عيانًا ليلةَ المعراج»، ونحوه. وفيها أشياءُ عن بعض السلف رواها بعضُ الناسِ مرفوعةً كحديثِ قعودِ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم على العرش، رواه بعضُ الناسِ مِنْ طُرُقٍ كثيرةٍ مرفوعةٍ وهي كُلُّها موضوعةٌ، وإنَّما الثابتُ أنه عن مجاهدٍ وغيرِه مِنَ السلف ... ولهذا وغيرِه تكلَّم رزقُ اللهِ التميميُّ وغيرُه مِنْ أصحاب أحمد في تصنيف القاضي أبي يعلى لهذا الكتابِ بكلامٍ غليظٍ، وشنَّع عليه أعداؤه بأشياءَ هو منها بريءٌ كما ذَكَر هو ذلك في آخِرِ الكتاب. وما نَقَله عنه أبو بكر بنُ العربيِّ في «العواصم»(٨) كذبٌ عليه عن مجهولٍ لم يذكره أبو بكرٍ، وهو مِنَ الكذب عليه، مع أنَّ هؤلاء ـ وإِنْ كانوا نقلوا عنه ما هو كذبٌ عليه ـ ففي كلامه ما هو مردودٌ نقلًا وتوجيهًا، وفي كلامه مِنَ التناقض مِنْ جنسِ ما يُوجَدُ في كلام الأشعريِّ والقاضي أبي بكرٍ الباقلَّانيِّ وأبي المعالي وأمثالِهِم ممَّنْ يُوافِقُ النُّفاةَ على نفيهم ويُشارِكُ أهلَ الإثبات، على وجهٍ يقول الجمهورُ: إنَّه جَمَع بين النقيضين ...»(٩).

وقال أيضًا ـ في مَعْرِضِ ذِكْرِ أصنافِ مَنْ غَلِط بسببِ بُعْدِه عن النصوص ـ: «ونوعٌ ثالثٌ: سَمِعوا الأحاديثَ والآثار، وعظَّموا مذهبَ السلف، وشاركوا المتكلِّمين الجهميةَ في بعضِ أصولهم الباقية، ولم يكن لهم مِنَ الخبرة بالقرآن والحديث والآثار ما لأئمَّةِ السنَّة والحديث، لا مِنْ جهةِ المعرفة والتمييزِ بين صحيحها وضعيفِها، ولا مِنْ جهة الفهم لمعانيها، وقد ظنُّوا صحَّةَ بعضِ الأصول العقلية للنُّفاة الجهمية، ورأَوْا ما بينهما مِنَ التعارض، وهذا حالُ أبي بكرِ بنِ فُورَك والقاضي أبي يعلى وابنِ عقيلٍ وأمثالِهِم؛ ولهذا كان هؤلاء ـ تارةً ـ يختارون طريقةَ أهل التّأويل، كما فَعَله ابنُ فُورَك وأمثالُه في الكلام على مُشْكِل الآثار، وتارةً يفوِّضون مَعانِيَها ويقولون: تُجْرَى على ظواهرها، كما فَعَله القاضي أبو يعلى وأمثالُه في ذلك، وتارةً يختلف اجتهادُهم فيرجِّحون هذا تارةً وهذا تارةً كحالِ ابنِ عقيلٍ وأمثالِه»(١٠).

فتَبيَّنَ ممَّا سَبَق أنَّ أبا يعلى ـ رحمه الله ـ رام إبطالَ طريقةِ أهل التأويل، وتقريرَ مذهبِ السلف في الإثبات، فوُفِّقَ في تحقيقِ الهدف الأوَّل، ووُجِّهَتْ إليه انتقاداتٌ في الثاني، وتنحصر هذه الانتقاداتُ في: روايةِ بعضِ الأحاديث الواهية واعتمادِها في الدلالة على صفات الله، وشيءٍ مِنَ التأويل والتفويض(١١).

فكيف يُقالُ: إنَّ السلفية أخَذَتْ عقيدتَها مِنْ أبي يعلى؟! وأئمَّتُها ينتقدونه ويردُّون عليه في مسائلَ كثيرةٍ في الصفات وغيرِها، سبحانك ربِّي!! هذا مِنَ البهتان والجَوْر.

الحيثية الثالثة: تفنيدُ نسبةِ وصفِ الله تعالى بالاستلقاء للسلفية:

وأمَّا ما ادَّعاه ـ هداه الله ـ مِنْ أنَّ السلفية يَصِفون اللهَ بالاستلقاء ويشبِّهونه بمخلوقاته فهو عينُ البهتان؛ فإنَّ علماء أهل السنَّة تباينَتْ نظرتُهم تُجاهَ الحديثِ المذكور؛ فضعَّفه بعضُهم وردَّ مدلولَه، وصحَّحه آخَرون وأثبتوا صفةَ الاستلقاء على وجه الكمال والتنزيه لا مِنْ تعبٍ وإجهادٍ طلبًا للراحة كما هو صنيعُ اليهود.

ولبيانِ افترائه على الدعوة السلفية نَسوقُ كلامًا مَتينًا للعلَّامة الألبانيِّ ـ رحمه الله ـ حيث يقول ـ بعد حُكمِه على الحديث بأنه مُنْكَرٌ جدًّا ـ: «فإنَّ الحديث يُستشمُّ منه رائحةُ اليهودية الذين يزعمون أنَّ الله ـ تبارك وتعالى ـ بعد أَنْ فَرَغ مِنْ خَلْقِ السموات والأرض استراح! ـ تعالى اللهُ عمَّا يقول الظالمون عُلُوًّا كبيرًا ـ وهذا المعنى يكاد يكون صريحًا في الحديث؛ فإنَّ الاستلقاء لا يكون إلَّا مِنْ أجل الراحة، ـ سبحانه وتعالى عن ذلك ـ!! وأنا أعتقد أنَّ أصل هذا الحديثِ مِنَ الإسرائيليات، وقد رأيتُ في كلامِ أبي نصرٍ الغازي أنه رُوِي عن كعب الأحبار؛ فهذا يؤيِّد ما ذكرتُه، وذَكَر أبو نصرٍ ـ أيضًا ـ أنه رُوِي موقوفًا عن عبد الله بنِ عبَّاسٍ وكعب بنِ عُجْرةَ، فكأنهما تلقَّياهُ ـ إِنْ صحَّ عنهما ـ عن كعبٍ كما هو الشأنُ في كثيرٍ مِنَ الإسرائيليات، ثمَّ وَهِم بعضُ الرواة فرَفَعه إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.. وممَّا يُوهِنُ مِنْ شأنِ هذا الحديثِ أنه صحَّ عن عبَّاد بنِ تميمٍ عن عمِّه أنه رأى رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مُستلقِيًا في المسجد، واضعًا إحدى رجلَيْه على الأخرى. رواه البخاريُّ (١/ ٤٦٦ ﺑ «فتح الباري» طبع بولاق)، وترجم له ﺑ: «باب الاستلقاء في المسجد» ثمَّ روى عن سعيد بنِ المسيِّب قال: كان عمرُ وعثمانُ يفعلان ذلك، فلو كان الاستلقاءُ المذكورُ لا ينبغي لأحَدٍ مِنْ خَلْقِه سبحانه كما زَعَم الحديثُ لَمَا فَعَل ذلك رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثمَّ خلفاؤه مِنْ بعده كما لا يخفى. ولا يُعارِضُ هذا ثبوتُ النهي عن الاستلقاء في «صحيح مسلم» (٦/ ١٥٤) وغيرِه؛ لأنه غيرُ معلَّلٍ بهذه العلَّة المذكورة في هذا الحديثِ المُنْكَر، وللعلماء مذهبان في الجمع بين هذا النهيِ وبين فعلِه صلَّى الله عليه وسلَّم المخالفِ للنهي:

الأوَّل: ادِّعاءُ نسخِ النهي.

الثاني: حملُ النهي حيث يُخْشى أَنْ تبدوَ العورةُ، والجوازُ حيث يُؤْمَنُ ذلك.

