منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   لنطلب هذا -معا- قبل طلب العلم (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=590)

أبو عبد الرحمن الحراشي 19 Nov 2007 12:30 AM

جزاك الله خيرا

أبو نعيم إحسان 19 Nov 2007 03:44 PM

آمين ؛ و إياك أخي

أبو عبد الرحمن حمزة 19 Nov 2007 04:27 PM

جزاك الله خيرا

أبو نعيم إحسان 19 Nov 2007 10:58 PM

آمين ؛ و بارك الله فيك


ومن أهم فضائل العلم ما يلي:


1- أنه إرث الأنبياء ؛ فالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – لم يورثوا درهماًَ ولا ديناراً وإنما ورثوا العلم ؛ فمنْ أخذ بالعلم , فقد أخذ بحظ وافر من إرث الأنبياء ؛ فأنت الآن في القرن الخامس عشر إذا كنت من أهل العلم ترث محمداً -صلى الله عليه وسلم- وهذا من أكثر الفضائل.

2- أنه يبقى والمالي يفنى ؛ فهذا أبو هريرة - رضي الله عنه – من فقراء الصحابة حتى إنه يسقط من الجوع كالمغمي عليه ؛ وأسألكم بالله , هل يجري لأبي هريرة ذكر بين الناس في عصرنا أم لا ؟ نعم يجري كثيرا فيكون لأبي هريرة أجر من انتفع بأحاديثه ؛ إذ العلم يبقى والمال يفنى ؛ فعليك يا طالب العلم أن تستمسك بالعلم ؛ فقد ثبت في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (( إذا مات الإنسان، انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )) (1)

3- أنه لا يتعب صاحبه في الحراسة ؛ لأنه إذا رزقك الله علماً فمحله في القلب لا يحتاج إلى صناديق أو مفاتيح أو غيرها، هو في القلب محروس، وفي النفس محروس، وفي الوقت نفسه هو حارس لك ؛ لأنه يحميك من الخطر بإذن الله – عز وجل – فالعلم يحرسك ؛ ولكن المال أنت تحرسه تجعله في صناديق وراء الإغلاق، ومع ذلك تكون غير مطمئن عليه.

4- أن الإنسان يتوصل به إلى أن يكون من الشهداء على الحق ؛ والدليل قوله تعالي: ) شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ ((آل عمران: الآية18). فهل قال: (( أولو المال))؟ لا، بل قال : (( وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ (( فيكفيك فخراً يا طالب العلم أن تكون ممن شهد لله أنه لا إله إلا هو مع الملائكة الذين يشهدون بوحدانية الله – عز وجل –

5- أن أهل العلم هو أحد صنفي ولاة الأمر الذين أمر الله بطاعتهم في قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (( (النساء:الآية59). فإن ولاة الأمور هنا تشمل ولاة الأمور من الأمراء والحكام، والعلماء وطلبة العلم ؛ فولاية أهل العلم في بيان شريعة الله ودعوة الناس إليها وولاية الأمراء في تنفيذ شريعة الله وإلزام الناس بها.

6- أن أهل العلم هو القائمون على أمر الله –تعالى- حتى تقوم الساعة ؛ ويستدل لذلك بحديث معاوية – رضى الله عنه – يقول: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ؛ وإنما أنا قاسم والله يعطي ؛ ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله )) (2) . وقد قال الإمام أحمد عن هذه الطائفة: " إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم ". وقال القاضي عياض – رحمه الله - : " أراد أحمد أهل السنة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث ".

7- أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يرغب أحداً أن يغبط أحداً على شيء من النعم التي أنعم الله بها إلا على نعمتين هما: أ- طلب العلم والعمل به. ب- التاجر الذي جعل ماله خدمة للإسلام. فعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (( لا حسد إلا في اثنتين: رجل أتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلمها)) (3)

8- ما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكان منها طائفة طيبة، قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعُشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ؛ وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تُمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقُُه في دين الله ونفعهُ ما بعثني الله به ؛ فعلم وعلم ؛ ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ، ولم يقبل هُدى الله الذي أرسلتُ به)) (4) .

9- أنه طريق الجنة كما دل على ذلك حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: (( ومن سلك طريقا يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة. )) (5) .

10- ما جاء في حديث معاوية – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من يرد الله به خيراً يُفقهه في الدين )) (6). أي يجعله فقيهاً في دين الله – عز وجل - ؛ والفقه في الدين ليس المقصود به فقه الأحكام العملية المخصوصة عند أهل العلم بعلم الفقه فقط ؛ ولكن المقصود به هو: علم التوحيد، وأصول الدين، وما يتعلق بشريعة الله – عز وجل - ؛ ولو لم يكن من نصوص الكتاب والسنة إلا هذا الحديث في فضل العلم لكان كاملاً في الحثً على طلب علم الشريعة والفقه فيها. 11- أن العلم نور يستضيء به العبد ؛ فيعرف كيف يعبد ربه، وكيف يعامل عباده، فتكون مسيرته في ذلك على علم وبصيرة.

12- أن العالم نور يهتدي به الناس في أمور دينهم ودنياهم ؛ ولا يخفى على كثير منّا قصة الرجل الذي من بني إسرائيل قتل تسعا ًوتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عابد فسأله هل له من توبة فكان العابد استعظم الأمر فقال: لا . فقتله فأتم به المائة ؛ ثم ذهب إلى عالم فسأله فأخبره أن له توبة وأنه لاشيء يحول بينه وبين التوبة ؛ ثم دله على بلد أهله صالحون ليخرج إليها ؛ فخرج فأتاه الموت في أثناء الطريق.والقصة مشهورة(7). فانظر الفرق بين العالم والجاهل.

13- أن الله يرفع أهل العلم في الآخرة وفي الدنيا . أما في الآخرة فإن الله يرفعهم درجات بحسب ما قاموا به من الدعوة إلى الله – عز وجل – والعمل بما علمـوا ؛ وفي الدنيا يرفعهم الله بين عبـاده بحسب ما قاموا به؛ قال الله تعالى: (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )) (المجادلة: الآية11).


-------------------------------

(1) أخرجه مسلم، كتاب الوصية ، باب : ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته.

(2) البخاري، كتاب العلم، باب: من يرد الله به خيراً ومسلم، كتاب الزكاة، باب: النهي عن المسألة.

(3) أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب الاغتباط في العلم والحكمة، ومسلم ، كتاب الصلاة ، باب: فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه.

(4)
أخرجه البخاري ، كتاب العلم، باب: فضل من علم وعمل ، ومسلم، كتاب الفضائل ، باب: مثل مابعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم.

(5)
أخرجه مسلم ، كتاب الدعوات ، باب : فضل الاجتماع على تلاوة القرآن.

(6)
تقدم تخريجه.

(7)
أخرجها البخاري، كتاب الأنبياء، باب ما ذكر من بني إسرائيل ، ومسلم، كتاب التوبة، باب: قبول توبة القاتل

أبو نعيم إحسان 20 Nov 2007 07:44 PM

الفصل الثالث
حكم طلب العلم

طلب العلم الشرعي فرض كفاية ؛ إذا قام به من يكفي صار في حق الآخرين سنة ؛ وقد يكون طلب العلم واجباً على الإنسان عيناً -أي فرض عين- وضابطه أن يتوقف عليه معرفة عبادة يريد فعلها أو معاملة يريد القيام بها ؛ فإنه يجب عليه في هذه الحال أن يعرف كيف يتعبد لله بهذه العبادة وكيف يقوم بهذه المعاملة ؛ وما عدا ذلك من العلم ففرض كفاية ؛ وينبغي لطالب العلم أن يشعر نفسه أنه قائم بفرض كفاية حال طلبه ليحصل له ثواب فاعل الفرض مع التحصيل العلمي.

ولا شك أن طلب العلم من أفضل الأعمال ، بل هو من الجهاد في سبيل الله ؛ ولاسيما في وقتنا هذا حين بدأت البدع تظهر في المجتمع الإسلامي وتنتشر وتكثر، وبدأ الجهل الكثير ممن يتطلع إلى الإفتاء بغير علم ؛ وبدأ الجدل من كثير من الناس ؛ فهذه ثلاثة أمور كلها تحتم على الشباب أن يحرص على طلب العلم :


أولا: بدع بدأت تظهر شرورها.
ثانيًا: أناس يتطلعون إلى الإفتاء بغير علم.
ثالثاً: جدل كثير في مسائل قد تكون واضحة لأهل العلم لكن يأتي من يجادل فيها بغير علم.

فمن أجل ذلك فنحن في ضرورة إلى أهل علم عندهم رسوخ وسعة اطلاع، وعندهم فقه في دين الله، وعندهم حكمة في توجيه عباد الله ؛ لأن كثيراً من الناس الآن يحصلون على علم نظري في مسألة من المسائل ولا يهمهم النظر إلى إصلاح الخلق وإلى تربيتهم , وأنهم إذا أفتوا بكذا وكذا صار وسيلة إلى شر أكبر لا يعلم مداه إلا الله.

أبو نعيم إحسان 21 Nov 2007 09:54 PM

في آداب طالب العلم والأسباب المعينة على تحصيله
الفصل الأول
آداب طالب العلم

طالب العلم لابد له من التأدب بآداب، نذكر منها :

الأمر الأول : إخلاص النية لله - عز وجل -:
بأن يكون قصده بطلب العلم وجه الله والدار الآخرة ؛ لأن الله حثَّ عليه ورغَّب فيه ، فقال تعالى: (( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ )) (محمد: الآية19) ؛ والثناء على العلماء في القرآن معروف؛ وإذا أثنى الله على شيء أو أمر به صار عبادة.
إذن فيجب الإخلاص فيه لله بأن ينوي الإنسان في طلب العلم وجه الله – عز وجل – ؛ وإذا نوى الإنسان بطلب العلم الشرعي أن ينال شهادة ليتوصل بها إلى مرتبة أو رتبة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (( من تعلم علماً يبتغي به وجه الله – عز وجل – لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا ,لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) – يعني ريحها - (1) ؛ وهذا وعيد شديد.
لكـن لو قال طالب العلم:" أنا أريد أن أنال الشهادة لا من أجل حظ من الدنيا، ولكن لأن النظم أصبح مقياس العالم فيها شهادته " فنقول: إذا كانت نية الإنسان نيل الشهادة من أجل نفع الخلق تعليمًا أو إدارة أو نحوها، فهذه نية سليمة لا تضره شيئاً ؛ لأنها نية حق.
وإنما ذكرنا الإخلاص في أول آداب طالب العلم , لأن الإخلاص أساس ؛ فعلى طالب العلم أن ينوي بطلب العلم امتثال أمر الله – عز وجل – , لأن الله - عز وجل – أمر بالعلم فقال تعالى : (( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ )) (محمد: الآية 19) فأمر بالعلم ؛ فإذا تعلمت فإنك ممتثل لأمر الله – عز وجل - .


الأمر الثاني: رفع الجهل عن نفسه وعن غيره :
أن ينوي بطلب العلم رفع الجهل عن نفسه وعن غيره ؛ لأن الأصل في الإنسان الجهل ، ودليل ذلك قوله
تعالى: (( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون )) (النحل:78) . والواقع يشهد بذلك ؛ فتنوي بطلب العلم رفع الجهل عن نفسك وبذلك تنال خشية الله (( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )) (فاطر، الآية:28) فتنوي رفع الجهل عن نفسك لأن الأصل فيك الجهل ؛ فإذا تعلمت وصرت من العلماء انتفى عنك الجهل ؛ وكذلك تنوي رفع الجهل عن الأمة ويكون ذلك بالتعليم بشتى الوسائل لتنفع الناس بعلمك.
وهل من شرط نفع العلم أن تجلس في المسجد في حلقة ؟
أو يمكن أن تنفع الناس بعلمك في كل حال ؟
الجواب: بالثاني ؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (( بلغوا عني ولو آية )) (2)
لأنك إذا علمت رجلاً علماً وعلّمه رجلاً آخر صار لك أجر رجلين ؛ ولو علم ثالثا صار لك أجر ثلاثة وهكذا ؛ ومن ثم صار من البدع أن الإنسان إذا فعل عبادة قال: " اللهم اجعل ثوابها لرسول الله " ؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الذي علمك بها , وهو الذي دلّك عليها فله مثل أجرك.
قال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى -: " العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته ". قالوا : كيف ذلك ؟ " ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره " ؛ لأن الأصل فيهم الجهل كما هو الأصل فيك ؛ فإذا تعلمت من أجل أن ترفع الجهل عن هذه الأمة كنت من المجاهدين في سبيل الله الذين ينشرون دين الله.

الأمر الثالث: الدفاع عن الشريعة:

أن ينوي بطلب العلم الدفاع عن الشريعة ؛ لأن الكتب لا يمكن أن تدافع عن الشريعة، ولا يدافع عن الشريعة إلا حامل الشريعة ؛ فلو أن رجلاً من أهل البدع جاء إلى مكتبة حافلة بالكتب الشرعية فيها ما لا يحصى من الكتب، وقام يتكلم ببدعة ويقررها فلا أظن أن كتاباً واحداً يرد عليه ؛ لكن إذا تكلم عن عند شخص من أهل العلم ببدعته ليقررها , فإن طالب العلم يرد عليه ويدحض كلامه بالقرآن والسنة.
فعلى طالب العلم أن ينوى بطلب العلم الدفاع عن الشريعة ؛ لأن الدفاع عن الشريعة لا يكون إلا برجالها كالسلاح تماماً ؛ لو كان عندنا أسلحة ملأت خزائنها فهل هذه الأسلحة تستطيع أن تقوم من أجل أن تلقي قذائفها على العدو؟ أو لا يكون ذلك إلا بالرجال ؟
فالجواب: لا يكون ذلك إلا بالرجال، وكذلك العلم.
ثم إن البدع تتجدد ؛ فقد توجد بدع ما حدثت في الزمن الأول ولا توجد في الكتب ؛ فلا يمكن أن يدافع عنها إلا طالب العلم، ولهذا أقول: إن ما تجب مراعاته لطالب العلم الدفاع عن الشريعة
إذن فالناس في حاجة ماسة إلى العلماء , لأجل أن يردوا على كيد المبتدعين وسائر أعداء الله – عز وجل – ولا يكون ذلك إلا بالعلم الشرعي المتلقَّى من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- .



---------------------------------
(1) أخرجـه الإمام أحمد ج 2 ص 338، وأبوداود ، كتاب العلم، باب: طلب العلم لغير الله تعالى. وابن ماجه، المقدمة، باب: الانتفاع بالعلم والعمل به، والحاكم في (( المستدرك)) (1 / 160)، وابن أبي شيبة في (( المصنف)) (8 , 543)، قال الحاكم : حديث صحيح سنده ثقات.

(2) أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء ، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل

ابوعبدالله الجزائري 21 Nov 2007 10:19 PM

واصل وصلك الله برضوانه واوصلك الى جنته .

معبدندير 21 Nov 2007 10:32 PM

بارك الله فيك

أبو نعيم إحسان 21 Nov 2007 11:33 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوعبدالله الجزائري (المشاركة 2647)
واصل وصلك الله برضوانه واوصلك الى جنته .

