بعض مسائل التي خالف فيها ابن هشام الأنصاري المدرسة الكوفية - المسألة الرابعة -
﴿ مسألة: هل يجوز العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض ؟﴾
1- مذهب الكوفيين: ذهب الكوفيون في هذه المسألة إلى جواز العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض بل ذهبوا إلى وجوب عطف الضمير المخفوض نحو: "مررت بك وزيد " قالوا : والدليل على الجواز أنه قد جاء في التنزيل وكلام العرب ، قال تعالى :﴿ واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ﴾(1) ، بالخفض وهي قراءة أحد القراء السبعة : حمزة الزيات وقراءة إبراهيم النخعي وقتادة ويحيى بن وتاب والأعمش ، ورواية الأصفهاني ، والحلبي عن عبد الوارث ، وقال تعالى :﴿ و يستفتونك في النساء قل الله يستفتيكم فيهن ، وما يتلى عليكم ﴾(2) ، فـ "ما" في موضع خفض لأنه عطف على الضمير المخفوض في" فيهن " قال الله تعالى :﴿ لكن الراسخون في العلم منهم المؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ، والمقيمين الصلاة﴾ (3) ، فالمقيمين في موضع خفض بالعطف على الكاف "إليك "والتقدير فيه " يؤمنون بما أنزل إليك وإلى المقيمين الصلاة يعني من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام" . ويجوز أيضا أن يكون عطفا على الكاف في " قبلك " والتقدير فيه " ومن قبل المقيمين الصلاة " يعني من أمتك ، وقال تعالى :﴿ وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام ﴾ (4) فعطف المسجد الحرام على الهاء من" به" . وأما ما احتجوا به من كلام العرب فقول الشاعر: فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا فاذهب فما بك والأيام من عجب فالأيام خفض بالعطف على الكاف في "بك" والتقدير " بك و بالأيام " . وقال آخر : اكر على الكتيبة لا أبالي أفيها كان حتفي أم سواها فعطف سواها بـ : "أم " على الضمير فيها والتقدير" أم في سواها " . وهذا جملة ما استشهد واحتج به الكوفيون على صحة ما ذهبوا إليه ، وإليك أخي الطالب ما ذهب إليه ابن هشام . 2- مذهب ابن هشام فابن هشام تابع البصريين في شرح اللمحة البدرية فقال : " وجب إعادة الجر نحو : فقال لها وللأرض "(5) ، ولكنه تابع الكوفيين في شرح الشذور قال: "ومثال العطف على الضمير المخفوض بعد إعادة الخافض قوله تعالى ﴿ فقال لها وللأرض ﴾(6) و﴿ قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ﴾(7) و ﴿ وعليها وعلى الفلك تحملون ﴾ ولا يجب ذلك خلافا لأكثر البصريين ، بدليل قراءة حمزة رحمه الله ﴿واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ﴾(8) بخفض الأرحام وحكاية قطرب " ما فيها غيره وفرسه " وفي كتابه " أوضح المسالك " تابع الكوفيين أيضا ونصر مذهبهم قال :" ولا يكثر العطف على الضمير المخفوض إلاّ بإعادة الخافض ، حرفا كان أو اسما نحو : ﴿ فقال لها وللأرض ﴾ (9) ﴿قال نعبد إلهك وإله آبائك ﴾(10) وليس بلازم وفقا ليونس و الأخفش و الكوفيين ، بدليل قراءة ابن عباس – رضي الله عنه – والحسن وغيرهما ﴿ تساءلون به والأرحام ﴾(11) وحكاية قطرب " ما فيها غيره وفرسِهِ " قيل ومنه ﴿ وصدٌ عن سبيل الله وكفرٌ به والمسجدِ الحرام ﴾(12) . إذ ليس العطف على السبيل ، لأنه صلة المصدر وقد عطف عليه " كفر" ولا يعطف على المصدر حتى تكمل معمولاته )(13) فابن هشام قد تابع ابن مالك ، فهو يتابعه في كثير من المسائل ، وهذه إحدى المسائل وهذا يبرز مدى تأثر ابن هشام بابن مالك فابن هشام لم يثبت على هذا القول ، ففي مغني اللبيب تابع البصريين فقال : " في قراءة حمزة ﴿ وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام ﴾(14) الصواب أن خفض " المسجد " بباء محذوفة لدلالة ما قبلها عليها ، لا بالعطف ، ومجموع الجار و المجرور عطف على " به " ولا يكون خفض المسجد بالعطف على الهاء ، لأنه لا يعطف على الضمير المخفوض إلاّ بإعادة الخافض ." (15) ________________________________________ 1-سورة النساء الآية :1. 2- سورة النساء الآية :127. 3- سورة النساء الآية :162. 4- سورة البقرة الآية 217 5- ابن هشام :شرح اللمحة البدرية ، ص: 306. 6-سورة فصلت الآية 11. 7- سورة الأنعام الآية 64. 8- سورة النساء الآية 01. 9-سورة فصلت الآية 11. 10-سورة البقرة الآية 133. 11- سورة النساء الآية 01. 12-سورة البقرة الآية 217. 13- ابن هشام ، أوضح المسالك ، ص: 348. 14- سورة البقرة الآية 217. 15- ابن هشام ، مغني اللبيب ،ص:596. |
الساعة الآن 06:29 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013