وفي كُلٍّ مِنَ المذهبين إشارةٌ إلى ردِّ هذا الحديث؛ فإنه لا يتمشَّى معهما ألبتَّةَ، أمَّا على المذهب الأوَّل فلأنَّ الحديثَ صريحٌ في أنَّ الاستلقاء المذكور فيه مِنْ خصوصيات الله عزَّ وجلَّ فكيف يجوز ذلك؟! وأمَّا على المذهب الثاني فلأنه صريحٌ في أنَّ العِلَّةَ عنده هو انكشافُ العورة أو عدمُ انكشافها، فلو كان يصحُّ عنده أنَّ العلَّةَ كونُ الاستلقاء مِنْ خصوصياته ـ سبحانه ـ لم يَجُزِ التعليلُ بغيرها، وهذا ظاهرٌ لا يخفى ـ أيضًا ـ. وجملةُ القول: أنَّ هذا الحديثَ مُنْكَرٌ جدًّا عندي، ولقد قفَّ شعري منه حين وقفتُ عليه»(١٢).

وعلى فرضِ التسليم بصحَّةِ الحديث فليس لنا إلَّا التسليمُ والانقيادُ مع التفويض في الكيفية؛ إذ لا يَلْزَمُ مِنْ صحَّة الحديثِ وإثباتِ محتواه التشبيهُ؛ فإنَّ صفاتِ اللهِ وأفعالَه سبحانه ليسَتْ كصفات خَلْقه جلَّ وعلا. وبالجملة، فمَنْ صحَّح الحديثَ مِنْ أهل السنَّة وأثبت صفةَ الاستلقاء لله بناءً عليه لا يَلْزَم ـ بالضرورة ـ أَنْ يكون مشبِّهًا، ومَنْ ضعَّفه ونفى عن الله محتواه بناءً على تضعيفه لم يكن معطِّلًا(١٣)، كما أنَّ موافقة أهل الباطل للمُحِقِّ في مسألةٍ مِنْ بعض وجوهها لا يدلُّ على التشابه المطلق بينهما، ولا على أنَّ أهل الحقِّ استمدُّوا مادَّتَهم العَقَديةَ منهم، والفرقُ بين المُثْبِتين للحديث وعقيدةِ اليهود واضحٌ؛ فإنهم ـ عليهم لعائنُ الله ـ إنما نسبوا لله الاستلقاءَ على جهة التنقُّص والازدراء وعيبِ إله الحقِّ نكايةً بأهل التوحيد، أمَّا أهل السنَّة الموحِّدون فأعظمُ الخَلْق تنزيهًا لله عن النقائص والعيوب، يُثْبِتون لله إثباتًا مِنْ غير تمثيلٍ، وينزِّهون تنزيهًا مِنْ غير تعطيلٍ.

وأمَّا ما ادَّعاه ـ هداهُ اللهُ ـ مِنْ أنَّ السلفية يَصِفون اللهَ بلُبْس الحذاء واللباس وأنَّ له صدرًا وفخذًا وإبهامًا ـ تعالى الله عمَّا يقول الظالمون عُلُوًّا كبيرًا ـ فيُضافُ إلى سِجِلِّه الأسودِ المملوءِ بالافتراءات والمجازفات، ولو كان الإنصافُ له خُلُقًا لَانتهج نهجَ البحث العلميِّ الرصين المؤسَّسِ على مُقابَلةِ الحجَّةِ بمثلها بُعدًا عن الجَوْر، وكُلُّ متتبِّعٍ لكُتُبِ السلفية وتقريراتهم العقدية يعلم «أنَّ مبحث آياتِ الصفات دلَّ القرآنُ العظيمُ أنه يتركَّز على ثلاثةِ أُسُسٍ، مَنْ جاء بها كُلِّها فقَدْ وافق الصوابَ، وكان على الاعتقاد الذي كان عليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابُه والسلفُ الصالح، ومَنْ أخلَّ بواحدٍ مِنْ تلك الأُسُسِ الثلاثة فقَدْ ضلَّ، وكُلُّ هذه الأُسُسِ الثلاثة يدلُّ عليها القرآنُ العظيم.