آمين ؛ و بارك الله فيك أخي

و فيك بارك الله أخي نذير

بدرالدين أبو أمين 22 Nov 2007 05:00 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله عنا كل خير وأسأل الله أن يبارك في مجهودك هدا وأن يجعله في ميزان حسناتك ونحنوا
من المتابعين ان شاء الله

أبو نعيم إحسان 22 Nov 2007 11:39 PM

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

آمين ؛ و بارك الله فيك أخي الكريم

أبو نعيم إحسان 22 Nov 2007 11:56 PM

الأمر الرابع: رحابة الصدر في مسائل الخلاف:
أن يكون صدره رحباً في مواطن الخلاف الذي مصدره الاجتهاد , لأن مسائل الخلاف بين العلماء ؛ أما أن تكون مما لا مجال للاجتهاد فيه , ويكون الأمر فيها واضحاً فهذه لا يعذر أحد بمخالفتها ؛ وإما أن تكون مما للاجتهاد فيها مجال فهذه يعذر فيها من خالفها ؛ ولا يكون قولك حجة على من خالفك فيها؛ لأننا لو قلنا ذلك لقلنا بالعكس قوله حجة عليك.
وأنا أريد بهذا ما للرأي فيه مجال، ويسع الإنسان فيه الخلاف ؛ أما من خالف طريق السلف كمسائل العقيدة فهذه لا يقبل من أحد مخالفة ما كان عليه السلف الصالح ؛ لكن في المسائل الأخرى التي للرأي فيها مجال فلا ينبغي أن يتُخذ من هذا الخلاف مطعنٌ في الآخرين ، أو يتُخذ منها سببٌ للعداوة والبغضاء .
فالصحابة – رضي الله عنهم – يختلفون في أمور كثيرة ؛ ومن أراد أن يطلع على اختلافهم فليرجع إلى الآثار الواردة عنهم يجد الخلاف في مسائل كثيرة ؛ وهي أعظم من المسائل التي اتخذها الناس هذه الأيام ديدناً للاختلاف حتى اتخذ الناس من ذلك تحزباً بأن يقولوا: أنا مع فلان وأنا مع فلان كأن المسألة مسألة أحزاب فهذا خطأ.
من ذلك -مثلاً - كأن يقول أحد إذا رفعت من الركوع فلا تضع يدك اليمنى على اليسرى، بل أرسلها إلى جنب فخذيك فإن لم تفعل فأنت مبتدع.
كلمة مبتدع ليست هينة على النفس ؛ إذا قال لي هذا سيحدث في صدري شيء من الكراهية , لأن الإنسان بشر ؛ ونحن نقول هذه المسألة فيها سعة إما أن يضعها أو يرسلها ؛ ولهذا نص الإمام أحمد – رحمه الله – على أنه يخيّر بين أن يضع يده اليمنى على اليسرى وبين الإرسال , لأن الأمر في ذلك واسع ؛ ولكن ما هي السنة عند تحرير هذه المسألة؟
فالجواب: السنة أن تضع يدك اليمنى على اليسرى إذا رفعت من الركوع كما تضعها إذا كنت قائماً ؛ والدليل فيما رواه البخاري عن سهل بن سعد قال:(( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة )) (1) فلتنظر هل يريد بذلك في حال السجود؟ أو يريد بذلك في حال الركوع أو يريدذلك في حال القعود ؟ لا بل يريد بذلك في حالة القيام وذلك يشمل القيام قبل الركوع والقيام بعد الركوع ؛ فيجب أن لا نأخذ من هذا الخلاف بين العلماء سبباً للشقاق والنزاع ؛ لأننا كلنا نريد الحق وكلنا

فعل ما أدّاه اجتهاده إليه ؛ فما دام هكذا فإنه لا يجوز أن نتخذ من ذلك سبباً للعداوة والتفرق بين أهل العلم ؛ لأن العلماء لم يزالوا يختلفون حتى في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم -.
إذن فالواجب على طلبة العلم أن يكونوا يداًَ واحدة ، ولا يجعلوا مثل هذا الخلاف سبباً للتباعد والتباغض ؛ بل الواجب إذا خالفت صاحبك بمقتضى الدليل عندك، خالفك هو بمقتضى الدليل عنده أن تجعلوا أنفسكم على طريق واحد، وأن تزداد المحبة بينكما.
ولهذا فنحن نحب ونهنىء شبابنا الذين عندهم الآن اتجاه قوي إلى أن يقرنوا المسائل بالدلائل وأن يبنوا علمهم على كتاب الله وسنة رسوله ؛ نرى أن هذا من الخير وأنه يبشر بفتح أبواب العلم من مناهجه الصحيحة ؛ ولا نريد منهم أن يجعلوا ذلك سببا للتحزب والبغضاء ؛ وقد قال الله لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- : (( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ )) (الأنعام: الآية: 159) فالذين يجعلون أنفسهم أحزاباً يتحزبون إليها لا نوافقهم على ذلك لأن حزب الله واحد ؛ ونرى أن اختلاف الفهم لا يوجب أن يتباغض الناس وأن يقع في عرض أخيه.
فيجب على طلبة العلم أن يكونوا إخوة ، حتى وإن اختلفوا في بعض المسائل الفرعية ؛ وعلى كل واحد أن يدعو الآخر بالهدوء والمناقشة التي يُراد بها وجه الله والوصول إلى العلم ؛ وبهذا تحصل الألفة، ويزول هذا العنت والشدة التي تكون في بعض الناس ؛ حتى قد يصل بهم الأمر إلى النزاع والخصام ؛ وهذا لا شك يفرح أعداء المسلمين والنزاع بين الأمة من أشد ما يكون في الضرر قال الله تعالى: (( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )) ( الأنفال، الآية:46) .
وكان الصحابة- رضي الله عنهم – يختلفون في مثل هذه المسائل، ولكنهم على قلب واحد، على محبة وائتلاف ؛ بل إني أقول بصراحة : إن الرجل إذا خالفك بمقتضى الدليل عنده , فإنه موافق لك في الحقيقة , لأن كلاً منكما طالب للحقيقة ؛وبالتالي فالهدف واحد وهو الوصول إلى الحق عن دليل ؛ فهو إذن لم يخالفك ما دمت تقرّ أنه إنما خالفك بمقتضى الدليل عنده ؛ فأين الخلاف؟ وبهذه الطريقة تبقى الأمة واحدة وإن اختلفت في بعض المسائل لقيام الدليل عندها ؛ أما مَنْ عاند وكابر بعد ظهور الحق فلا شك أنه يجب أن يعامل بما يستحقه بعد العناد والمخالفة، ولكل مقام مقال.

--------------
(1) أخرجه البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب: وضع اليمنى على اليسرى، ولفظه: (( عن سهل بن سعد قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة))

أبو نعيم إحسان 30 Nov 2007 05:31 PM

الأمر الخامس: العمل بالعلم
أن يعمل طالب العلم بعلمه عقيدة وعبادة، وأخلاقاً وآداباً ومعاملةً , لأن هذا هو ثمرة العلم وهو نتيجة العلم ؛ وحامل العلم كالحامل لسلاحه، إما له وإما عليه ؛ ولهذا ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (( القرآن حجة لك أو عليك)) (1)؛ لك إن عملت به، وعليك إن لم تعمل به ؛ وكذلك يكون العمل بما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بتصديق الأخبار وامتثال الأحكام ، إذا جاء الخبر من الله ورسوله فصدقه وخذه بالقبول والتسليم ولا تقل: لم؟ وكيف؟ ؛ فإن هذا طريقة غير المؤمنين فقد قال الله تعالى: (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً )) (الأحزاب الآية :36) .
والصحابة كان النبي -صلى الله عليهوسلم- يحدثهم بأشياء قد تكون غريبة وبعيدة عن أفهامهم ؛ ولكنهم يتلقون ذلك بالقبول لا يقولون: لم؟ وكيف؟ ؛ بخلاف ما عليه المتأخرون من هذه الأمة، نجد الواحد منهم إذا حُدًث بحديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحار عقله فيه نجده يورد على كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- الإيرادات التي تستشف منها أنه يريد الاعتراض لا الاسترشاد ؛ ولهذا يحال بينه وبين التوفيق ؛ حتى يرد هذا الذي جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأنه لم يتلقه بالقبول والتسليم.
وأضرب لذلك مثلاً ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)) (2)
هذا الحديث حدّث به النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو حديث مشهور بل متواتر ؛ ولم يرفع أحد من الصحابة لسانه ليقول: يا رسول الله كيف ينزل؟ وهل يخلو منه العرش أم لا؟ وما أشبه ذلك ؛ لكن نجد بعض الناس يتكلم في مثل هذا ويقول كيف يكون على العرش وهو ينزل إلى السماء الدنيا؟ وما أشبه ذلك من الإيرادات التي يوردونها ؛ ولو أنهم تلقوا هذا الحديث بالقبول وقالوا إن الله – عز وجل – مستو على عرشه والعلو من لوازم ذاته ، وينزل كما يشاء- سبحانه وتعالى – لاندفعت عنهم هذه الشبهة ولم يتحيروا فيما أخبرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ربه.
إذن الواجب علينا أن نتلقى ما أخبر الله به ورسوله من أمور الغيب بالقبول والتسليم، وأن لا نعارضها بما يكون في أذهاننا من المحسوس والمشاهد ؛ لأن الغيب أمر فوق ذلك ؛ والأمثلة على ذلك كثيرة , لا أحب أن أطيل بذكرها، إنما موقف المؤمن من مثل هذه الأحاديث هو القبول والتسليم بأن يقول صدق الله ورسوله كما أخبر الله عن ذلك في قوله: (( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ )) (البقرة الآية: 285) .
فالعقيدة يجب أن تكون مبنية على كتاب الله وسنة رسوله ؛ وأن يعلم الإنسان أنه لا مجال للعقل فيها , لا أقول مدخل للعقل فيها، وإنما أقول لا مجال للعقل فيها ؛ إلا لأن ما جاءت به من نصوص في كمال الله شاهدة به العقول ؛ وإن كان العقل لا يدرك تفاصيل ما يجب لله من كمال , لكنه يدرك أن الله قد ثبت له كل صفة الكمال لابد أن يعمل بهذا العلم الذي منّ الله به عليه من ناحية العقيدة.
كذلك من ناحية العبادة، التعبد لله – عز وجل – وكما يعلم كثير منا أن العبادة مبنية على أمرين أساسين :
إحداهما: الإخلاص لله – عز وجل ـ .
والثاني: المتابعة للرسول
فيبني الإنسان عبادته على ما جاء عن الله ورسوله ، لا يبتدع في دين الله ما ليس منه لا في أصل العبادة، ولا في وصفها ؛ ولهذا نقول : لا بد في العبادة أن تكون ثابتة بالشرع في هيئتها، وفي مكانها، وفي زمانها، وفي سببها، لابد أن تكون ثابتة بالشرع في هذه الأمور كلها.
فلو أن أحداً أثبت شيئاً من الأسباب لعبادة تعبد الله بها دون دليل رددنا عليه ذلك، وقلنا: إن هذا غير مقبول؛ لأنه لابد أن يثبت بأن هذا سبب لتلك العبادة وإلا فليس بمقبول منه ؛ ولو أن أحداً شرع شيئاً من العبادات لم يأت به الشرع أو أتى بشيء ورد به الشرع لكن على هيئة ابتدعها أو في زمان ابتدعه، قلنا إنها مردودة عليك ؛ لأنه لابد أن تكون العبادة مبنية على ما جاء به الشرع ؛ لأن هذا هو مقتضى ما علّمك الله تعالى من العلم ألا تتعبد لله –تعالى- إلا بما شرع.
ولهذا قال العلماء إن الأصل في العبادات الحظر حتى يقوم دليل على المشروعية واستدلوا على ذلك بقوله: (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه )) (الشورى: الآية21) . وبقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما ثبت عنه في الصحيح من حديث عائشة – رضي الله عنها -: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) (3) .
حتى لو كنت مخلصا وتريد الوصول إلى الله، وتريد الوصول إلى كرامته - ولكنه على غير الوجه المشروع -فإن ذلك مردود عليك ؛ ولو أنك أردت الوصول إلى الله من طريق لم يجعله الله تعالى طريقا للوصول إليه فإن ذلك مردود عليه.
إذن فواجب طالب العلم أن يكون متعبداً لله –تعالى- بما علمه من الشرع لا يزيد ولا ينقص ؛ لا يقول إن هذا الأمر الذي أريد أن أتعبد لله به أمر تسكن إليه نفسي ويطمئن إليه قلبي وينشرح به صدري ؛ لا يقول هكذا , حتى لو حصل هذا فليزنها بميزان الشرع ؛ فإن شهد الكتاب والسنة لها بالقبول فعلى العين والرأس وإلا فإنه قد يزين له سوء عمله: (( َفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )) (فاطر: الآية8) .
كذلك لابد أن يكون عاملا بعلمه في الأخلاق والمعاملة ؛ والعلم الشرعي يدعو إلى كل خلق فاضل من الصدق، والوفاء ومحبة الخير للمؤمنين حتى قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) (4) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه )) (5) ؛ وكثير من الناس عندهم غيرة وحب للخير؛ ولكن لا يسعون الناس بأخلاقهم ظح نجد عنده شدة وعنف حتى في مقام الدعوة إلى الله – عز وجل- نجده يستعمل العنف والشدة ؛ وهذا خلاف الأخلاق التي أمر بها الله - عز وجل ـ.
واعلم أن حسن الخلق هو مما يقرب إلى الله – عز وجل – وأولى الناس برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأدناهم منه منزلة أحاسنهم أخلاقاً كما قال -صلى الله عليه وسلم- : (( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ؛ وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون)) . قالوا يا رسول الله ! قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال؟ ((المتكبرون)) (6)

(1) أخرجه مسلم ؛ كتاب الوضوء ، باب : فضل الوضوء.
(2) أخرجه البخاري ؛كتاب التهجد، باب: الدعاء والصلاة من الليل ، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل.
(3) رواه مسلم ؛ كتاب الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ، ورد محدثات الأمور.
(4) رواه البخاري ؛ كتاب الإيمان، باب: باب أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومسلم، كتاب الإيمان، باب:
الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير.
(5) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب: الأمر بالوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول . ونصة: عن عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: كنا مع رسـول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلاً فمنا من يصلح خباءه ومنـا من ينتصل، ومنـا من هو في جشره إذا نادي مُنادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (( أنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها. = وتجيء فتن يرقق بعضاً وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه ! فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه .ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يديه وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر فاضربوا عنق الآخر )).
(6) أخرجه الترمذي ؛ كتاب البر والصلة ، باب: ما جاء في معالي الأخلاق ، والإمام أحمد يلفظ (( إن من أحبكم أحسنكم خلقاً)) جـ 2 ص 189 ، والبغوي في (( شرح السنة )) جـ 12 ص 366، والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) وقال: (( رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح)).









عبدالكريم الجزائري 04 Dec 2007 11:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوعبدالله الجزائري (المشاركة 2647)
واصل وصلك الله برضوانه واوصلك الى جنته .

آمين .

كتاب قيم و التدارس شيق .

عبدالكريم الجزائري 04 Dec 2007 11:34 PM

و لابأس ببعض الأسئلة :
عندي إشكال في هده الجملة التي هي في أداب طالب العلم .. الأمر الثاني :

قال رحمه الله

(... لأنك إذا علمت رجلاً علماً وعلّمه رجلاً آخر صار لك أجر رجلين ؛ ولو علم ثالثا صار لك أجر ثلاثة وهكذا ؛ ومن ثم صار من البدع أن الإنسان إذا فعل عبادة قال: " اللهم اجعل ثوابها لرسول الله " ؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الذي علمك بها , وهو الذي دلّك عليها فله مثل أجرك.)

