بَيْنَ أُمٍّ وَطِفْلِهَا عَلَى أَرْضِ الشَّامِ (لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَنْسَى)
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد.. قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى» (متّفق عليه). الدّعاء الدّعاء لأهلنا في الشّام يا إخوتاه، فإنّ الدّعاء للمؤمن سلاح وأيّ سلاح.. أَتَهْزَأُ بِالدُّعَاءِ وَتَزْدَرِيهِ ... أَمَا تَدْرِي بِمَا صَنَعَ الدُّعَاءُ سِهَامُ اللَّيْلِ لَا تُخْطِي وَلَكِنْ ... لَهَا أَمَدٌ وَلِلْأَمَدِ انْقِضَاءُ بَيْنَ أُمٍّ وَطِفْلِهَا عَلَى أَرْضِ الشَّامِ.. (لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَنْسَى) بَكَى الطِّفْلُ الصَّغِيرُ بِأَرْضِ شَامِ ... بَكَى جُوعًا يَحِنُّ إِلَى الطَّعَامِ بَكَى بَرْدًا أَلَيْسَ البَرْدُ يُؤْذِي ... صَغِيرًا حِينَ يَأْوِي لِلْخِيَامِ؟! بَكَى خَوْفًا يُرِيدُ الشَّمْسَ تَبْقَى! ... فَبَعْدَ الشَّمْسِ يَخْشَى مِنْ ظَلَامِ بَكَى وَالأُمُّ تَرْمُقـُهُ بِدَمْـعٍ ... عَلَى الخَدَّيْنِ يَجْرِي فِي انْسِجَامِ يُخَاطِبُ أُمَّـهُ: أُمَّـاهُ قُولِي ... مَتَى أَحْيَا كَغَيْرِي فِي سَلَامِ؟! مَتَى يَأْتِي إِلَيَّ أَبِي أَجِيبِـي ... وَيُمْسِي الشَّمْلُ مِنَّا فِي الْتِآمِ؟! لَقَدْ طَالَ الغِيَابُ تُرَاهُ يَنْسَى ... قَدِيمَ العَهْدِ عَامًا بَعْدَ عَامِ؟! مَتَى آوِي إِلَى فَرْشِي بَلَيْلٍ ... يُغَطِّينِي وَيُدْفِئُ لِي عِظَامِي؟! مَتَى أَمْضِي وَمِحْفَظَتِي بِكَفِّي ... مَعَ الجَارَيْنِ مَحْمُودٍ وَرَامِي؟! صَبَاحًا نَحْوَ مَدْرَسَتِي وَصَفِّي ... وَيَلْقَانِي المُعَلِّمُ فِي ابْتِسَامِ مَتَى أَلْهُو وَأَصْحَابِي بِسَاحٍ ... لِمَدْرَسَتِي بَعِيدًا عَنْ حُطَامِ؟! وَأَرْجِعُ نَحْوَ أُمِّي فِي اشْتِيَاقٍ ... فَتَدْعُـونِي الحَنُونُ إِلَى الطَّعَامِ وَيَسْأَلُنِي أَبِي مَاذَا دَرَسْتُمْ؟ ... وَيُولِينِي أَبِي كُلَّ اهْتِمَامِ وَأَحْمِلُ مِنْ فُتَاتِ الخُبْزِ شَيْئًا ... يَسِيرًا مُطْعِمًا فَرْخَ الحَمَامِ وَآوِي بَعْدَ ذَاكَ إِلَى فِرَاشِي ... فَاسْتَلْقِي لِأَحْلُمَ كَالغُلَامِ مَتَّى أُمَّاهُ يَحْصُلُ كُلُّ هَذَا؟! ... وَأَحْيَا مِثْلَ طِفْلٍ فِي الأَنَامَ! تُجِيبُهُ أُمُّـهُ وَالدَّمْعُ يَجْرِي ... وَيَخْنُقُهَا فَتَعْجِزُ عَنْ كَلَامِ بُنَيَّ وَقُـرَّةَ العَيْنَيْـنِ مَهْلًا ... لَقَدْ -وَاللهِ- زِدْتَ مِنَ اغْتِمَامِي لَقَدْ هَيَّجْتَ جُرْحًا كَادَ يُشْفَى ... أَرَاهُ اليَوْمَ مِمَّا قُلْتَ دَامِي أَبُوكَ مَضَى وَلَيْسَ لَنَا بِقَالٍ ... مَضَى وَاخْتَارَ مَوْتَهُ كَالكِرَامِ لَقَدْ غَشِيَ الحِمَامَ كَلَيْثِ غَابٍ ... كَذَلِكَ يَا بُنَيَّ رِجَالُ شَامِ مَضَى لِلْمَوْتِ مُبْتَسِمًا كَأَنِّي ... بِهِ يَمْضِي لِلُقْيَا ذِي غَرَامِ! فَلَمْ أَرَ قَبْلَهُ عَجِلًا لِمَوْتٍ ... يُعَانِقُـهُ كَصَبٍّ مُسْتَهَامِ! يَقُولُ مُوَدِّعًا: يَا خَيْرَ زَوْجٍ ... بِإِذْنِ اللهِ بَعْدِي لَنْ تُضَامِي إِذَا جَاءَ النَّعِـيُّ فَلَا تَقُولِي ... سِوَى مَا يُسْتَطَابُ مِنَ الكَلَامِ أَلَا وَلْتَفْخَرِي يَا خَيْرَ زَوْجٍ ... يَحِقُّ لَكِ الفَخَارُ عَلَى الدَّوَامِ فَلَيْسَ هُنَاكَ جُرْمٌ أَسْتَحِيهِ ... وَلَمْ أَكُ سَالِكًا سُبُلَ الحَرَامِ وَلَكِنِّي أَخَالُ الجُـرْمَ مِنِّي ... هُوَ الإِسْلَامَ فِي زَمَنِ اللِّئَامِ غَدَا الإِسْلَامُ جُرْمًا عِنْدَ قَوْمٍ ... فَإِنِّي اليَوْمَ عَنْ جُرْمِي أُحَامِي هُمُ الأَنْجَاسُ مِنْ أَحْفَادِ كِسْرَى ... سَعَـوْا مِنَّا إِلَى شَرِّ انْتِقَامِ فَلَمْ يَنْسَوْا لَهُمْ ثَـأْرًا قَدِيمًا ... فَحِقْدُ القَوْمِ بَاقٍ فِي اضْطِرَامِ عَلَى الفَارُوقِ نَارُ الحِقْدِ تَغْلِي ... أَبِي حَفْصٍ وَأَكْرِمْ مِنْ إِمَامِ وَهَلْ يَنْسَى المَجُوسُ مَقَامَ سَعْدٍ ... يُفَلِّقُ بِالصَّوَارِمِ كُلَّ هَامِ؟ ضُحًى بِالقَادِسِيَّةِ حِينَ جَاءَتْ ... جُيُوشُ الفُرْسِ تَتْرَى كَالغَمَامِ فَيَلْقَاهُمْ كَلَيْثِ الغَابِ سَعْدٌ ... عَلَى البَلْقَاءِ يَضْرِبُ بِالحُسَامِ أُولَئِكَ هُمْ جُدُودِي لَيْتَ شِعْرِي ... فَهَلْ سِرْنَا عَلَى نَهْجِ الكِرَامِ تَنَكَّبْنَا السَّبِيلَ سَبِيلَ رُشْدٍ ... فَأَمْسَى الحَبْـلُ مِنَّا فِي انْصِرَامِ وَخَالَفْنَا لِخَيْرِ الرُّسْلِ دِينًا ... فَصِرْنَا بَعْدَ عِـزٍّ لِانْهِزَامِ نُقَادُ اليَوْمَ قَـوْدَ العَبْدِ ذُلًّا ... وَكُنَّا الآخِذِينَ عَلَى الزِّمَامِ تَأَخَّرْنَا لِعَجْـزٍ يَعْتَرِيـنَا ... وَكَمْ سِرْنَا دُهُورًا فِي الأَمَامِ غَدَوْنَا كَالرَّمِيَّةِ لَهْفَ نَفْسِي ... عَلَيْهَا الكُلُّ يَرْمِي بِالسِّهَامِ كَأَنَّا قَصْعَةٌ بُذِلَتْ وَهَانَتْ ... فَجَاءَ الكُفْرُ يَسْعَى لِاقْتِسَامِ فَلَيْسَ الخَطْبُ خَطْبَ الشَّامِ كَلَّا ... بِلَادُ العُرْبِ طُرًّا مِثْلُ شَامِ كتبه محبّ الشّام وأهلها -عفا الله عنه- |
بوركت أبا ميمونة ....قصيدة رائعة
|
لا حول ولا قوة إلا بالله
قصيدة والله يتقطع منها القلب ويتمزق منها الفؤاد، على ما يحدث في بلاد الشام من شدة القهر والألم والإحتياج ، والله ما نملك لهم إلا الدعاء ، فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرفع عنهم هذا البلاء والهم والغم وأن يفرج عنهم عاجلا وأن يصب عليهم الخير صبا إنه ولي ذلك والقادر عليه . أحسن الله إليك أخي أبا ميمونة وجزاك خيرا على تعاطفك وتألمك مع بلاد سوريا ، ردها الله عليها امنها وإسقرارها ..أمين |
جزاك الله خيرا شاعر الشّام وأهلها.
|
جزاك الله خيرا أخي منور - على هذه الأحاسيس الصادقة إتجاه أهلنا بالشام -
لا نملك لهم إلا الدعاء فهي خير السهام. |
صدقت
جزاك الله خيرا |
بارك الله فيك أبا ميمونة .... رائعة والله
والشكر لابي معاذ على التعديل ... فأنت اجل مما كتبت وما بيدك ولا بأيدينا من شيء غير الدعاء ، والله يجزي بعدله من كان السبب |
شكرٌ وامتنانٌ.
جزيتم خيرا أيّها الأحبّة، أشكر لكم اهتمامكم..
|
لا حول ولا قوة إلا بالله
|
حسبنا الله ونعم الوكيل
|
(لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَنْسَى)
جزاك الله خيرا وبارك فيك . |
جزاك الله خيرًا أبا ميمونة .
|
جزاك الله خيرا
|
لا حول ولا قوة إلا بالله، نسأل الله تبارك وتعالى أن يردنا إلى دينه ردا جميلا.
بارك الله فيك أخي منور وجعل ما خطت يمينك في ميزان حسناتك. |
الساعة الآن 09:10 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013