أحَدُ هذه الأُسُسِ الثلاثة هو: تنزيهُ الله جلَّ وعلَّا عن أَنْ يُشْبِه شيءٌ مِنْ صفاته شيئًا مِنْ صفات المخلوقين، وهذا الأصلُ يدلُّ عليه قولُه تعالى: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞ﴾ [الشورى: ١١]، ﴿وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ ٤﴾ [الإخلاص]، ﴿فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَ﴾ [النحل: ٧٤].

الثاني مِنْ هذه الأُسُس هو: الإيمان بما وَصَف اللهُ به نَفْسَه؛ لأنه لا يَصِفُ اللهَ أعلمُ بالله مِنَ الله: ﴿ءَأَنتُمۡ أَعۡلَمُ أَمِ ٱللَّهُ﴾ [البقرة: ١٤٠]، والإيمانُ بما وَصَفه به رسولُه صلَّى الله عليه وسلَّم لأنه لا يوصف(١٤) الله بعد الله أعلمُ بالله مِنْ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الذي قال في حقِّه: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ ٣ إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ ٤﴾ [النجم]، فيَلْزَم كُلَّ مكلَّفٍ أَنْ يؤمن بما وَصَف اللهُ به نَفْسَه أو وَصَفه به رسولُه صلَّى الله عليه وسلَّم وينزِّهَ ربَّه جلَّ وعلا عن أَنْ تُشْبِه صِفَتُه صفةَ الخَلْق، وحيث أخلَّ بأحَدِ هذين الأصلين وَقَع في هوَّة الضلال..

الثالثة: قطعُ الطمعِ عن إدراكِ حقيقة الكيفية؛ لأنَّ إدراك حقيقة الكيفية مستحيلٌ، وهذا نصَّ اللهُ عليه في سورة (طه) حيث قال: ﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا ١١٠﴾ [طه]»(١٥).

وضِمْنَ دحضِ باطل المُفْترين على أهل السنَّة في باب الأسماء والصفات يقول العلَّامة ابنُ بازٍ ـ رحمه الله ـ: «ثمَّ ذَكَر الصابونيُّ ـ هداه الله ـ تنزيهَ الله سبحانه عن الجسم والحدقة والصماخ واللسان والحنجرة، وهذا ليس بمذهبِ أهل السنَّة، بل هو مِنْ أقوال أهل الكلام المذموم وتكلُّفهم؛ فإنَّ أهل السنَّة لا ينفون عن الله إلَّا ما نفاهُ عن نَفْسِه أو نفاهُ رسولُه صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا يُثْبِتون له إلَّا ما أَثْبَتَه لنَفْسِه أو أَثْبَتَه له رسولُه صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يَرِدْ في النصوص نفيُ هذه الأمورِ ولا إثباتُها؛ فالواجبُ الكفُّ عنها وعدمُ التعرُّض لها لا بنفيٍ ولا إثباتٍ، ويغني عن ذلك قولُ أهلِ السنَّة في إثباتِ صفاتِ الله وأسمائه: أنه لا يُشابِهُ فيها خَلْقَه، وأنه سبحانه لا نِدَّ له ولا كُفُوَ له. قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: لا يُوصَفُ اللهُ إلَّا بما وَصَف به نَفْسَه أو وَصَفه به رسولُه صلَّى الله عليه وسلَّم، لا يُتجاوزُ القرآنُ والحديث، وهذا هو معنَى كلامِ غيره مِنْ أئمَّة السنَّة، وأمَّا ما وَقَع في كلام البيهقيِّ ـ رحمه الله ـ في كتابه: «الاعتقاد» مِنْ هذه الأمورِ فهو ممَّا دَخَل عليه مِنْ كلام المتكلِّمين وتكلُّفهم، فرَاجَ عليه واعتقد صِحَّتَه، والحقُّ أنه مِنْ كلام أهل البِدَع لا مِنْ كلام أهل السنَّة»(١٦).