أبو نعيم إحسان 05 Dec 2007 11:57 PM

آمين , و بارك الله فيك اخي

أما عن سؤالك فالشيخ -رحمه الله - يقصد أنه صار من البدع أن يدعو إنسان فيقول " اللهم اكتب الأجر لحمد - صلى الله عليه و سلم - " و وجه كونها بدعة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سينال الأجر معك دون أن تدعو له , لأنه هو من بلغنا هذا العلم , فلا يحتاج إلى دعائنا له لنيل الأجر

أبو نعيم إحسان 06 Dec 2007 12:02 AM

الأمرالسادس: الدعوة إلى الله
أن يكون داعياً بعلمه إلى الله – عز وجل – يدعو في كل مناسبة في المساجد، وفي المجالس، وفي الأسواق وفي كل مناسبة ؛ هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن آتاه الله النبوة والرسالة ما جلس في بيته ، بل كان يدعو الناس ويتحرك ؛ وأنا لا أريد من طلبة العلم أن يكونوا نسخاً من كتب ، ولكني أريد منهم أن يكونوا علماء عاملين.


الأمر السابع: الحكمة
أن يكون متحلياً بالحكمة، حيث يقول الله تعالى : (( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً )) (البقرة: الآية269) ؛ والحكمة أن يكون طالب العلم مربياً لغيره بما يتخلق به من الأخلاق، وبما يدعو إليه من دين الله – عز وجل – ، بحيث يخاطب كل إنسان بما يليق بحاله ؛ وإذا سلكنا هذا الطريق حصل لنا خير كثير كما قال ربنا – عز وجل:- (( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً )) (البقرة: الآية269) .
والحكيم هو : الذي ينزل الأشياء منازلها ؛ لأن الحكيم مأخوذ من الإحكام وهو الإتقان ؛ وإتقان الشيء أن ينزله منزلته ؛ فينبغي -بل يجب- على طالب العلم أن يكون حكيماً في دعوته.

وقد ذكر الله مراتب الدعوة في قوله تعالى: (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) (النحل: الآية125) وذكر الله –تعالى- مرتبة رابعة في جدال أهل الكتاب فقال –تعالى-: (( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ )) (العنكبوت: الآية46) .فيختار طالب العلم من أساليب الدعوة ما يكون أقرب إلى القبول ؛ ومثال ذلك في دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- جاء أعرابي فبال في جهة من المسجد، فقام إليه الصحابة يزجرونه، فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ؛ ولما قضى بوله دعاه النبي وقال له: (( إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر ؛ إنما هي لذكر الله -عز وجل-، والصلاة، وقراءة القرآن )) (1) أو كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ؛ أرأيتم أحسن من هذه الحكمة؟ فهذا الأعرابي انشرح صدره واقتنع حتى إنه قال " اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحداً" .

وقصة أخرى عن معاوية بن الحكم السُلميّ ، قال: بيْنا أنا أصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ عطس رجل من القوم، فقلت: "يرحمك الله" ؛ فرجاني القوم بأبصارهم فقلت :" واُثكل أُمياه! ما شأنكم تنظرون إلي ؟" فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ؛ فلما رأيتهم يصمتونني، لكنّي سكتٌ. فلما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فبأبي هو وأمي ! ما رأيت معلماً بعده أحسن تعليماً منه، فوالله ! ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال: (( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن )) (2) ومن هنا نجد أن الدعوة إلى الله يجب أن تكون بالحكمة كما أمر الله – عز وجل -.

ومثال آخر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً وفي يده خاتم ذهب -وخاتم الذهب حرام على الرجال-، فنزعه النبي -صلى الله عليه وسلم- من يده ورمى به، وقال: (( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده )) (3) ولما انصرف النبي -صلى الله عليه وسلم- قيل للرجل :" خذ خاتمك انتفع به، فقال: والله لا آخذ خاتماً طرحه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "، فأسلوب التوجيه هنا أشد؛ لأن لكل مقام مقالاً ؛ وهكذا ينبغي لك من يدعو إلى الله أن ينزل الأمور منازلها وألا يجعل الناس على حد سواء، والمقصود حصول المنفعة.

وإذا تأملنا ما عليه كثير من الدعاة اليوم وجدنا أن بعضهم تأخذه الغيرة حتى ينفر الناس من دعوته ؛ لو وجد أحداً يفعل شيئاً محرماً لوجدته يشهر به بقوة وبشدة يقول: ما تخاف الله، ما تخشى الله ؛ وما أشبه ذلك حتى ينفر منه، وهذا ليس بطيب ؛ لأن هذا يقابل بالضد ؛ وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – لما نقل عن الشافعي – رحمه الله – ما يراه في أهل الكلام، حينما قال: " حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم في العشائر ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام ".

قال شيخ الإسلام: إن الإنسان إذا نظر إلى هؤلاء وجدهم مستحقين لما قاله الشافعي من وجه ؛ ولكنه إذا نظر إليهم بعين القدر، والحيرة قد استولت عليهم والشيطان قد استحوذ عليهم، فإنه يرق لهم ويرحمهم، ويحمد الله أن عافاه مما ابتلاهم به ؛ أوتوا ذكاءً وما أوتوا زكاء ؛أو أوتوا فهوما وما أوتوا علوما ؛ أو أوتوا سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء.

هكذا ينبغي لنا أيها الأخوة أن ننظر إلى أهل المعاصي بعينين: عين الشرع، وعين القدر ؛ عين الشرع أي لا تأخذنا في الله لومة لائم , كما قال –تعالى- عن الزانية والزاني: (( فاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ )) (النور: الآية2)

وننظر إليهم بعين القدر , فنرحمهم ونرق لهم ونعاملهم بما نراه أقرب إلى حصول المقصود وزوال المكروه ؛ وهذا من آثار طالب العلم بخلاف الجاهل الذي عنده غيرة ؛ لكن ليس عنده علم ؛ فطالب العلم الداعية إلى الله يجب أن يستعمل الحكمة.






------------------------------------------------------------
(1) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء باب: صب الماء على البول في المسجد، ومسلم كتاب الطهارة، باب: وجوب غسل البول.
(2) أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحريم الكلام في الصلاة.
(3) أخرجه مسلم ، كتاب اللباس، باب : تحريم خاتم الذهب على الرجال.

أبو عبد الرحمن حمزة 06 Dec 2007 10:55 AM

بارك الله فيك

أبو نعيم إحسان 06 Dec 2007 05:03 PM

و فيك بارك الله

عبدالكريم الجزائري 06 Dec 2007 08:45 PM

بارك الله فيك .

أبو نعيم إحسان 06 Dec 2007 10:35 PM

و فيك بارك الله

أبو نعيم إحسان 07 Dec 2007 12:42 AM

الأمر الثامن: أن يكون الطالب صابراً على العلم

أي مثابراً عليه لا يقطعه ولا يمل ، بل يكون مستمراً في تعلمه بقدر المستطاع ؛ وليصبر على العلم ولا يمل ؛ فإن الإنسان إذا طرقه الملل استحسر وترك ؛ ولكن إذا كان مثابراً على العلم فإنه ينال أجر الصابرين من وجه ، وتكون له العاقبة من وجه آخر ؛ واستمع إلى قول الله – عز وجل – مخاطباً نبيه : (( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِين)) (هود الآية:49) .


الأمر التاسع : احترام العلماء وتقديرهم
إن على طلبة العلم احترام العلماء وتقديرهم ؛ وأن تتسع صدورهم لما يحصل من اختلاف بين العلماء وغيرهم ؛ وأن يقابلوا هذا بالاعتذار عمن سلك سبيلاً خطأ في اعتقادهم ؛ وهذه نقطة مهمة جداً ؛ لأن بعض الناس يتتبع أخطاء الآخرين، ليتخذ منها ما ليس لائقا في حقهم ، ويشوش على الناس سمعتهم ؛ وهذا أكبر الأخطاء ؛ وإذا كان اغتياب العامي من الناس من كبائر الذنوب فإن اغتياب العالم أكبر وأكبر؛ لأن اغتياب العالم لا يقتصر ضرره على العالم بل عليه وعلى ما يحمله من العلم الشرعي.
والناس إذا زهدوا في العالم أو سقط من أعينهم تسقط كلمته أيضاً ؛ وإذا كان يقول الحق ويهدي إليه ، فإن غيبة هذا الرجل لهذا العالم تكون حائلاً بين الناس وبين علمه الشرعي ؛ وهذا خطره كبير وعظيم.
أقول: إن على هؤلاء الشباب أن يحملوا ما يجري بين العلماء من الاختلاف على حسن النية، وعلى الاجتهاد ؛ وأن يعذروهم فيما أخطئوا فيه ؛ ولا مانع أن يتكلموا معهم فيما يعتقدون أنه خطأ، ليبينوا لهم هل الخطأ منهم أومن الذين قالوا إنهم أخطئوا ؛ لأن الإنسان أحياناً يتصور أن قول العالم خطأ، ثم بعد المناقشة يتبين له صوابه. والإنسان بشر (( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)) (1)
أما أن يفرح بزلة العالم وخطئه ، ليشيعها بين الناس فتحصل الفرقة، فإن هذا ليس من طريق السلف.
وكذلك أيضاً ما يحصل من الأخطاء من الأمراء، لا يجوز لنا أن نتخذ ما يخطئون فيه سٌلّماً للقدح فيهم في كل شيء و نتفاضى عما لهم من الحسنات؛ لأن الله يقول في كتابه: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا )) (المائدة: الآية8) ؛ يعني: لا يحملكم بغض قوم على عدم العدل ؛ فالعدل واجب ؛ ولا يحل للإنسان أن يأخذ زلات أحد من الأمراء أو العلماء أو غيرهم ، فيشيعها بين الناس ، ثم يسكت عن حسناتهم ؛ فإن هذا ليس بالعدل . وقس هذا الشيء على نفسك لو أن أحداً سٌلط عليك وصار ينشر زلاتك وسيئاتك، ويخفي حسناتك وإصاباتك (*) ؛ لعددت ذلك جناية منه عليك ؛ فإذا كنت ترى ذلك في نفسك ، فإنه يجب عليك أن ترى ذلك في غيرك ؛ وكما أشرت آنفاً إلى أن علاج ما تظنه خطأ أن تتصل بمن رأيت أنه أخطأ، وأن تناقشه، ويتبين الموقف بعد المناقشة .
فكم من إنسان بعد المناقشة يرجع عن قوله إلى ما يكون هو الصواب ؛ وكم من إنسان بعد المناقشة يكون قوله هو الصواب، وظننا هو الخطأ. (( فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)) (2) وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة ، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ؛ وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه)) (3) ، وهذا هو العدل والاستقامة.


------------
(1) أخرجه الإمام أحمد ج 3 ص 198 والترمزي كتاب صفة القيامة ،ج 4 ص 569 برقم (2499) وابن ماجه ؛ كتاب الزهد، باب ذكر التوبة ، والدارمي كتاب الرقاق باب في التوبة والبغوي في ((شرح السنة)) ج 5 ص 92 وابو نعيم في (الحلية) ج 6 ص 332 والحاكم في (المستدرك) ج 4 ص 273 وقال : (حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، قال العجلوني : (إسناده قوي ) ج 2 ص 120) (2) رواه البخاري، كتاب المساجد، باب : تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب: تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم . (3) تقدم تخريجه .

(*) لا يفهمن أحد أن الشيخ يقول ببدعة الموازنات، حيث هذا موقف الشيخ منها : قال الشيخ ـ رحمه الله ـ في "لقاء الباب المفتوح" (61ـ70 ) (ص153) :
"
عندما نريد أن نُقّوِّمَ الشخص ، فيجب أن نذكر المحاسن والمساوئ ؛ لأن هذا هو الميزان العدل؛ وعندما نحذر من خطأ شخص فنذكر الخطأ فقط ، لأن المقام مقام تحذير ؛ ومقام التحذير ليس من الحكمة فيه أن نذكر المحاسن ، لأنك إذا ذكرت المحاسن فإن السامع سيبقى متذبذباً ، فلكل مقام مقال " اهـ.

و سئل -رحمه الله - في شريط "الأسئلة السويدية" :
ما تقولون في منهج الموازنة بين الإيجابيات والسلبيات والحسنات والسيئات فإن بعض الناس يقولون بالموازنة مطلقا حتى في أهل البدع على اختلاف مراتبهم ويقولون إذا ذكرت بدعة شخص للتحذير منها والنصيحة فإن لم تذكر وتعدد محاسنه فإنك تكون قد ظلمته ، فما هو قولكم حفظكم الله ؟
فأجابن ـ رحمه الله ـ : " قولنا في هذا إذا كان الإنسان يتكلم عن الشخص تقويماً له- يعني ليقيمه كما يقولو-ن فالواجب ذكر الحسنات والسيئات ؛ وحينئذا إما أن تطغى السيئات على الحسنات ،فيكون من قسم أهل الذم والقدح؛ وإما أن يكون بالعكس، فيكون من قسم أهل المدح .
هذا إذا أردت أن تُقَوِّم الرجل

أما إذا أردت أن ترد عليه بدعته فليس من المستحسن إطلاقاً أن تذكر حسنه ؛ فإن ذكر الحسنة له في مقام الرد عليه يوهن الرد ويضعفه ، ويقول المخاطب أو القارئ يقول إذاً هذا يقابل هذا والحمد لله ، فلكل مقام مقال .
فالتقويم له شيء أو له حال وحكم والرد على الباطل له حال وحكم …
ثم قال السائل : إذا يعني في موضع البيان بيان أوهام الشخص أو أخطاءه أو بدعه في موضع التحذير والنصيحة لا يلزم الموازنة ؟
فقال ـ رحمه الله ـ : ولا يحسن أيضاً كما قلت لك ، لأنك لو ذكرت حسنات له أوهن جانب الرد على باطله ولهذا نجد العلماء الذين يردون على أهل البدع وغيرهم لا يذكرون محاسنهم ، لكن إذا أردت أن تقوم الرجل فهذا لابد من ذكر الحسنات والسيئات ثم تنظر وعلى هذا درج المحدثون أيضاً في كتب الرجال" اهـ

سمعته بأذني من هذا الشريط , و نقلته من هذا الموضوع http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=284326

أبو نعيم إحسان 09 Dec 2007 10:58 PM

الأمر العاشر: التمسك بالكتاب والسنة
يجب على طلبة العلم الحرص التام على تلقي العلم والأخذ من أصوله التي لا فلاح لطالب العلم إن لم يبدأ بها، وهي:


1- القران الكريم :
فإنه يجب على طالب العلم الحرص عليه قراءةً وحفظاً وفهماً وعملاً به ؛ فإن القرآن هو حبل الله المتين ، وهو أساس العلوم ؛ وقد كان السلف يحرصون عليه غاية الحرص ؛ فيُذكرعنهم الشيء العجيبمن حرصهم على القرآن ؛ فتجد أحدهم حفظ القرآن وعمره سبع سنوات، وبعضهم حفظ القرآن في أقل من شهر ؛ وفي هذا دلالة على حرص السلف – رضوان الله عليهم – على القرآن ؛ فيجب على طالب العلم الحرص عليه وحفظه على يد أحد المعلمين؛ لأن القرآن يؤخذ عن طريق التلقي.
وإنه مما يؤسف له أن تجد بعض طلبة العلم لا يحفظ القرآن ؛ بل بعضهم لا يحسن القراءة ؛ وهذا خلل كبير في منهج طلب العلم. لذلك أكرر أنه يجب على طلبة العلم الحرص على حفظ القرآن والعمل به والدعوة إليه وفهمه فهماً مطابقاً لفهم السلف الصالح.

