منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   في موجب التخصيص والتفضيل بين الأولاد في العطيَّة للشيخ فركوس (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=10679)

يوسف صفصاف 27 May 2013 12:51 AM

في موجب التخصيص والتفضيل بين الأولاد في العطيَّة للشيخ فركوس
 
السؤال:
امرأةٌ توفِّي والدُها في الثورة الجزائرية ضدَّ فرنسا تاركًا ثلاثَ بناتٍ وثلاثةَ ذكورٍ، وبعد مقتله تزوَّجت أمُّها من رجلٍ آخَرَ هو أخ الزوج المتوفَّى فأنجبت منه عدَّةَ أولادٍ، وهذه الوالدة تتقاضى حاليًّا راتبًا شهريًّا معتبرًا منحته الدولة لها لكون زوجها مات في الثورة، وهي تعطي أبناءَها من الزوج الثاني فقط دون أولادها من زوجها المقتول، مع العلم أنَّ الدولة منحت لكلِّ واحدٍ من أبناء الزوج الأوَّل منحةً كذلك، فهل عملها صحيحٌ أم لا؟ وهل يحقُّ لأولادها من الزوج الأوَّل المطالبةُ بحقِّهم؟ علمًا أنَّ المسألة نَحَتْ منحًى خطيرًا وتكاد تُحدث فتنةً بين أبناء الزوج الأوَّل وأبناء الزوج الثاني، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فيجب على الواهب العدلُ بين أولاده جميعًا في العطيَّة ذكرِهم وأنثاهم لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ»(١)، ولقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم للبشير بن سعدٍ رضي الله عنه: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟» قَالَ: «بَلَى» قَالَ: «فَلاَ إِذًا»(٢)، وفي روايةٍ: «هَلْ لَكَ بَنُونَ سِوَاهُ؟» قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: «سَوِّ بَيْنَهُمْ»(٣)، وصفة العدل والتسوية بين الأولاد أن يُعطى للذكر ضعفُ قدر ما يعطى للأنثى على صورة قسمة المواريث على الراجح، إذ هذه الصفة كانت معروفةً في العهود المفضَّلة، قال عطاءٌ: «لاَ نَجِدُهُمْ كَانُوا يَقْسِمُونَ إِلاَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ»(٤)، وهو خبرٌ عن جميعهم.
هذا، وموجِب المنع من التخصيص والتفضيل بين الأولاد ما إذا اشتركوا فيما لهم فيه حاجةٌ من نفقةٍ وتزويجٍ وتكسُّبٍ ونحو ذلك، فإنَّ التخصيص والتفضيل -على سبيل الأَثَرة- مُنافٍ للتقوى، وهو من الجَوْر والظلم، وهو ذريعةٌ إلى العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم نتيجةَ الإحساس بالتفاضل السلبيِّ والحرمان والتهميش.
أمَّا إذا وُجد موجِب التخصيص والتفضيل بين الأولاد لمسوِّغٍ شرعيٍّ يدعو إلى ذلك كأن يكون أحد الأولاد مريضًا محتاجًا لمصاريف العلاج والآخرون ليسوا كذلك، أو كان ذا عاهةٍ لا يعمل معها، أو ذا عائلةٍ لا يغطِّي حاجياتِها والباقون أغنياءُ ليسوا مِثْلَه، أو كان زَمِنًا أو أعمى أو طالبَ علم متفرِّغًا له دون بقيَّة الأولاد المنشغلين بالتكسُّب والاسترزاق، فإن فضَّل لشيءٍ من هذه المقاصد أو خصَّص فلا حرج في ذلك، والعدلُ -في هذا الجانب- أن يُعطى كلُّ واحدٍ بحسَب ما يحتاج إليه، وينبغي التفريق بين محتاجٍ قليلٍ أو كثيرٍ، ويشهد له تفضيل أبي بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنه ابنتَه عائشةَ رضي الله عنها بجُذَاذِ عشرين وَسْقًا نحلها إيَّاها دون بقيَّة أولاده(٥)، وتفضيلُ عمر رضي الله عنه ابنَه عاصمًا بعطيَّةٍ منحها له، وتفضيلُ عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه ولدَ أمِّ كلثومٍ بنتِ عقبةَ بن أبي مُعَيْطٍ، واشتهر ذلك عند الصحابة ولم يَرِدْ نكيرٌ، فكان ذلك إجماعًا على جوازه للمعاني السالفة البيان.
كما يجوز التخصيص والتفضيل -من جهة أخرى- إذا رضي أولادُه غيرُ الموهوبِ لهم بما خصَّه والدُهم للبعض المعطى لهم لانتفاء المعنى الذي من أجله مُنع التخصيص.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
الجزائر: ١٢ رجب ١٤٣٤ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٢ مـاي ٢٠١٣م

(١) أخرجه البخاري في «الهبة» باب الإشهاد في الهبة (٢٥٨٧)، ومسلم في «الهبات» (١٦٢٣)، من حديث النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما.

(٢) أخرجه مسلم في «الهبات» (١٦٢٣)، من حديث النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما.

(٣) أخرجه النسائي في «النحل» باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر النعمان بن بشير في النُّحْل (٣٦٨٦)، من حديث النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما، وصحح الألباني إسناده في «صحيح سنن النسائي».

(٤) أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٨/ ٣٤٨)، وعبد الرزَّاق في «المصنَّف» (١٦٤٩٩)، وإسناده صحيحٌ إلى عطاء، انظر: «التحجيل في تخريج ما لم يخرَّج من الأحاديث والآثار في إرواء الغليل».

(٥) انظر: «شرح معاني الآثار» للطحاوي (٤/ ٨٨)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (٦/ ٢٨٠).

فتحي إدريس 27 May 2013 10:40 AM

جزاكم الله خيرًا، وحفظ الله الشَّيخ العلَّامة أبا عبد المعزِّ، وجزاه خير الجزاء.

أبو حفص محمد ضيف الله 28 May 2013 11:15 AM

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا .
الحمد لله على الجواب والتفصيل فالأمر فعلا أحدث شقاقا بين الإخوة .
حفظ الله الوالد الشيخ فركوس .

أبوعبد الله مهدي حميدان السلفي 28 May 2013 03:11 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حفص محمد ضيف الله (المشاركة 38334)
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا .
الحمد لله على الجواب والتفصيل فالأمر فعلا أحدث شقاقا بين الإخوة .
حفظ الله الوالد الشيخ فركوس .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزااكم الله خيرا

أبو عبد البر علي قارة 28 May 2013 10:31 PM

بارك الله فيكم


الساعة الآن 04:59 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013