الحيثية الرابعة: في بيان موقف السلفية مِنَ الرواية عن مُسْلِمةِ أهل الكتاب:


ادَّعى المُحاضِرُ أنَّ السلفية يعتمدون في إثباتِ عقائدهم لا سيَّما في باب الأسماء والصفات على رواياتِ مُسْلِمةِ أهل الكتاب ككعب الأحبار ـ وهو طعنٌ ضمنيٌّ فيهم ـ وادِّعاءٌ بالبهتان أنَّ السلفيِّين لا يميِّزون بين كلامه صلَّى الله عليه وسلَّم وكلامِ مُسْلِمةِ أهل الكتاب، وهذا جهلٌ فاضحٌ بطُرُقِ الرواية؛ إذ مجرَّدُ ورودِ رواياتٍ لبعضِ مَنْ يروي عن أهل الكتاب في مصنَّفاتِ أهلِ السنَّة لا يَلْزَمُ منها ـ بالضرورة ـ إقرارُهم بها وتصحيحُهم لها، حيث قد وَرَد النكيرُ مِنَ العلماء ـ سلفًا وخلفًا ـ لروايات الآخِذين عن أهل الكتاب. قال الحافظ ابنُ كثيرٍ ـ رحمه الله ـ بعدما أَوْرَد طائفةً مِنَ الأخبار في قصَّةِ ملكةِ سبإٍ مع نبيِّ الله سليمان عليه السلام: «والأقربُ في مثلِ هذه السياقاتِ أنها مُتلقَّاةٌ عن أهل الكتاب، ممَّا يُوجَدُ في صُحُفِهم، كروايات كعبٍ ووهبٍ ـ سامحهما اللهُ تعالى ـ فيما نَقَلا إلى هذه الأمَّةِ مِنْ أخبار بني إسرائيل، مِنَ الأوابد والغرائب والعجائب، ممَّا كان وما لم يكن، وممَّا حُرِّف وبُدِّل ونُسِخ، وقد أغنى اللهُ سبحانه عن ذلك بما هو أصحُّ منه وأنفعُ وأوضحُ وأبلغُ، ولله الحمدُ والمِنَّةُ»(١٧).

وقال الشيخ ربيع ـ حفظه الله ـ: «وإذا عَرَف المسلمُ أنَّ كعبَ الأحبارِ ـ وهو أفضلُ مُسْلِمةِ أهل الكتاب ـ قد بثَّ كثيرًا مِنَ الإسرائيليات العجيبةِ والمُنْكَرةِ والغريبة، ولا يَبْعُدُ أَنْ يكون الحديثُ المنسوبُ إلى قتادةَ بنِ النعمان مِنْ هذه الإسرائيلياتِ المأخوذةِ عن كعبٍ، فيجب الحذرُ أشدَّ الحذرِ مِنْ رواياته، ولا سيَّما ما يرويه فيما يتعلَّق بصفات الله ـ جلَّ وعلا ـ وأفعالِه المقدَّسة، وكذلك يجب الحذرُ مِنْ مرويَّاتِ أهلِ الكتاب المُنْكَرةِ والغريبةِ والمحرَّفة»(١٨).

والجدير بالملاحظة:
أنَّ صنيعَ أهلِ الحديث برواية الأخبار المُنْكَرة والغريبة إنما دافعه للحذر منها، لا للعمل بها يُعَدُّ مِنْ أعظمِ مناقبهم ومِنْ أرقى صُوَرِ نُصْحِهم للأمَّةِ المحمدية؛ حفاظًا على سنَّتِه صلَّى الله عليه وسلَّم أَنْ يدخلها ما ليس منها، قال أبو حاتمٍ الرازيُّ ـ رحمه الله ـ: «لم يكن في أمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ منذ خَلَق اللهُ آدَمَ أُمَناءُ يحفظون آثارَ الرُّسُل إلَّا في هذه الأمَّة»، فقال له رجلٌ: «يا أبا حاتمٍ، ربَّما رَوَوْا حديثًا لا أصلَ له ولا يصحُّ؟» فقال: «علماؤهم يعرفون الصحيحَ مِنَ السقيم، فروايتُهم ذلك للمعرفة ليَتبيَّنَ لمَنْ بعدهم أنهم ميَّزوا الآثارَ وحَفِظوها»(١٩).