2- السنة الصحيحة: فهي ثاني المصدرين للشريعة الإسلامية ؛ وهي الموضحة للقرآن الكريم ؛ فيجب على طالب العلم الجمع بينهما والحرص عليهما ؛ وعلى طالب العلم حفظ السنة، إما بحفظ نصوص الأحاديث أو بدراسة أسانيدها ومتونها وتمييز الصحيح من الضعيف ؛ وكذلك يكون حفظ السنة بالدفاع عنها والرد على شبهات أهل البدع في السنة.
فيجب على طالب العلم أن يلتزم بالقرآن والسنة الصحيحة، وهما له – أي طالب العلم – كالجناحين للطائر إذا انكسر أحدهما لم يطر.
لذلك لا تراعي السنة وتغفل عن القرآن ، أو تراعي القرآن وتغفل عن السنة ؛ فكثير من طلبة العلم يعتني بالسنة وشروحها ورجالها، ومصطلحاتها اعتناءً كاملاً ؛ لكن لو سألته عن آية من كتاب الله لرأيته جاهلا بها ؛ وهذا غلط كبير ؛ فلا بد أن يكون الكتاب والسنة جناحين لك يا طالب العلم ؛ وهناك شيء ثالث مهم وهو كلام العلماء ؛ فلا تهمل كلام العلماء ولا تغفل عنه ؛ لأن العلماء أشد رسوخاً منك في العلم، وعندهم من قواعد الشريعة وأسرارها وضوابطها ما ليس عندك ؛ ولهذا كان العلماء الأجلاء المحققون إذا ترجح عندهم قول يقولون: إن كان أحد قال به وإلا فلا نقول به ؛ فمثلا شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- على علمه وسعة اطلاعه إذا قال قولاً لا يعلم به قائلاً قال :" أنا أقول به إن كان قد قيل به، ولا يأخذ برأيه".
لذا يجب على طالب العلم الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يستعين بكلام العلماء .

والرجوع إلى كتاب الله يكون بحفظه وتدبره والعمـل على ما جاء به؛ لأن الله يقول: (( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ))(ص الآيةّ:29) ((لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)) وتدبر الآيات يوصل إلى فهم المعنى ؛ (( وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )) , والتذكر هو العمل بهذا القرآن.
نزل هذا القرآن لهذه الحكمة ؛ وإذا كان نزل لذلك , فلنرجع إلى الكتاب لنتدبره ولنعلم معانيه ؛ ثم نطبق ما جاء به ؛ و والله إن فيه سعادة الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى: (( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ))(( ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى )) (طـه: الآيتان 123 ، :124)
ولهذا لا تجد أحداً أنعم بالاً ، ولا أشرح صدراً ، ولا أشد طمأنينة في قلبه من المؤمن أبداً ؛ حتى وإن كان فقيراً ؛ فالمؤمن أشد الناس انشراحاً ، وأشد الناس اطمئناناً ، وأوسع الناس صدراً و اقرأوا إن شئتم قول الله -تعالى-: (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون )) (النحل الآية:97) .


ما هي الحياة الطيبة ؟

الجواب: الحياة الطيبة هي انشراح الصدر وطمأنينة القلب ؛ حتى ولو كان الإنسان في أشد بؤس، فإنه مطمئن القلب منشرح الصدر ؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (( عجباً الأمر المؤمن إن أمره كله خير ؛ وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له )) (1)
الكافر إذا أصابته الضراء هل يصبر ؟ فالجواب: لا. بل يحزن وتضيق عليه الدنيا، وربما انتحر وقتل نفسه ؛ ولكن المؤمن يصبر ويجد لذة الصبر انشراحاً وطمأنينة؛ ولذلك تكون حياته طيبة، وبذلك يكون قوله –تعالى-: (( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )) . حياة طيبة في قلبه ونفسه.
بعض المؤرخين الذين تكلموا عن حياة الحافظ ابن حجر – رحمه الله – وكان قاضي قضاة مصر في عهده ؛ وكان إذا جاء إلى مكان عمله يأتي بعربة تجرها الخيول أو البغال في موكب. فمر ذات يوم برجل يهودي في مصر زيات – أي يبيع الزيت – وعادة يكون الزيات وسخ الثياب – فجاء اليهودي فأوقف الموكب ؛ وقال للحافظ ابن حجر – رحمه الله -: إن نبيكم يقول" (( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر )) (2) . وأنت قاضي قضاة مصر ،وأنت في هذا الموكب، وفي هذا النعيم، وأنا – يعني نفسه اليهودي – في هذا العذاب وهذا الشقاء.
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - : " أنا فيما أنا فيه من الترف والنعيم يعتبر بالنسبة إلى نعيم الجنة سجناً ؛ وأما أنت بالنسبة للشقاء الذي أنت فيه يعتبر بالنسبة لعذاب النار جنة " ؛ فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. وأسلم.
فالمؤمن في خير مهما كان، وهو الذي ربح الدنيا والآخرة.
والكافر في شر وهو الذي خسر الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى : (( وَالْعَصْر(1) إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر)) ( العصرالآيات 1- 3) .
فالكفار والذين أضاعوا دين الله وتاهوا في لذاتهم وترفهم ، فهم وإن بنوا القصور وشيدوها وازدهرت لهم الدنيا؛ فإنهم في الحقيقة في جحيم ؛ حتى قال بعض السلف: " لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ".
أما المؤمنون فقد نعموا بمناجاة الله وذكره، وكانوا مع قضاء الله وقدره ؛ فإن أصابتهم الضراء صبروا، وإن أصابتهم السراء شكروا ؛ فكانوا في أنعم ما يكون ؛ بخلاف أصحاب الدنيا فإنهم كما وصفهم الله بقوله: (( فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ )) (التوبة: الآية58) .
وأما الرجوع إلي السنة النبوية: فسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثابتة بين أيدينا - ولله الحمد – ومحفوظة ؛ حتى ما كان مكذوباً على الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فإن أهل العلم بينوا سنته، وبينوا ما هو مكذوب عليه ؛ وبقيت السنة - ولله الحمد – ظاهرة محفوظة ؛ يستطيع أي إنسان أن يصل إليها إما بمراجعة الكتب – إن تمكن – وإلا ففي سؤال أهل العلم.
ولكن إذا قال قائل: كيف توفق بين ما قلت من الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم -؟ مع أننا نجد أن أناساً يتبعون الكتب المؤلفة في المذاهب ويقول: أنا مذهبي كذا؛ وأنا مذهبي كذا؛ وأنا مذهبي كذا!! حتى إنك لتفتي الرجل وتقول له: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كذا، فيقول : أنا مذهبي حنفي، أنا مذهبي مالكي، أنا مذهبي شافعي، أنا مذهبي حنبلي ... وما أشبه ذلك.
فالجواب: أن نقول لهم إننا جميعا نقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله .
فما معنى شهادة أن محمداً رسول الله ؟
قال العلماء : معناها: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع .
فإذا قال إنسان: أنا مذهبي كذا أو مذهبي كذا أو مذهبي كذا فنقول له: هذا قول الرسول- عليه الصلاة والسلام – فلا تعارضه بقول أحد.
حتى أئمة المذاهب ينهون عن تقليدهم تقليدا محضاً ويقولون: " متى تبين الحق فإن الواجب الرجوع إليه".
فنقول لمن عارضنا بمذهب فلان أو فلان: نحن وأنت نشهد أن محمداً رسول الله، وتقتضي هذه الشهادة إلا نتبع إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
وهذه السنة بين أيدينا واضحة جلية ؛ ولكن لست أعني بهذا القول أن نقلل من أهمية الرجوع لكتب الفقهاء وأهل العلم ؛ بل إن الرجوع إلى كتبهم للانتفاع بها ومعرفة الطرق التي بها تستنبط الأحكام من أدلتها من الأمور التي لا يمكن أن تحقق طلب العلم إلا بالرجوع إليها.
ولذلك نجد أولئك القوم الذين لم يتفقهوا على أيدي العلماء , نجد أن عندهم من الزلات شيئاً كثيراً؛ لأنهم صاروا ينظرون بنظر أقل مما ينبغي أن ينظروا فيه ؛ يأخذون -مثلا- صحيح البخاري فيذهبون إلى ما فيه من الأحاديث، مع أن في الأحاديث ما هو عام ، ومخصص، ومطلق، ومقيد ، وشيء منسوخ، لكنهم لا يهتدون إلى ذلك، فيحصل بهذا ضلال كبير.
----------------------------


(1) رواه مسلم، كتاب الزهد، المؤمن أمره كله خير.
(2) رواه مسلم ، كتاب الزهد .

أبو نعيم إحسان 12 Dec 2007 11:26 PM

الأمر الحادي عشر: التثبت والثبات

ومن أهم الآداب التي يجب أن يتحلى بها طالب العلم : التثبت فيما ينقل من الأخبار ، والتثبت فيما يصدر من الأحكام ؛ فالأخبار إذا نقلت فلابد أن تتثبت –أولاً- هل صحت عمن نقلت إليه أو لا ؛ ثم إذا صحت فتثبت في الحكم ؛ ربما يكون الحكم الذي سمعته مبنياً على أصل تجهله أنت ؛ فتحكم أنه خطأ، والواقع أنه ليس بخطأ .

ولكن كيف العلاج في هذه الحال ؟

العلاج: أن تتصل بمن نُسب إليه الخبر وتقول: نُقل عنك كذا وكذا فهل هذا صحيح؟ ثم تناقشه ؛ فقد يكون استنكارك ونفور نفسك منه -أول وهلة سمعته - لأنك لاتدري ما سبب هذا المنقول ؛ ويقال "إذا علم السبب بطل العجب" ؛ فلابد أولاً من التثبت في الخبر والحكم، ثم بعد ذلك تتصل بمن نقل عنه وتسأله هل صح ذلك أم لا ، ثم تناقشه ؛ إما أن يكون هو على حق وصواب فترجع إليه ، أو يكون الصواب معك فيرجع إليه.

وهناك فرق بين الثبات والتثبت .فهما شيئان متشابهان لفظاً مختلفان معنى.

فالثبات معناه : الصبر والمثابرة ، وألا يمل ولا يضجر و ألا يأخذ من كل كتاب نتفة، أو من كل فن قطعة ثم يترك؛ لأن هذا الذي يضر الطالب، ويقطع عليه الأيام بلا فائدة ؛ فمثلاً بعض الطلاب يقرأ في النحو : في الآجرومية ومرة في متن قطر الندى، ومرة في الألفية ؛ وكذلك الحال في: المصطلح، مرة في النخبة، ومرة في ألفية العراقي ؛ وكذلك في الفقه: مرة في زاد المستقنع، ومرة في عمدة الفقه، ومرة في المغني ، ومرة في شرح المهذب ؛ وهكذا في كل كتاب، وهلم جرا ؛ هذا في الغالب لا يحصلُ علماً ؛ ولو حصل علماً فإنه يحصل مسائل لا أصولاً ؛ وتحصيل المسائل كالذي يتلقط الجراد واحدة بعد الأخرى ؛ لكن التأصيل والرسوخ والثبات هو المهم ؛ فكن ثابتاً بالنسبة للكتب التي تقرأ أو تراجع وثابتاً بالنسبة للشيوخ الذين تتلقى عنهم ؛ لا تكون ذواقاً كل أسبوع عند شيخ، كل شهر عن شيخ ؛ قرر أولاً من ستتلقى العلم عنده ؛ ثم إذا قررت ذلك فاثبت ولا تجعل كل شهر أو كل أسبوع لك شيخا ؛ ولا فرق بين أن تجعل لك شيخاً في الفقه وتستمر معه في الفقه، وشيخا آخر في النحو وتستمر معه في النحو، وشيخاً آخر في العقيدة والتوحيد وتستمر معه ؛ المهم أن تستمر لا أن تتذوق ؛ وتكون كالرجل المطلاق كلما تزوج امرأة وجلس عندها أياماً طلقها وذهب يطلب أخرى.

أيضاً التثبت أمر مهم ؛ لأن الناقلين تارة تكون لهم نوايا سيئة، ينقلون ما يشوه سمعة المنقول عنه قصداً وعمداً ؛ وتارة لا يكون عندهم نوايا سيئة ولكنهم يفهمون الشيء على خلاف معناه الذي أُريدَ به ؛ ولهذا يجب التثبت، فإذا ثبت بالسند ما نٌقل أتى دور المناقشة مع صاحبه الذي نقل عنه قبل أن تحكم على القول بأنه خطأ أو غير خطأ ؛ وذلك لأنه ربما يظهر لك بالمناقشة أن الصواب مع هذا الذي نٌقل عنه الكلام.

والخلاصة أنه إذا نقل عن شخص ما، ترى أنه خطأ فاسلك طرقا ثلاثة على الترتيب:

الأول : التثبت في صحة الخبر.
الثاني: النظر في صواب الحكم، فإن كان صواباً فأيده ودافع عنه، وإن رأيته خطأ فاسلك الطريق الثالث
وهو : الاتصال بمن نسب إليه لمناقشته فيه وليكن ذلك بهدوء واحترام.

أبو نعيم إحسان 15 Dec 2007 11:46 PM

الأمر الثاني عشر: الحرص على فهم مراد الله –تعالى- ومراد رسوله -صلى الله عليه وسلم-



من الأمور المهمة في طلب العلم قضية الفهم - أي فهم مراد الله – عز وجل – ومراد رسوله -صلى الله عليه وسلم- ؛ لأن كثيراً من الناس أوتوا علماً ولكن لم يؤتوا فهماً
.

لا يكفي أن تحفظ كتاب الله وما تيسر من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدون فهم.

لابد أ ن تفهم عن الله ورسوله ما أراده الله ورسوله ؛ وما أكثر الخلل من قوم استدلوا بالنصوص على غير مراد الله ورسوله فحصل بذلك الضلال.


وهنا أنبّه على نقطة مهمة ألا وهي: أن الخطأ في الفهم قد يكون أشد خطراً من الخطأ بالجهل؛ لأن الجاهل الذي يخطئ بجهله يعرف أنه جاهل ويتعلم ؛ لكن الذي فهم خطأ يعتقد في نفسه أنه عالم مصيب ، ويعتقد أن هذا هو مراد الله ورسوله ؛ ولنضرب لذلك بعض الأمثلة ليتبين لنا أهمية الفهم:


المثال الأول: قال الله تعالى: (( وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ )) [الأنبياء الآيتان: 78، 79] .


فضل الله – عز وجل – سليمان على داود في هذه القضية بالفهم (( فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَان)) ولكن ليس هناك نقص في علم داود (( وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً )) .


وانظر إلى هذه الآية الكريمة لما ذكر الله – عز وجل – ما امتاز به سليمان من الفهم ؛ فإنه ذكر أيضاً ميزة داود عليه السلام ، فقال –تعالى-: (( وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ )) ؛ وذلك حتى يتعادل كل منهما؛ فذكر الله –تعالى- ما اشتركا فيه من الحكم والعلم ، ثم ذكر ما امتاز به كل واحد منهما عن الآخر.

وهذا يدلنا على أهمية الفهم، وأن العلم ليس كل شيء.




المثال الثاني: إذا كان عندك وعاءان ، أحدهما فيه ماء ساخن دافئ ، والآخر فيه ما بارد قارس ، والفصل فصل الشتاء ؛ فجاء رجل يريد الاغتسال من الجنابة ؛ فقال بعض الناس: الأفضل أن تستخدم الماء البارد، وذلك لأن الماء البارد فيه مشقة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (( ألا أدلكم على ما يمحوا الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؛ قالوا بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره ... )) (1) الحديث.


يعني إسباغ في أيام البرد فإذا أسبغت الوضوء بالماء البارد كان أفضل من أن تسبغ الوضوء بالماء المناسب لطبيعة الجو.


فالرجل أفتى بأن استخدام الماء البارد أفضل واستدل بالحديث السابق.

فهل الخطأ في العلم أم في الفهم ؟



الجواب: أن الخطأ في الفهم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (( إسباغ الوضوء على المكاره )) ولم يقل: أن تختار الماء البارد للوضوء، وفرق بين التعبيرين . لو كان الوارد في الحديث التعبير الثاني لقلنا نعم اختر الماء البارد ؛ولكن قال: (( إسباغ الوضوء على المكاره)). أي أن الإنسان لا يمنعه برودة الماء من إسباغ الوضوء.