وفي سياقِ المنافحة عن أهل الحديث والأثر يقول ابنُ قُتَيبَة ـ رحمه الله ـ: «الْتَمَسُوا الحقَّ مِنْ وجهته، وتتبَّعوه مِنْ مَظانِّه، وتَقرَّبوا إلى الله باتِّباعهم سُنَنَ رسول الله وطلبِهم لأخباره بَرًّا وبحرًا وشرقًا وغربًا... وقد يَعيبهم الطاعنون بحملهم الضعيفَ وطلبِهم الغريبَ، وفي الغرائبِ الدَّاءُ، ولم يحملوا الضعيفَ والغريبَ لأَنهم رأَوْهما حقًّا، بل جمعوا الغثَّ والسمين والصحيحَ والسقيم ليُميِّزوا بينهما ويدلُّوا عليهما»(٢٠).

فما أحسنَ أَثَرَهم على الناس! وأقبحَ أثرَ الناسِ عليهم! ينفون عن كتاب الله تحريفَ الغالين، وانتحالَ المُبْطِلين، وتأويلَ الجاهلين، الذين عَقَدوا ألويةَ البِدَع، وأطلقوا عِقالَ الفتنة؛ فهُمْ مختلفون في الكتاب، مُخالِفون للكتاب، مُجْمِعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علمٍ، يتكلَّمون بالمتشابه مِنَ الكلام، ويخدعون جُهَّالَ الناس بما يشبِّهون عليهم، فنعوذ بالله مِنْ فِتَنِ الضالِّين(٢١).

هذا،
وقد أبان المحاضر عن نَفَسِه البدعيِّ حين طَعَن في خيارِ هذه الأمَّةِ وهُمْ صحابةُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وذلك بإدراجه اسْمَ الصحابيِّ الجليل المبشَّرِ بالجنَّة عبد الله بنِ سلامٍ رضي الله عنه ضِمْنَ أسماء الرواة للأحاديث المشتمِلةِ ـ في زعمه ـ على الكفر والشرك، واتَّهمه بعدم التمييز بين ما كان يتلقَّاهُ عن النبيِّ المصطفى عليه الصلاةُ والسلام وبين ما كان يسمعه قبل إسلامه مِنَ اليهود(٢٢)، مُتقمِّصًا بذلك رِداءَ الرافضة نافخًا بُوقَهم بعد أَنْ كان مُنافِحًا عن المتصوِّفة، وإِنْ تَبجَّح ـ في مطلع محاضرته ـ بأنه يعظِّم السلفَ ويبجِّلهم؛ فقَدْ أظهر أنَّ حاله ـ في ذلك ـ حالُ كُلِّ حقودٍ على الدعوة السلفية المبارَكة، يحتقر السلفَ وينتقصهم، وهذا دليلٌ مِنَ الأدلَّة المستفيضة على عِظَمِ الارتباط بين التصوُّف والرفض إلى أَنْ غَدَا بعضُهم يغذِّي بعضًا بالشُّبُهات للحدِّ مِنَ الشُّهُب السلفية الراجمات لبِدَعهم وضلالاتهم.

وفي مَعْرِضِ التحذير مِنْ دسائس الجهمية وأضرابهم مِنَ المعطِّلة يقول ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ: «فتأمَّلْ ما في هذا الوجهِ مِنَ الأمر العظيم: أَنْ يشتبه ـ على أعلم الناس بالله وصِفَاته وكلامِه وكلامِ رسولِه ـ كلامُ الرسول الحقِّ الذي قاله مدحًا وثناءً على الله بكلام الكُفَّار المشركين الذي هو تنقُّصٌ وعيبٌ، فلا تميِّزَ بين هذا وهذا، ويقول: «قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم» لِمَا يكون مِنْ كلام ذلك المشرك الكافر!! فأيُّ نسبةِ جهلٍ واستجهالٍ لأصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فوق هذا؟! أنه لا يميِّز أحَدُهم بين كلام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكلامِ الكُفَّار والمشركين، ويميِّز بينهما أفراخُ الجهمية والمعطِّلة!! وكيف يستجيزُ مَنْ للصحابة في قلبه وقارٌ وحرمةٌ أَنْ ينسب إليهم مثلَ ذلك؟! ويا لله العجب هل بَلَغ بهم الجهلُ المُفْرِط إلى أَنْ لا يفرِّقوا بين الكلام الذي يقوله رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حاكيًا عن المشركين والكُفَّار، والذي يقوله حاكيًا له عن جبريل عن ربِّ العالمين، ولا بين الوصف بما هو مدحٌ وثناءٌ وتمجيدٌ لله ووصفِه بما هو ضِدُّ ذلك؟! فتأمَّلْ جنايةَ هذه المعرفةِ على النصوص!! ومَنْ تأمَّلَ أحاديثَ الصفاتِ وطُرُقَها وتعدُّدَ مخارجِها ومَنْ رواها مِنَ الصحابة عَلِم ـ بالضرورة ـ بطلانَ هذا الاحتمال، وأنه مِنْ أبين الكذب والمُحال، واللهِ لو قاله صاحبُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ عند نفسه لَكان أَوْلى بقَبوله واعتقادِه مِنْ قول الجهميِّ المعطِّل النافي، فكيف إذا نَسَبه إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟!»(٢٣).

والعلم عند الله تعالى، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ.

(١) كذا، ذَكَره المحاضرُ بالتشديد، والصوابُ: التخفيف، وهو صحابيٌّ جليلٌ رضي الله عنه، [انظر: «شرح مسلم» للنووي (١/ ٤١)]. وقد أخطأ المحاضر ـ أيضًا ـ في اسمِ وهب بنِ منبِّهٍ ـ على شهرته ـ فجعله: «بن منبَّه» بفتح الباء المشدَّدة والصوابُ كسرُها، وكذلك في اسمِ نوفٍ البِكَاليِّ: شدَّد الكافَ والصوابُ تخفيفُها، وفَتَح الباء والراجحُ مِنَ الوجهين كسرُها[انظر: «فتح الباري» لابن حجر (١/ ٢١٧)].
(٢) الحديث ـ كما رُوِي ـ فيه: «قتادة بن النعمان»، وهو صحابيٌّ رضي الله عنه، وليس فيه: «عن فلان عن فلان»، لا كما يُوهِمُه كلامُه أنه تابعيٌّ، فهَبْ أنه تصحَّفَتْ عليه «بن» في اسمِ الصحابيِّ فجعلها «عن»، فما عذرُه في زيادةِ: «عن فلان عن فلان»؟!
(٣) هو محمَّد بنُ أحمد أبو الريحان الخوارزميُّ البيرونيُّ، لغويٌّ أديبٌ مؤرِّخٌ، له في الرياضيات والنجومِ اليدُ الطولى وكان خصيصًا عند الملوك، مُكِبًّا على تحصيل العلوم، مُنصبًّا على التصنيف، لا يكاد يُفارِق يدَه القلمُ، وعينَه النظرُ، وقلبَه الفكرُ. صنَّف كُتُبًا كثيرةً منها: «الآثار الباقية عن القرون الخالية»، «تحقيق ما للهند مِنْ مقولةٍ مقبولةٍ في العقل أو مرذولة»، «التفهيم لصناعة التنجيم» في الفَلَك. تُوُفِّيَ فِي عشر الثلاثين والأربعمائة. [انظر ترجمته في: «الوافي بالوفيات» للصفدي (٨/ ٩١)، «بغية الوعاة» للسيوطي (١/ ٥١)، و«إرشاد الأريب» لياقوت الحموي (٥/ ٢٣٣١)، «الأعلام» للزركلي (٥/ ٣١٤)، و«تاريخ مختصر الدُّوَل» لابن العبري (٣٢٤)].
(٤) انظر: «التصَوُّف، المنشَأ والمصادر» لإحسان إلهي ظهير (٩٧).
(٥) «الرسالة القُشَيْرية» (١/ ١١٧).
(٦) هو: محمَّد بنُ الحسن بنِ فُورَك، أبو بكرٍ الأنصاريُّ الأصبهانيُّ، فقيهٌ شافعيٌّ، أشعريُّ المُعتقَد، بَرَع في النحو والأصول وعلمِ الكلام. تُوُفِّيَ سنة: (٤٠٦ﻫ). انظر ترجمته في: «سِيَر أعلام النُّبَلاء» للذهبي (١٧/ ٢١٤)، «طبقات الشافعية» للسبكي (٤/ ١٢٧).
(٧) هو: عبد الكريم بنُ هوازن بنِ عبد الملك بنِ طلحة القُشَيْريُّ النيسابوريُّ، أبو القاسم، الفقيه المتكلِّم، الأصوليُّ المفسِّر، تَتلمذ على الحاكم وابنِ فُورك وغيرِهما. تُوُفِّيَ سنة: (٤٦٥ﻫ). انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» للخطيب (١١/ ٨٣)، «وفيات الأعيان» لابن خِلِّكان (٢/ ٣٧٥)، «طبقات الشافعية» للسبكي (٥/ ١٥٣).