ثم نقول: هل يريد الله بعباده اليسر أم يريد بهم العسر ؟


الجواب: في قوله –تعالى- : (( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )) [البقرة: الآية 185] وفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (( إن الدين يسر )) (2)



فأقول لطلبة العلم: إن قضية الفهم قضية مهمة ؛ فعلينا أن نفهم ماذا أراد الله من عباده ؟ هل أراد أن يشق عليهم في أداء العبادات أم أراد بهم اليسر ؟!


ولا شك أن الله - عز وجل – يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر.






فهذه بعض آداب مما ينبغي لطالب العلم أن يكون متأثراً بها في علمه حتى يكون قدوة صالحاً ، وحتى يكون داعيا إلى الخير وإماماً في دين الله – عز وجل – ؛ فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ، كما قال الله –تعالى-: (( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ )) [السجدة الآية:24] .


----------------------------------------------------------------
(1) رواه مسلم، كتاب الطهارة ، باب: فضل إسباغ الوضوء على المكاره
(2) رواه البخاري ، كتاب الإيمان، باب: الدين يسر

أبو تميم يوسف الخميسي 16 Dec 2007 09:10 AM

جزاك الله خيراً
وبارك الله لك ونفع بك
ووفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه
واصل إلى الأمام
أخوك و محبك أبو عبد الرحيم يوسف

أبو نعيم إحسان 18 Dec 2007 06:27 PM

آمين ؛ و فيك بارك الله اخي

أبو نعيم إحسان 18 Dec 2007 06:34 PM

الفصل الثاني

الأسباب المعينة على طلب العلم



الأسباب المعينة على طلب العلم كثيرة، نذكر منها :

أولا: التقوى

وهي وصية الله للأولين والآخرين من عباده ؛ قال الله -تعالى- : (( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيّاً حَمِيدا )) [النساء: الآية131] .

وهي أيضاً وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأمته ؛ فعن أبي إمامة صدي بن عجلان الباهلي– رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب في حجة الوداع فقال:
(( اتقوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدٌوا زكاة أموالكم، وأطيعوا أمراءكم تدخلوا جنة ربكم )) (1) وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا بعث أميراً على سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً ؛ ولم يزل السلف الصالح يتواصون بها في خطبهم ومكاتباتهم ووصاياهم عند الوفاة ؛ كتب عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – إلى ابنه عبد الله : " أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله -عز وجل– فإنه من اتقاه وقاه ؛ ومن أقرضه جزاه ؛ ومن شكره زاده" ؛ وأوصى علي – رضي الله عنه – رجلاً فقال: " أوصيك بتقوى -عز وجل- الذي لا بد لك من لقائه ولا منتهى لك دونه، وهو يملك الدنيا والآخرة " ؛ وكتب أحد الصالحين إلى أخ له في الله –تعالى-: " أما بعد ... أوصيك بتقوى الله الذي هو نجيك في سريرتك ، ورقيبك في علانيتك ؛ فاجعل الله من بالك على كل حال في ليلك ونهارك ؛ وخف الله بقدر قربه منك وقدرته عليك ؛ واعلم أنك بعينه لا تخرج من سلطانه إلى سلطان غيره ؛ ولا من ملكه إلى ملك غيره ؛ فليعظم منه حذرك وليكثر وجلك والسلام ".

ومعنى التقوى : أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه وقاية تقيه منه.

وتقوى العبد ربه:
أن يجعل بينه وبين من يخشاه من غضبه وسخطه وقاية تقيه من ذلك، بفعل طاعته واجتناب معاصيه.

واعلم أن التقوى أحياناً تقترن بالبر، فيقال: بر وتقوى ؛ كما في قوله –تعالى-: (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى )) [المائدة: الآية2]

وتارة تُذكر وحدها ؛ فإن قرنت بالبر صار البر فعل الأوامر، والتقوى ترك النواهي.

وإذا أفردت صارت شاملة تعم فعل الأوامر واجتناب النواهي ؛ وقد ذكر الله في كتابه أن الجنة أعدت للمتقين ؛ فأهل التقوى هم أهل الجنة – جعلنا الله وإياكم منهم – ولذلك يجب على الإنسان أن يتقي الله – عز وجل – امتثالاً لأمره، وطلباً لثوابه، والنجاة من عقابه ؛ قال الله – عز وجل -:
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم )) [الأنفال الآية:29] .

وهذه الآية فيها ثلاث فوائد مهمة:

الفائدة الأولى: (( يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانا )) أي يجعل لكم ما تٌفرقون به بين الحق والباطل، وبين الضار والنافع ؛ وهذا يدخل فيه العلم ، بحيث يفتح الله على الإنسان من العلوم ما لا يفتح لغيره ؛ فإن التقوى يحصل بها زيادة الهدى، وزيادة العلم، وزيادة الحفظ، ولهذا يذكر عن الشافعي – رحمه الله – أنه قال :

شكوت إلى وكـع سـوء حفظـي : : : : فأرشـدني إلى تـرك المعاصي
وقـال أعـم بأن العلــم نــور : : : : ونـور الله لا يؤتـاه عاصـي


و لا شك أن الإنسان كلما ازداد علماً ازداد معرفة وفرقاناً بين الحق والباطل، والضار والنافع، وكذلك يدخل فيه ما يفتح الله على الإنسان من الفهم ؛ لأن التقوى سبب لقوة الفهم، وقوة الفهم يحصل بها زيادة العلم ؛ فإنك ترى الرجلين يحفظان آية من كتاب الله يستطيع أحدهما أن يستخرج منها ثلاثة أحكام، ويستطيع الآخر أن يستخرج أكثر من هذا بحسب ما أتاه الله من الفهم.

فالتقوى سبب لزيادة الفهم ؛ ويدخل في ذلك أيضاً الفراسة أن الله يعطي المتقي فراسة يميز بها حتى بين الناس.
فبمجرد ما يرى الإنسان يعرف أنه كاذب أو صادق، أو بر أو فاجر ؛ حتى أنه ربما يحكم على الشخص وهو لم يعاشره، ولم يعرف عنه شيئاً بسبب ما أعطاه الله من الفراسة.


الفائدة الثانية: (( وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ )) [الأنفال الآية: 29] وتكفير السيئات يكون بالأعمال الصالحة ؛ فإن الأعمال الصالحة تكفر الأعمال السيئة ، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (( الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان ، كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر )) (2) ؛ وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- : (( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما )) (3) ؛ فالكفارة تكون بالأعمال الصالحة ؛ وهذا يعني أن الإنسان إذا اتقى الله سهل له الأعمال الصالحة التي يكفّر الله بها عنه.

الفائدة الثالثة: (( ويغفر لكم )) بأن ييسركم للاستغفار والتوبة، فإن هذا من نعمة الله على العبد أن ييسر للاستغفار والتوبة.


--------------------
(1) أخرجه الترمذي، كتاب الجمعة.
(2) أخرجه مسلم، كتاب الطهارة باب: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر.
(3) أخرجه البخاري، كتاب العمرة ، ومسلم، كتاب الحج.

أبو نعيم إحسان 20 Dec 2007 01:15 PM

ثانياً : المثابرة والاستمرار على طلب العلم

يتعين على طالب العلم أن يبذل الجهد في إدراك العلم والصبر عليه ، وأن يحتفظ به بعد تحصيله ؛ فإن العلم لا ينال براحة الجسم ؛ فيسلك المتعلم جميع الطرق الموصلة إلى العلم ؛ وهو مثاب على ذلك لما ثبت في صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : (( من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقا إلى الجنة )) (1) .
فليثابر طالب العلم ويجتهد ويسهر الليالي ويدع عنه كل ما يصرفه أو يشغله عن طلب العلم.

وللسلف الصالح قضايا مشهورة في المثابرة على طلب العلم ، حتى أنه يروى عن ابن عباس – رضي الله عنه – أنه سئل بما أدركت العلم؟ قال:" بلسان سؤول، وقلب عقول، وبدن غير مئول" وعنه أيضا – رضي الله عنه – قال : " ... إن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه – وهو قائل – فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الريح عليّ من التراب، فيخرج فيقول : يا ابن عم رسول الله ما جاء بك ؟ ألا أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول: أنا أحق أن آتيك، فأسأله عن الحديث ... " ؛ فابن عباس – رضي الله عنه – تواضع للعلم فرفعه الله به.

وهكذا ينبغي لطالب العلم أن يثابر المثابرة الكبيرة ؛ ويُروى أيضاً عن الشافعي – رحمه الله – أنه استضافه الإمام أحمد ذات ليلة فقدم له العشاء، فأكل الشافعي ثم تفرق الرجلان إلى منامهما؛ فبقي الشافعي – رحمه الله – يفكر في استنباط أحكام من حديث، وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (( يا أبا عمير ما فعل النغير )) (2) "أبا عمير" كان معه طائر صغير يسمي النغير ؛ فمات هذا الطائر فحزن عليه الصبي ؛ وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يداعب الصبيان ويكلم كل إنسان بما يليق به ؛ فظل طول الليل يستنبط من هذا الحديث ؛ ويقال إنه استنبط منه أكثر من ألف فائدة ؛ ولعله إذا استنبط فائدة جر إليها حديث آخر ، وهكذا حتى تتم ؛ فلما أذن الفجر قام الشافعي – رحمه الله – ولم يتوضأ ثم انصرف إلى بيته؛ وكان الإمام أحمد يثني عليه عند أهله فقالوا له: " يا أبا عبد الله ، كيف تثني على هذا الرجل الذي أكل فشرب ونام ولم يقم، وصلى الفجر بدون وضوء؟" فسأل الإمام الشافعي فقال: " أما كوني أكلت حتى أفرغت الإناء فذلك لأني ما وجدت طعاماً أطيب من طعام الإمام أحمد ؛ فأردت أن أملأ بطني منه ؛ وأما كوني لم أقم لصلاة الليل فإن العلم أفضل من قيام الليل ؛ وقد كنت أفكر في هذا الحديث ؛ وأما كوني لم أتوضأ لصلاة الفجر فكنت على وضوء من صلاة العشاء ولا يحب أن يكلفهم بماء الوضوء .

أقول على كل حال، إن المثابرة في طلب العلم أمر مهم ؛ فلننظر في حاضرنا الآن هل نحن على هذه المثابرة؟ لا. أما الذين يدرسون دراسة نظامية إذا انصرفوا من الدراسة ربما يتلهون بأشياء لا تعين على الدرس ؛ وإني أضرب مثلا -وأحب ألا يكون وإلا يوجد له نظير- أحد الطلبة في بعض المواد أجاب إجابة سيئة ، فقال المدرس: لماذا؟ فقال : لأني قد أيست من فهم هذه المادة ؛ فأنا لا أدرسها ولكن أريد أن أكون حاملاً لها. كيف اليأس؟ وهذا خطأ عظيم، يجب أن نثابر حتى نصل إلى الغاية.

وقد حدثني شيخنا المثابر عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – أنه ذُكر عن الكسائي إمام أهل الكوفة في النحو ، أنه طلب النحو فلم يتمكن ؛ وفي يوم من الأيام وجد نملة تحمل طعاماً لها وتصعد به إلى الجدار ؛ وكلما صعدت سقطت ؛ ولكنها ثابرت حتى تخلصت من هذه العقبة وصعدت الجدار، فقال الكسائي: هذه النملة ثابرت حتى وصلت الغاية، فثابر حتى صار إماماً في النحو.
ولهذا ينبغي لنا أيها الطلبة أن نثابر ولا نيأس ؛ فإن اليأس معناه سد باب الخير ؛ وينبغي لنا ألا نتشاءم بل نتفاءل وأن نعد أنفسنا خيراً.


--------------------------
(1) أخرجه مسلم، كتاب الدعوات، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر.
(2) أخرجه البخاري ، كتاب الأدب باب : الانبساط إلى الناس.


معبدندير 20 Dec 2007 01:25 PM

بارك الله فيك

أبو نعيم إحسان 24 Dec 2007 05:39 PM

في طرق تحصيل العلم وأخطاء يجب الحذر منها

الفصل الأول :

طرق تحصيل العلم

من المعلوم أن الإنسان إذا أراد مكاناً فلا بد أن يعرف الطريق الموصل إليه ؛ وإذا تعددت الطرق فإنه يبحث عن أقربها وأيسرها؛ لذلك كان من المهم لطالب العلم أن يبني طلبه للعلم على أصول، ولا يتخبط خبط عشواء ؛ فمن لم يتقن الأصول حرم الوصول ؛ قال الناظم :
وبعـد فالعلم بحـور زاخـرة . . . . . . لن يبلـغ الكـادح فيـه آخـره
لكـن في أصـوله تســهيلاً . . . . . . لنيلـه فاحـرص تجـد سـبيلاً

اغتنم القـواعد الأصـــولا . . . . . . فمـن تفتـه يحرم الوصــولا

فالأصول هي:
العلم والمسائل فروع ، كأصل الشجرة وأغصانها ؛ إذا لم تكن الأغصان على أصل جيد ، فإنها تذبل وتهلك

لكن ما هي الأصول؟

هل هي الأدلة الصحيحة ؟

أو هي القواعد والضوابط ؟

أو كلاهما ؟

الجواب : الأصول هي أدلة الكتاب والسنة، والقواعد والضوابط المأخوذة بالتتبع والاستقراء من الكتاب والسنة ؛ وهذه من أهم ما يكون لطالب العلم ؛ مثلاً : " المشقة تجلب التيسير" هذا من الأصول مأخوذ من الكتاب والسنة ؛ من الكتاب من قوله تعالى: (( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )) (الحج: الآية 78) ومن السنة: قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لعمران بن حصين: (( صلَ قائماً ، فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطع على جنب )) (1) وقوله -صلى الله عليه وسلم- : (( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )) (2) ؛ هذا أصل ، لو جاءتك ألف مسألة بصور متنوعة لأمكنك أن تحكم على هذه المسائل بناء على هذا الأصل ؛ لكن لو لم يكن عندك هذا الأصل وتأتيك مسألتان أشكل عليك الأمر.

ولنيل العلم طريقان: أحدهما: أن يتلقى ذلك من الكتب الموثوق بها، والتي ألفها علماء معروفون بعلمهم، وأمانتهم، وسلامة عقيدتهم من البدع والخرافات.
وأخذ العلم من بطون الكتب لا بد أن الإنسان يصل فيه إلى غاية ما؛ لكن هناك عقبتان:

العقبة الأولى:
الطول ؛ فإن الإنسان يحتاج إلى وقت طويل، ومعاناة شديدة، وجهد جهيد حتى يصل إلى ما يرومه من العلم ؛ وهذه عقبة قد لا يقوى عليها كثير من الناس، لاسيما وهو يرى من حوله قد أضاعوا أوقاتهم بلا فائدة ؛ فيأخذه الكسل ويكل ويمل ثم لا يدرك ما يريد.

العقبة الثانية:
أن الذي يأخذ العلم من بطون الكتب علمه ضعيف غالباً ؛ لا ينبني عليه قواعد أو أصول ؛ ولذلك نجد الخطأ الكثير من الذي يأخذ العلم من بطون الكتب ؛ لأنه ليس له قواعد وأصول يقعد عليها ويبني عليها الجزئيات التي في الكتاب والسنة ؛ نجد بعض الناس يمر بحديث ليس مذكوراً في كتب الحديث المعتمدة من الصحاح والمسانيد -وهذا الطريق يخالف ما في هذه الأصول المعتمدة عند أهل العلم، بل عند الأمة - ثم يأخذ بهذا الحديث ويبني عقيدته عليه ؛ وهذا لاشك أنه خطأ ؛ لأن الكتاب والسنة لهما أصول تدور عليها الجزئيات ؛ فلابد أن ترد هذه الجزئيات إلى أصول، بحيث إذا وجدنا في هذه الجزئيات شيئاً مخالفاً لهذه الأصول مخالفة لا يمكن الجمع فيها، فإننا ندع هذه الجزئيات.

الثاني: من طرق تحصيل العلم : أن تتلقى ذلك من معلم موثوق في علمه ودينه ؛ وهذا الطريق أسرع وأتقن للعلم ؛ لأن الطريق الأول قد يضل فيه الطالب وهو لا يدري ، إما لسوء فهمه، أو قصور علمه، أو لغير ذلك من الأسباب ؛ أما الطريق الثاني فيكون فيه المناقشة والأخذ والرد مع المعلم فينفتح بذلك للطالب أبواب كثيرة في الفهم ، والتحقيق، وكيفية الدفاع عن الأقوال الصحيحة، ورد الأقوال الضعيفة ؛ وإذا جمع الطالب بين الطريقين كان ذلك أكمل وأتم ؛ وليبدأ الطالب بالأهم فالأهم، وبمختصرات العلوم قبل مطولاتها ، حتى يكون مترقياً من درجة إلى درجة أخرى ؛ فلا يصعد إلى درجة حتى يتمكن من التي قبلها ليكون صعوده سليماً.


----------------------------

(1) أخرجه البخاري، كتاب تقصير الصلاة، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: جواز النافلة قائماً أو قاعداً .
(2) أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام، باب: الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسم كتاب الحج باب فرض الحج مرة في العمر.





أبو نعيم إحسان 26 Dec 2007 12:23 PM

الفصل الثاني
أخطاء يجب الحذر منها
وهناك أخطاء يرتكبها بعض طلبة العلم:

منها الحسد:

وهو: كراهة ما أنعم الله به على غيره ؛ وليس هو تمني زوال نعمة الله على الغير؛ بل هو مجرد أن يكره الإنسان ما أنعم الله به على غيره ؛ فهذا هو الحسد سواء تمنى زواله أو أن يبقى ولكنه كاره له. كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- فقال: " الحسد كراهة الإنسان ما أنعم الله به على غيره ". والحسد قد لا تخلو منه النفوس - يعني قد يكون اضطرارياً للنفس- ولكن جاء في الحديث: (( إذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقق )) (1) ؛ يعني أن الإنسان يجب عليه إذا رأى من قلبه حسداً للغير ألا يبغي عليه بقول أو فعل ؛ فإن ذلك من خصال اليهود الذين قال الله عنهم: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (النساء الآية:54) ثم إن الحاسد يقع في محاذير:

أولاً:
كراهته ماقدره الله ؛ فإن كراهته ما أنعم الله به على هذا الشخص كراهة لما قدره كوناً ، ومعارضة لقضاء الله – عز وجل – .

ثانيا: أن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل الناس الحطب ؛ لأن الغالب أن الحاسد يعتدي على المحسود بذكر ما يكره وتنفير الناس عنه ، والحط من قدره وما أشبه ذلك ؛ وهذا من كبائر الذنوب التي قد تحيط بالحسنات.

ثالثا:
مايقع في قلب الحاسد من الحسرة والجحيم والنار التي تأكله أكلاً ؛ فكلما رأى نعمة من الله على هذا المحسود اغتم وضاق صدره ، وصار يراقب هذا الشخص كلما أنعم الله عليه بنعمة حزن واغتم وضاقت عليه الدنيا.


رابعا:
أن في الحسد تشبهاً باليهود ؛ معلوم أن من أتى خصلة من خصال الكفار صار منهم في هذه الخصلة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (( من تشبه بقوم فهو منهم )) (2)


خامساً:
أنه مهما كان حسده ومهما قوي لا يمكن أبداً أن يرفع نعمة الله عن الغير، إذا كان هذا غير ممكن فكيف يقع في قلبه الحسد.

سادساً: أن الحسد ينافي كمال الإيمان لقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) (3) ؛ ولازم هذا أن تكره أن تزول نعمة الله عن أخيك ؛ فإذا لم تكن تكره أن تزول نعمة الله عليك فأنت لم تحب لأخيك ما تحب لنفسك ؛ وهذا ينافي كمال الإيمان.

سابعاً:
أن الحسد يوجب إعراض العبد عن سؤال الله تعالى من فضله ؛ فتجده دائما مهتماً بهذه النعمة التي أنعـم الله بها على غيره ولا يسأل الله من فضله ؛ وقـد قال الله تعالى: ﴿ وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِه (النساء الآية: 32) .


ثامناً: أن الحسد يوجب ازدراء نعمة الله عليه ؛ أي أن الحاسد يرى أنه ليس في نعمة ، وأن هذا المحسود في نعمة أكبر منه ؛ وحينئذ يحتقر نعمة الله عليه فلا يقوم بشكرها بل يتقاعس.

تاسعا:
الحسد خلق ذميم ؛ لأن الحاسد يتتبع نعم الله على الخلق في مجتمعه ، ويحاول بقدر ما يمكنه أن يحول بين الناس وبين هذا المحسود بالحط من قدره أحياناً، وبازدراء ما يقوم به من الخير أحياناً إلى غير ذلك.


عاشراً:
إن الحاسد إذا حسد ، فالغالب أن يعتدي على المحسود وحينئذ يأخذ المحسود من حسناته ، فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاته فطٌرح عليه ثم طٌرح في النار.


والخلاصة:
أن الحسد خلق ذميم ؛ ومع الأسف أنه أكثر ما يوجد بين العلماء وطلبة العلم ؛ ويوجد بين التجار ؛ فيحسد بعضهم البعض ؛ وكل ذي مهنة يحسد من شاركه فيها؛ لكن مع الأسف أنه بين العلماء أشد وبين طلبة العلم أشد ، مع أنه كان الأولى والأجدر أن يكون أهل العلم أبعد الناس عن الحسد وأقرب الناس إلى كمال الأخلاق.
وأنت يا أخي إذا رأيت الله قد أنعم على عبده نعمة ما ، فاسع أن تكون مثله ولا تكره من أنعم الله عليه فقل: "اللهم زده من فضلك وأعطني أفضل منه " ؛ والحسد لا يغير شيئا من الحال ، لكنه -كما ذكرنا آنفاً- فيه هذه المفاسد وهذه المحاذير العشرة ؛ ولعل من تأمل وجد أكثر والله المستعان.

-------------------

(1)- نص الحديث: (( ثلاثة لا يسلم منهن أحد: الطيرة ، والظن، والحسد ، فإذا تطيرت فلا ترجع، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقق )) ذكره الحافظ ابن حجر في (( فتح الباري)) ( 10 / 213) وقال عنه:" هذا مرسل أو معضل لكن له شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه البيهقي في الشعب" اهـ ؛ وأخرجه ابن عبدالبر في التمهيد بلفظ: (( إذا حسدتم فلا تبغوا، وإذا ظننتم فلا تحققوا، وإذا تطيرتم فامضوا وعلى الله فتوكلوا)) وبلفظ آخر: (( ثلاث لم يسلم منهم أحد: الطيرة، والظن ، والحسد ، قيل: فما المخرج منهن يا رسول الله قال: إذا تطيرت فلا ترجع، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدتم فلا تبغوا )) ( 6 / 125) ؛ أخرجه الطبراني في (( الكبير )) بلفظ :(( ثلاثة لازمات لأمتي:الطيرة، والحسد ، وسوء الظن )) فقال رجل : وما يذهبهن يارسول الله ممن هن فيه ؟ قال -صلى الله عليه وسلم -: (( إذا حسدت فاستغفر الله ، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا طيرت فامض )) جـ 3 ص 228. وانظر: كشف الخفاء للعجلوني ( 1 / 104) ، وتفسير ابن كثير ( 4 / 191) ((سورة الحجرات)).

(2)- أخرجـه الإمام أحمد ( 5 / 5) ، وأبو داود، كتاب اللباس، باب : في لبس شـهرة، وابن أبي شيبة في (( المصنف )) ( 5 / 313)، والهيثمي في (( مجمع الزوائد )) ( 10 / 271) ، وابن عبد البر في (( التمهيد)) ( 6 / 80 )ـ قلل الهيثمي: " رواه الطبراني في الأوسط وفيه علي بن غراب وقد وثقه غير واحد وضعفه بعضهم وبقية رجاله ثقات " . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالي: (( إسناده جيد)) الفتاوى ( 5 / 331)، وقال ابن حجر – بعد ذكر الحديث : - " حسن من هذا الوجه وأبو منيب لا يعرف اسمه، وفي الإسناد عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان مختلف في توثيقه، وله شاهد مرسل بإسناد حسن أخرجه ابن أبي شيبة من طريق الأوزاعي عن سعيد بن جبلة " فتح الباري (6/97)، وقد ذكره السيوطي في (( الجامع الصغير )) (1/590)وأشار إلى أنه حسن. وصححه أحمد شاكر (( المسند)) رقم 5114.

(3)- أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومسلم، كتاب الإيمان، باب: الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

أبو نعيم إحسان 29 Dec 2007 11:55 PM

ومنها الإفتاء بغير علم:

الإفتاء منصب عظيم؛ به يتصدى صاحبه لبيان ما يشكل على العامة من أمور دينهم ، ويرشدهم إلى الصراط المستقيم ؛ لذلك كان هذا المنصب العظيم لا يتصدر له إلا من كان أهلاً له لذلك .
يجب على العباد أن يتقوا الله –تعالى- ، وأن لا يتكلموا إلا عن علم وبصيرة ، وأن يعلموا أن الله وحده له الخلق والأمر ؛ فلا خالق إلا الله، ولا مدبر للخلق إلا الله ؛ ولا شريعة للخلق سوى شريعة الله ؛ فهو الذي يوجب الشيء ، وهو يحرمه، وهو الذي يندب إليه ويحلله ؛ ولقد أنكر الله على من يحللون ويحرمون بأهوائهم ، فقال –تعالى- : (( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ () وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَة )) (يونس الآيتان: 59، 60) ؛ وقال –تعالى-: (( وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ () مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) (النحل الآيتان: 116 ، 117)

وإن من أكبر الجنايات أن يقول الشخص عن شيء إنه حلال وهو لا يدري ما حكم الله فيه ؛ أو يقول عن الشيء إنه حرام وهو لا يدري عن حكم الله فيه ؛ أو يقول عن الشيء إنه واجب وهو لا يدري أن الله أوجبه ؛ ويقول عن الشيء إنه غير واجب هو لا يدري أن الله لم يوجبه ؛ إن هذه جناية وسوء أدب مع الله – عز وجل -.

كيف تعلم -أيها العبد- أن الحكم لله ، ثم تتقدم بين يديه فتقول في دينه وشريعته ما لا تعلم ؟ لقد قرن الله القول عليه بلا علم بالشرك به ، فقال –سبحانه-: (( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ )) (الأعراف ،الآية:33) .

وإن كثيراً من العامة يفتي بعضهم بعضاً بما لا يعلمون ؛ فتجدهم يقولون هذا حلال،أو حرام،أو واجب،أو غير واجب ؛ وهم لا يدرون عن ذلك شيئاً ؛ أفلا يعلم هؤلاء أن الله –تعالى- سائلهم عما قالوا يوم القيامة .

أفلا يعلم هؤلاء أنهم إذا أضلوا شخصاً ، فأحلوا له ما حرم الله ، أو حرَّموا ما أحل الله له ؛ فقد باءوا بإثمه ؛ وكان عليهم مثل وزر ما عمل وذلك بسبب ما أفتوه به.

وإن بعض العامة يجني جناية أخرى ؛ فإذا رأى شخصاً يريد أن يستفتي عالماً يقول له هذا العامي :

لا حاجة أن تستفتي ؛ هذا أمر واضح ؛ هذا حرام ؛ مع أنه في الواقع حلال ؛ فيحرمه ما أحل الله له ؛ أو يقول له: هذا واجب ؛ فيلزمه بما لم يلزمه الله به ؛ أو يقول هذا غير واجب في شريعة الله فيسقط عنه ما أوجب الله عليه ؛ أو يقول هذا حلال وهو في الواقع حرام ؛ وهذه جناية منه على شريعة الله، وخيانة لأخيه المسلم ؛ حيث أفتاه بدون علم ؛ أرأيتم لو أن شخصاً سأل عن طريق بلد من البلدان ، فقلت: الطريق من هنا ؛ وأنت لا تعلم ؛ أفلا يعد الناس ذلك خيانة منك؟ فكيف تتكلم عن طريق الجنة وهو الشريعة التي أنزل الله وأنت لا تعلم عنها شيئاً؟!

و إن بعض المتعلمين أنصاف العلماء يقعون فيما يقع فيه العامة من الجرأة على الشريعة في التحليل والتحريم والإيجاب ؛ فيتكلمون فيما لا يعلمون ؛ ويجملون في الشريعة ويفصلون ؛ وهم من أجهل الناس في أحكام الله ؛ إذا سمعت الواحد منهم يتكلم ، فكأنما ينزل عليه الوحي فيما يقول من جزمه وعدم تورعه، لا يمكن أن ينطق ويقول: لا أدري ؛ مع أن عدم العلم هو وصفة الحق الثابت ؛ ومع ذلك يصر -بناءً على جهله- على أنه عالم فيضر العامة؛ لأن الناس ربما يثقون بقوله ويغترون به ؛ وليت هؤلاء القوم يقتصرون على نسبة الأمر إليهم ؛ لا بل تراهم ينسبون ذلك للإسلام فيقولون: الإسلام يقول كذا ، الإسلام يرى كذا، وهذا لا يجوز ؛ إلا فيما علم القائل أنه من دين الإسلام ؛ ولا طريق إلى ذلك إلا بمعرفة كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم -، أو إجماع المسلمين عليه .

إن بعض الناس -لجرأته وعدم ورعه وعدم حيائه من الله وعدم خوفه منه- يقول عن الشيء المحرم الواضح تحريمه: ما أظن هذا حراماً ؛ أو عن الشيء الواجب والواضح وجوبه يقول ما أظن هذا واجباً ؛ إما جهلاً منه، أو عناداً ومكابرة، أو تشكيكاً لعباد الله في دين الله .

أيها الإخوة: إن من العقل والإيمان ومن تقوى الله وتعظيمه أن يقول الرجل عما لا يعلم لا أعلم، لا أدري، اسأل غيري ؛ فإن ذلك من تمام العقل ؛ لأن الناس إذا رأوا تثبته وثقوا به ؛ ولأنه يعرف قدر نفسه حينئذ وينزلها منزلتها ؛ وإن ذلك أيضاً من تمامالإيمان بالله وتقوى الله ؛ حيث لا يتقدم بين يدي ربه ولا يقول عليه في دينه مالا يعلم ؛ ولقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو أعلم الخلق بدين الله- كأن يسأل عما لم ينزل عليه فيه الوحي، فينتظر حتى ينزل عليه الوحي ؛ فيجيب الله –سبحانه- عما سئل عنه نبيه (( يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ )) (المائدة الآية: 4) وقوله : (( وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرا )) (الكهف الآية:83) وقوله : (( يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ )) (لأعراف الآية: 187) ؛ ولقد كان الأجلاء من الصحابة تعرض لهم المسألة لا يدرون حكم الله فيها فيهابونها ويتوقفون فيها.

فها هو أبوبكر الصديق – رضي الله عنه – يقول: " أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إذا أنا قلت في كتاب الله بغير علم ".