(٨) انظر: «العواصم من القواصم» للقاضي أبي بكر بن العربيِّ المالكي (٢١٠) فقَدْ نَسَب إليه ـ رحمه الله ـ القولَ بالتشبيه.
(٩) «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (٣/ ١٩).
(١٠) المصدر السابق (٣/ ٣٠٢).
(١١) انظر: «مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات» لأحمد القاضي (٢٠٧).
(١٢) «السلسلة الضعيفة» للألباني (٢/ ١٧٧) وما بعدها.
(١٣) انظر: «قمع الدجاجلة الطاعنين في مُعتقَدِ أئمَّة الإسلام الحنابلة» لعبد العزيز بن فيصل الراجحي (٢٣٤).
(١٤) كذا، والصواب: «يصف».
(١٥) بتصرُّف مِنْ محاضرةٍ لمحمَّد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ بعنوان: «الأسماء والصفات نقلًا وعقلًا» (ص: ٨ ـ ٩، ٢٨).
(١٦) «مجموع فتاوى ابن باز» (٣/ ٦١).
(١٧) «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (١٠/ ٤١٣).
(١٨) مِنْ مقالٍ بعنوان: «المنهج الحدَّادي يحتفي أهلُه بالأحاديث الواهية والمُنْكَرة».
(١٩) «شرف أصحاب الحديث» للخطيب البغدادي (٤٢).
(٢٠) «تأويل مختلف الحديث» لابن قتيبة (١٢٨).
(٢١) مِنْ كتاب: «الردِّ على الجهمية» لأحمد بنِ حنبل (٥٥).
(٢٢) وهذا المسلك هو أحَدُ ميزات المُبتدِعة في معارضة الوحي، وأساسُه تجهيلُ الرواة واتِّهامُهم بالكذب والغلط والخطإ في السمع، واعتقاد أنَّ كثيرًا مِنَ الأحاديث مِنْ كلام الكُفَّار والمشركين كان النبيُّ يحكيه عنهم، فربَّما أدركه الواحدُ في أثناء كلامه بعد تصديره بالحكاية فيسمع المحكيَّ فيعتقده قائلًا له لا حاكيًا، فيقول: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. انظر: «الصواعق المُرْسَلة» لابن القيِّم (٤/ ١٥٢٨).
(٢٣) المصدر السابق.

المصدر : موقع الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله .

أبو البراء 16 Nov 2016 11:11 AM

بارك الله فيك أخي وليد على هذا النَّقل الموفَّق.

إبراهيم بويران 16 Nov 2016 11:30 AM

نقل موفق، و رد مسدد، بارك الله في شيخنا العلامة محمد علي فركوس، و أجزل له الأجر و المثوبة، على إبطاله لشبهات ذلك الغمر السفيه، الذي لو قال أحدٌ بأنه جهم هذا الزمن لما أبعد، عامله الله بعدله .

أبو إكرام وليد فتحون 16 Nov 2016 07:45 PM

جزى الله خيرا أخونا الشيخ خالد على مروره الطيب ، و أحسن الله اليك أخي ابراهيم
و حفظ شيخنا العلامة محمد علي فركوس ونفع به ، سائلا الله أن يوفق الاخوة القائمين
على موقعه الى كل مايحبه ويرضاه سبحانه وتعالى .


الساعة الآن 04:57 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013