وهاهو عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – تنزل به الحادثة فيجمع لها الصحابة ويستشيرهم فيها؛ قال ابن سيرين:" لم يكن أحد أهيب مما لا يعلم من أبي بكر، ولم يكن أحد بعد أبي بكر أهيب بما لا يعلم من عمر" ؛ وقال ابن مسعود – رضي الله عنه :- " أيها الناس ؛ من سئل عن علم يعلمه فليقل به ؛ ومن لم يكن عنده علم فليقل: الله أعلم ؛ فإن مع العلم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم ".
وسئل الشعبي عن مسألة فقال: لا أحسنها ؛ فقال له أصحابه: قد استحيينا لك ؛ فقال: لكن الملائكة لم تستح حين قالت: (( لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا )) (البقرة الآية:32) .

وهناك أمثلة كثيرة على الإفتاء بغير علم : أن المريض إذا تنجست ثيابه ولم يمكن أن يطهرها يفتى بأنه لا يصلي حتى يطهر ثيابه ؛ وهذه فتوى كاذبة خاطئة باطلة ؛ فالمريض يصلي ولو كان عليه ثياب نجسة ؛ ولو كان بدنه نجساً - إذا كان لا يستطيع أن يطهر ذلك - لأن الله يقول: (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم )) (التغابن الآية: 16) ؛ فيصلي المريض على حسب حاله وعلى حسب ما يقدر عليه ؛ يصلى قائماً ، فإن لم يستطع فقاعداً ، فإن لم يستطع فعلى جنبه ، يومئ برأسه إذا استطاع، فإن لم يستطع أومأ بعينه -عند بعض أهل العلم- فإن لم يستطع الإيماء بعينه وكان معه عقله- فلْيَنْوِ الفعل بقلبه وليقل القول بلسانه مثلا: يقول: الله أكبر ؛ ثم يقرأ الفاتحة وسورة ؛ ثم يقول: الله أكبر ؛ وينوى أنه راكع ؛ ثم يقول: سمع الله لمن حمده ؛ وينوي أنه رفع من الركوع ؛ ثم يقول هكذا في السجود وبقية أفعال الصلاة، ينوي الفعل الذي لا يقدر عليه، ينويه بقلبه ولا يؤخر الصلاة عن وقتها.

وبسبب هذه الفتوى الكاذبة الخاطئة يموت بعض المسلمين وهم لا يصلون من أجل هذه الفتوى الكاذبة ؛ ولو أنهم علموا أن الإنسان المريض يصلي على أي حال لماتوا وهم يصلون .

ومثل هذه المسألة وأشباهها كثير ؛ فيجب على العامة أن يتلقوا أحكامها من أهل العلم حتى يعرفوا بذلك حكم الله – عز وجل – وحتى لا يقولوا في دين الله ما يعلمون.

أبو عبد الله الأثري 30 Dec 2007 09:52 AM

بارك الله فيك أخي الفاضل وجزيت خيرا

أبو نعيم إحسان 31 Dec 2007 12:12 AM

و فيك بارك الله

أبو نعيم إحسان 31 Dec 2007 11:57 PM

ومنها: الكبر



وقد فسره النبي -صلى الله عليه وسلم- بأجمع التفسير وأبينه وأوضحه فقال :(( الكبرُ بَطرُ الحق وغَمْطُ الناس )) (1)

وبطر الحق هو : رد الحق
وغمط الناس يعني: احتقارهمومن الكبرياء ردك على معلمك ، والتطاول عليه وسوء الأدب معه ؛ وأيضا استنكافك عمن يفيدك ممن هو دونك كبرياء ؛ وهذا يقع لبعض الطلبة إذا أخبره أحد بشيء وهو دونه في العلم استنكف ولم يقبل ؛ وتقصيرك عن العمل بالعلم عنوان حرمان – نسأل الله العافية - وفي هذا يقول القائل:

العلــم حــربٌ للفتى المتعالي. . . . . . . . . .. كالسيل حربٌ للمكــان العــالي

ومعنى البيت:

أن الفتى المتعالي لا يمكن أن يدرك العلم؛ لأن العلم حرب له كالسيل حرب للمكان العالي ؛ لأن المكان العالي ينفض عنه السيل يميناً وشمالاً ولا يستقر عليه ؛ كذلك العلم لا يستقر مع الكبر والعلو ؛ وربما يُسلب العلمَ بسبب ذلك.




و منها : التعصب للمذاهب والآراء

فيجب على طالب العلم أن يتخلى عن:

الطائفية والحزبية ، بحيث يعقد الولاء والبراء على طائفة معينة أو على حزب معين ؛ فهذا لا شك خلاف منهج السلف ؛ فالسلف الصالح ليسوا أحزاباً بل هم حزب واحد ، ينضوون تحت قول الله – عز وجل -: (( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ)) (الحج: الآية78) .



فلا حزبية ولا تعدد، ولا موالاة ، ولا معاداة ، إلا على حسب ما جاء في الكتاب والسنة ؛ فمن الناس –مثلاً- من يتحزب إلى طائفة معينة، يقرر منهجها ويستدل عليه بالأدلة التي قد تكون دليلاً عليه ؛ ويحامي دونها ؛ ويضلل من سواه حتى وإن كانوا أقرب إلى الحق منها ؛ ويأخذ مبدأ: "من ليس معي فهو علي" وهذا مبدأ خبيث؛ لأن هناك وسطاً بين أن يكون لك أو عليك ؛ وإذا كان عليك بالحق، فليكن عليك وهو في الحقيقة معك ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)) (2) ونصر الظالم أن تمنعه من الظلم ؛ فلا حزبية في الإسلام ؛ ولهذا لما ظهرت الأحزاب في المسلمين، وتنوعت الطرق، وتفرقت الأمة، وصار بعضهم يضلل بعضاً، ويأكل لحم أخيه ميتاً، لحقهم الفشل كما قال الله –تعالى-: (( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ )) (الأنفال: الآية46) ؛ لذلك نجد بعض طلاب العلم يكون عند شيخ من المشايخ، ينتصر لهذا الشيخ بالحق والباطل ويعادي من سواه، ويضلله ويبدعه ؛ ويرى أن شيخه هو العالم المصلح، ومن سواه إما جاهل أو مفسد ؛ وهذا غلط كبير؛ بل يجب أخذ قول من وافق قوله الكتاب والسنة وقول أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .



ومنها: التصدر قبل التأهل



مما يجب الحذر منه: أن يتصدر طالب العلم قبل أن يكون أهلاً للتصدر ؛ لأنه إذا فعل ذلك كان هذا دليلاً على أمور:


الأمر الأول : إعجابه بنفسه ؛ حيث تصدر ، فهو يرى نفسه عَلَم الأعلام.

الأمر الثاني : أن ذلك يدل على عدم فقهه ومعرفته للأمور؛ لأنه إذا تصدر، ربما يقع في أمر لا يستطيع الخلاص منه؛ إذ أن الناس إذا رأوه متصدراً أَوْرَدوا عليه من المسائل ما يبين عواره.

الأمر الثالث: أنه إذا تصدر قبل أن يتأهل ، لزمه أن يقول على الله ما لا يعلم؛ لأن الغالب أن من كان هذا قصده، أنه لا يبالي ويجيب على كل ما سُئِلَ ؛ و يُخاطر بدينه وبقوله على الله – عز وجل – بلا علم.

الأمر الرابع: أن الإنسان إذا تصدر فإنه في الغالب لا يقبل الحق ؛ لأنه يظن بسفهه أنه إذا خضع لغيره -ولو كان معه الحق- كان هذا دليلاً على أنه ليس بعالم.


أبو نعيم إحسان 02 Jan 2008 12:29 PM

في كتب طالب العلم وفتاوى حول العلم وفوائد
الفصل الأول
كتب طالب العلم



قبل البدء في هذا الفصل لابد أن نبين بعض الأمور المهمة لطالب العلم وهي:

الأمر الأول: كيف تتعامل مع الكتاب ؟
التعامل مع الكتاب يكون بأمور:

الأول: معرفة موضوعه
حتى يستفيد الإنسان منه؛ لأنه يحتاج إلى التخصص ؛ ربما يكون كتاب سحر أو شعوذة أو باطل ؛ فلا بد من معرفة موضوع الكتاب حتى تحصل الفائدة منه.

الثاني: معرفة مصطلحاته
لأن معرفة المصطلحات يحصل بها أنك تحفظ أوقاتاً كثيرة ؛ وهذا يفعله العلماء في مقدمات الكتب ؛ فمثلاً ، نعرف أن صاحب " بلوغ المرام " إذا قال: متفق عليه ؛ يعني رواه البخاري ومسلم ؛ لكن صاحب " المنتقى " على خلاف ذلك فإذا قال صاحب المنتقى : متفق عليه ؛ فإنه يعني رواه الإمام أحمد والبخاري، ومسلم ؛ وكذلك في كتب الفقه يفرق كثير من العلماء بين القولين، والوجهين، والروايتين، والاحتمالين ؛ فالروايتان عن الإمام، والوجهان عن الأصحاب، وهم أصحاب المذهب الكبار أهل التوجيه ؛ والاحتمالان للتردد بين قولين، والقولان أعم من ذلك كله .

كذلك يحتاج أن تعرف –مثلاً- إذا قال المؤلف إجماعاً أو وفاقاً ؛ إذا قال إجماعاً يعني بين الأمة ؛ وإذا قال وفاقاً يعني مع الأئمة الثلاثة كما هو اصطلاح صاحب " الفروع" في فقه الحنابلة ؛ وكذلك بقية أصحاب المذاهب كل له اصطلاح ؛ فلا بد أن تعرف اصطلاح المؤلف.


الثالث: معرفة أسلوبه وعباراته
ولهذا تجد أنك إذا قرأت الكتاب ، أول ما تقرأ -لاسيما في الكتب العلمية المملوءة علماً- تجد أنه تمر بك العبارة تحتاج إلى تأمل وتفكير في معناها ؛ لأنك لم تألفه ؛ فإذا كررت هذا الكتاب ألفته.

وهناك أيضا أمر خارج عن التعامل مع الكتاب وهو : التعليق بالهوامش أو الحواشي. فهذا أيضاً مما يجب لطالب العلم أن يغتنمه ؛ وإذا مرت به مسألة تحتاج إلى شرح، أو إلى دليل، أو إلى تعليل ويخشى أن ينساه ، فإنه يُعلق إما بالهامش - وهو الذي على اليمين أو اليسار – أو بالحاشية – وهي التي في الأسفل – وكثيراً ما يفوت الإنسان مثل هذه الفوائد التي لو علقها لم تستغرق عليه إلا دقيقة أو دقيقتين ؛ ثم إذا عاد ليتذكرها بقي مدة يتذكرها وقد لا يذكرها.

فينبغي على طالب العلم أن يعتني بذلك لاسيما في كتب الفقه ؛ يمر بك في بعض الكتب مسألة وحكمها ويحصل عندك توقف وإشكال ؛ فإذا رجعت للكتب – التي أوسع من الكتاب الذي بين يديك- و وجدت قولاً يوضح المسألة ، فإنك تعلق القول من أجل أن ترجع إليه مرة أخرى إذا احتجت إليه دون الرجوع إلى أصل الكتاب الذي نقلت منه ؛ فهذا مما يوفر عليك الوقت.

الأمر الثاني: مطالعة الكتب على نوعين

أولاً: مطالعة تدبر وتفهم ؛ فهذه لابد أن يتأمل الإنسان ويتأنى.

ثانيا: مطالعة استطلاع فقط ؛ ينظر من خلالها على موضوع الكتاب، وما فيه من مباحث، ويتعرف على مضمون الكتاب ؛ وذلك من خلال تصفح وقراءة سريعة للكتاب ؛ فهذه لا يحصل فيها من التأمل والتدبر ما يحصل في النوع الأول .

والطريقة المثلى في قراءة الكتب، التدبر والتفكر في المعاني والاستعانة بذوي الفهم من أهل العلم الصحيح ؛ ولا يخفى أن أولى الكتب بذلك : كتاب الله -عز وجل- .
وعليك بالصبر والمثابرة ؛ فما أعطى الإنسان عطاء خيراً وأوسع من الصبر.

الأمر الثالث: جمع الكتب

ينبغي لطالب العلم أن يحرص على جمع الكتب ؛ ولكن يبدأ بالأهم فالأهم ؛ فإذا كان الإنسان قليل ذات اليد ، فليس من الخير وليس من الحكمة أن يشتري كتباً كثيرة يُلزم نفسه بغرامة قيمتها ؛ فإن هذا من سوء التصرف ؛ وإذا لم يمكنك أن تشتري من مالك فيمكنك أن تستعير من أي مكتبة .

الأمر الرابع : الحرص على الكتب المهمة

يجب على طالب العلم أن يحرص على الكتب الأمهات الأصول دون المؤلفات حديثاً ؛ لأن بعض المؤلفين حديثاً ليس عنده العلم الراسخ ؛ ولهذا إذا قرأت ما كتبوا تجد أنه سطحي ، قد ينقل الشيء بلفظه، وقد يحرفه إلى عبارة طويلة لكنها غثاء ؛ فعليك بالأمهات كتب السلف فإنها خير وأبرك بكثير من كتب الخلف.
لأن غالب كتب المتأخرين قليلة المعاني، كثيرة المباني ؛ تقرأ صفحة كاملة يمكن أن تلخصها بسطر أو سطرين، لكن كتب السلف تجدها هينة، لينة، سهلة رصينة، لا تجد كلمة واحدة ليس لها معنى.

ومن أَجَلِّ الكتب -التي يجب على طالب العلم أن يحرص عليها- كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم – رحمهما الله – ؛ ومن المعلوم أن كتب ابن القيم أسهل وأسلس ؛ لأن شيخ الإسلام ابن تيمية كانت عباراته قوية لغزارة علمه، وتوقد ذهنه ؛ وابن القيم رأى بيتاً معموراً فكان من التحسين والترتيب ؛ ولسنا نريد بذلك أن نقول إن ابن القيم نسخة من ابن تيمية ؛ بل ابن القيم حر ؛ إذا رأى أن شيخه خالف ما يراه صواباً تكلم ؛ لما رأى وجوب فسخ الحج إلى العمرة ، وأن ابن عباس – رضي الله عنهما – يرى أنه يجب على من لم يسق الهدي إذا أحرم بحج أو قِران أن يفسخه إلى عمرة ؛ وكان شيخ الإسلام يرى أن الوجوب خاص بالصحابة ؛ قال: وأنا إلى قوله أميل مني إلى قول شيخنا؛ فصرح بمخالفته ؛ فهو رحمه الله مستقل ، حر الفكر ؛ لكن لا غرو أن يتابع شيخه -رحمه الله- فيما يراه حقاً وصواباً ؛ ولا شك أنك إذا تأملت غالب اختيارات شيخ الإسلام وجدت أنها هي الصواب وهذا أمر يعرفه من تدبر كتبهما.


الأمر الخامس: تقويم الكتب

الكتب تنقسم إلى ثلاثة أقسام.

القسم الأول : كتب خير.
القسم الثاني: كتب شر.
القسم الثالث: كتب لا خير ولا شر.

فاحرص أن تكون مكتبتك خالية من الكتب التي ليس فيها خير أو التي فيها شر ؛ وهناك كتب يقال إنها كتب أدب، لكنها تقطع الوقت وتقتله في غير فائدة ؛ وهناك كتب ضارة ذات أفكار معينة وذات منهج معين ؛ فهذه أيضاً لا تدخل المكتبة -سواء كان ذلك في المنهج أو كان ذلك في العقيدة- مثل كتب المبتدعة التي تضر في العقيدة، والكتب الثورية التي تضر في المنهج.

وعموماً كل كتب تضر فلا تدخل مكتبتك ؛ لأن الكتب غذاء للروح كالطعام والشراب للبدن ؛ فإذا تغذيت بمثل هذه الكتب صار عليك ضرر عظيم واتجهت اتجاهاً مخالفاً لمنهج طالب العلم الصحيح.

أبو نعيم إحسان 03 Jan 2008 09:05 PM

كتب مختارة لطالب العلم


أولاً: العقيدة


1- كتاب " ثلاثة الأصول ".

2- كتاب " القواعد الأربع"

3- كتاب " كشف الشبهات "

4- كتاب " التوحيد "

وهذه الكتب الأربعة لشيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى-

5- كتاب " العقيدة الواسطية " وتتضمن توحيد الأسماء والصفات ؛ وهي من أحسن ما أُلف في هذا الباب ؛ وهي جديرة بالقراءة والمراجعة.

6- كتاب " الحموية".

7- كتاب " التدمرية" وهما رسالتان أوسع من " الواسطية" ؛ وهذه الكتب الثلاثة لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -.

8- كتاب " العقيدة الطحاوية " للشيخ أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي.

9- كتاب " شرح العقيدة الطحاوية " لأبي الحسن علي بن أبي العز.

10- كتاب " الدرر السنية في الأجوبة النجدية" جمع الشيخ عبد الرحمن بن قاسم – رحمه الله تعالى-

11- كتاب " الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية " لمحمد بن أحمد السفاريني الحنبلي ؛ وفيها بعض الإطلاقات التي تخالف مذهب السلف، كقوله:

وليس ربنا بجوهر ولا عرض ولا جســـم تعالى في العلى

لذلك لابد لطالب العلم أن يدرسها على شيخ ملم بالعقيدة السلفية لكي يبين ما فيها من الإطلاقات المخالفة لعقيدة السلف الصالح.


ثانيا: الحديث

1- كتاب " فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى -

2- كتاب " سبل السلام شرح بلوغ المرام" للصنعاني ؛ وكتابه جامع بين الحديث والفقه.

3- كتاب " نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار " للشوكاني .

4- كتاب " عمدة الأحكام " للمقدسي ؛ وهو كتاب مختصر ؛ وعامة أحاديثه في الصحيحين فلا يحتاج إلى البحث عن صحتها.

5- كتاب " الأربعين النووية" لأبي زكريا النووي – رحمه الله تعالى- ؛ وهذا كتاب طيب ،لأن فيه آداباً، ومنهجاً جيداً ، وقواعد مفيدة جداً مثل حديث (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) (1) ؛ فهذه قاعدة لو جعلتها هي الطريق الذي تمشي عليه لكانت كافية ؛ وكذلك قاعدة في النصح حديث : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )) (2).

6- كتاب " بلوغ المرام " للحافظ ابن حجر العسقلاني ؛ وهو كتاب نافع مفيد؛ لا سيما وأنه يذكر الرواة ، ويذكر من صحح الحديث ومن ضعفه ، ويعلق على الأحاديث تصحيحاً أو تضعيفاً .

7- كتاب " نخبة الفكر " للحافظ ابن حجر العسقلاني ؛ وتعتبر جامعة ؛ وطالب العلم إذا فهمها تماماً وأتقنها فهي تغني عن كتب كثيرة في المصطلح ؛ ولابن حجر – رحمه الله تعالى – طريقة مفيدة في تأليفها وهي السبر والتقسيم ؛ فطالب العلم إذا قرأها ، يجد نشاطاً ؛ لأنها مبنية على إثارة العقل ؛ وأقول : يحسن بطالب العلم أن يحفظها لأنها خلاصة مفيدة في علم المصطلح .

8- الكتب الستة " صحيح البخاري ، ومسلم ، والنسائي ، وأبو داوود ، وابن ماجه ، والترمذي " وأنصح طالب العلم أن يكثر من القراءة فيها ، لأن في ذلك فائدتين :

الأولى : الرجوع إلى الأصول ..
الثانية: تكرار أسماء الرجال على ذهنه ؛ فإذا تكررت أسماء الرجال لا يكاد يمر به رجل –مثلاً- من رجال البخاري -في أي سند كان- إلا عرف أنه من رجال البخاري ؛ فيستفيد هذه الفائدة الحديثية ...


ثالثاً: الفقه

1- كتاب " آداب المشي إلى الصلاة " لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى - .

2- كتاب " زاد المستقنع في اختصار المقنع " للحجاوي ؛ وهذا من أحسن المتون في الفقه ؛ وهو كتاب مبارك مختصر جامع ؛ وقد أشار علينا شيخنا العلامة عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله تعالى ـ بحفظه ؛ مع أنه قد حفظ متن " دليل الطالب" .

3- كتاب " الروض المربع شرح زاد المستقنع " للشيخ منصور البهوتي .

4- كتاب " عمدة الفقه " لابن قدامه ـ رحمه الله تعالى ـ .

5- كتاب " الأصول من علم الأصول " وهو كتاب مختصر يفتح الباب للطالب .


رابعاً : الفرائض

1- كتاب " متن الرحبية " للرحبي .

2- كتاب " متن البرهانية " لمحمد البرهاني ؛ وهو كتاب مختصر مفيد جامع لكل الفرائض ؛ وأرى أن " البرهانية " أحسن من " الرحيبية " لأن " البرهانية " أجمع من الرحيبية من وجه ، وأوسع معلومات من وجه آخر .


خامساً : التفسير

1- كتاب " تفسير القرآن العظيم " لابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ ؛ وهو جيد بالنسبة للتفسير بالأثر ومفيد ومأمون ؛ ولكنه قليل العرض لأوجه الإعراب والبلاغة .

2- كتاب " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " للشيخ عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله تعالى ـ ؛ وهو كتاب جيد وسهل ومأمون وأنصح بالقراءة فيه .

3- كتاب " مقدمة شيخ الإسلام في التفسير " وهي مقدمة مهمة وجيدة .

4- كتاب " أضواء البيان " للعلامة محمد الشنقيطي ـ رحمه الله تعالى ـ وهو كتاب جامع بين الحديث والفقه والتفسير وأصول الفقه .


سادساً : كتب عامة في بعض الفنون

1- في النحو " متن الأجرومية " وهو كتاب مختصر مبسط .

2- في النحو " ألفية بن مالك" وهي خلاصة علم النحو .

3- في السيرة وأحسن ما رأيت كتاب " زاد المعاد " لابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ ؛ وهو كتاب مفيد جداً يذكر سيرة النبي – صلى الله عليه و سلم- في جميع أحواله ثم يستنبط الأحكام الكثيرة .

4- كتاب " روضة العقلاء " لابن حبان البستي ـ رحمه الله تعالى ـ ؛ وهو كتاب مفيد على اختصاره ؛ وجمع عدداً كبيراً من الفوائد ومآثر العلماء والمحدثين وغيرهم .

5- كتاب " سير أعلام النبلاء " للذهبي ؛ وهذا الكتاب مفيد فائدة كبيرة ينبغي لطالب العلم أن يقرأ فيه ويراجع


---------------------------------

(1) أخرجه الإمام أحمد (1-201) ، والترمذي (2318)، وحسنه النووي في ( رياض الصالحين) ص 73، وصححه أحمد شاكر ( المسند) 1737).

(2) أخرجه البخاري كتاب الأدب ، ومسلم كتاب اللقطة ، باب الضيافة




أبو نعيم إحسان 04 Jan 2008 09:30 PM

الفصل الثاني
فتاوى حول العلم
1- سئل فضيلته – رحمه الله -: هل يعذر طلبة العلم الذين درسوا العقيدة على غير مذهب السلف الصالح محتجبين بأن العالم الفلاني أو الإمام الفلاني يعتقد هذه العقيدة؟



فأجاب فضيلته بقوله: هذا لا يعذر به صاحبه حيث بلغه الحق؛ لأن الواجب عليه أن يتبع الحق أينما كان، وأن يبحث عنه حتى يتبين له.
والحق – ولله الحمد – ناصع، بيِّن لمن صلحت نيته، وحسن منهاجه ؛ فإن الله – عز وجل- يقول في كتابه: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر ﴾ [ (القمر الآية:17) ؛ ولكن بعض الناس – كما ذكر الأخ السائل- يكون لهم متبوعون معظمون لا يتزحزحون عن آرائهم ؛ مع أنه قد ينقدح في أذهانهم أن آراءهم ضعيفة أو باطلة ؛ لكن التعصب والهوى يحملهم على موافقة متبوعيهم، وإن كان قد تبين لهم الهدى.



2- وسئل فضيلة الشيخ: عمن لا يحب دراسة العقيدة خصوصاً مسألة القدر خوفاً من الزلل؟

فأجاب بقوله: هذه المسألة -كغيرها من المسائل المهمة التي لابد للإنسان منها في دينه ودنياه- لابد أن يخوض غمارها وأن يستعين بالله – تبارك وتعالى- على تحقيقها ومعرفتها حتى يتبين له الأمر؛ لأنه لا ينبغي أن يكون على شك في هذه الأمور المهمة. أما المسائل التي لا تخل بدينه ، لو أجَّلها ولا يخشى أن تكون سببا لانحرافه، فإنه لا بأس أن يؤجلها مادام غيرها أهم منها ؛ ومسائل القدر من الأمور المهمة التي يجب على العبد أن يحققها تماما حتى يصل فيها إلى اليقين.

وهي في الحقيقة ليس فيها إشكال – ولله الحمد – ؛ والذي يثقل دروس العقيدة على بعض الناس هم أنهم -مع الأسف الشديد- يرجحون جانب "كيف" على جانب "لِمَ" ؛ والإنسان مسؤول عن عمله بأداتين من أدوات الاستفهام "لِمَ" و "كيف" ؛ فلِمَ عملت كذا ؟ هذا الإخلاص ؛ كيف عملت كذا؟ هذا المتابعة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ؛ وأكثر الناس الآن مشغولون بتحقيق جواب "كيف" غافلون عن تحقيق جواب "لِمَ" ؛ ولذلك تجدهم في جانب الإخلاص لا يتحرون كثيراً ؛ وفي جانب المتابعة يحرصون على أدق الأمور. فالناس الآن مهتمون كثيراً بهذا الجانب، غافلون عن الجانب الأهم ، وهو جانب العقيدة وجانب الإخلاص وجانب التوحيد .

لهذا تجد بعض الناس -في مسائل الدين- يسأل عن مسألة يسيرة جداً جداً ، وقلبه منكب على الدنيا ، غافل عن الله ، مطلقاً في بيعه وشرائه، ومركوبه، ومسكنه، وملبسه ؛ فقد يكون بعض الناس الآن عابداً للدنيا وهو لا يشعر ؛ وقد يكون مشركاً بالله في الدنيا وهو لا يشعر ؛ لأنه مع الأسف الشديد لا يهتم بجانب التوحيد وجانب العقيـدة ؛ وهذا ليس من العامة فقط ولكن من بعض طلاب العلم وهذا أمر له خطورته.

كما أن التركيز على العقيدة –فقط- بدون العمل -الذي جعله الشارع كالحامي والسور لها- خطأ –أيضاً- لأننا نسمع في الإذاعات ، ونقرأ في الصحف التركيز على أن الدين هو العقيدة السمحاء ، وما أشبه ذلك من العبارات ؛ وفي الحقيقة أن هذا يُخشى أن يكون باباً يلج منه من يلج في استحلال بعض المحرمات بحجة أن العقيدة سليمة ؛ ولكن لابد من ملاحظة الأمرين جميعاً ليستقيم الجواب على "لِمَ" وعلى "كيف".

وخلاصة الجواب : أنه يجب على المرء دراسة علم التوحيد والعقيدة ؛ ليكون على بصيرة في إلهه ومعبوده – جل وعلا – ؛ على بصيرة بأسماء الله، وصفاته، وأفعاله ؛ على بصيرة في أحكامه الكونية، والشرعية ؛على بصيرة في حكمته، وأسرار شرعه وخلقه ؛ حتى لا يضل بنفسه أو يضل غيره.

وعلم التوحيد هو أشرف العلوم لشرف متعلقه ولهذا سماه أهل العلم " الفقه الأكبر" ؛ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )) ؛ وأول ما يدخل في ذلك –وأولاه- علم التوحيد والعقيدة ؛ لكن يجب على المرء –أيضاً- أن يتحرى كيف يأخذ هذا العلم ومن أي مصدر يتلقاه ؛ فليأخذ من هذا العلم –أولاً- ما صفا منه وسلم من الشبهات ؛ ثم ينتقل –ثانيا- إلى النظر فيما أورد عليه من البدع والشبهات ، ليقوم برَدِّها وبيانها مما أخذ من قبل العقيدة الصافية ؛ وليكن المصدر الذي يتلقاه منه كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ثم كلام الصحابة - رضي الله عنهم - ثم ما قاله الأئمة بعدهم من التابعين وأتباعهم ، ثم ما قاله العلماء الموثوق بعلمهم وأمانتهم ، خصوصا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم عليهما وعلى سائر المسلمين وأئمتهم سابغ الرحمة والرضوان.

أبو نعيم إحسان 05 Jan 2008 11:17 PM



3- سئل فضيلة الشيخ :
يتحرج بعض طلبة العلم الشرعي عند قصدهم العلم والشهادة فكيف
يتخلص طالب العلم من هذا الحرج؟

فأجاب -رحمه الله - بقوله : يجاب على ذلك بأمور:

أحدها: أن لا يقصدوا بذلك الشهادة لذاتها ؛ بل يتخذون هذه الشهادات وسيلة للعمل في الحقول النافعة للخلق ؛ لأن الأعمال -في الوقت الحاضر- مبنية على الشهادات ؛ والناس غالباً لا يستطيعون الوصول إلى منفعة الخلق إلا بهذه الوسيلة ؛ وبذلك تكون النية سليمة.

الثاني: أن من أراد العلم ، قد لا يجده إلا في هذه الكليات ؛ فيدخل فيها بنية طلب العلم ؛ ولا يؤثر عليه ما يحصل له من الشهادة فيما بعد.

الثالث: أن الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين -حسنى الدنيا، وحسنى الآخرة - فلا شيء عليه في ذلك ؛ لأن الله يقول﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾ (الطلاق: 2 ، 3 ) وهذا ترغيب في التقوى بأمر دنيوي.

فإن قيل: من أراد بعمله الدنيا كيف يُقال بأنه مخلص ؟

فالجواب: أنه أخلص العبادة ولم يُرِد بها الخلق إطلاقا؛ فلم يقصد مراءاة الناس ومدحهم على عبادته ؛ بل قصد أمراً مادياً من ثمرات العبادة ؛ فليس كالمرائي الذي يتقرب إلى الناس بما يتقرب به إلى الله ويريد أن يمدحوه به ؛ لكنه -بإرادة هذا الأمر المادي- نقص إخلاصه فصار معه نوع من الشرك ؛ وصارت منزلته دون منزلة من أراد الآخرة إرادة محضة.

وبهذه المناسبة ، أود أن أنبه على أن بعض الناس عندما يتكلمون على فوائد العبادات يحولونها إلى فوائد دنيوية ؛ فمثلاً يقولون في الصلاة رياضة وإفادة للأعصاب ؛ وفي الصيام فائدة لإزالة الفضلات وترتيب الوجبات ؛ والمفروض ألا تجعل الفوائد الدنيوية هي الأصل؛ لأن ذلك يؤدي إلى إضعاف الإخلاص والغفلة عن إرادة الآخرة ؛ ولذلك بين الله –تعالى- في كتابه حكمة الصوم – مثلاً- أنه سبب للتقوى ؛ فالفوائد الدينية هي الأصل، والدنيوية ثانوية ؛ وعندما نتكلم عند عامة الناس ، فإننا نخاطبهم بالنواحي الدينية ؛ وعندما نتكلم عند من لا يقتنع إلا بشيء مادي فإننا نخاطبه بالنواحي الدينية والدنيوية ولكل مقام مقال.




الساعة الآن 05:19 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013