![]() |
الحلقة الثالثة من مقال: التوضيح والتصريح في الردّ على المعتدي المسعودي في مقاله القبيح القريح
<بسملة 2> في الردّ على المفتري المعتدي المسعودي في مقاله القبيح القريح، وما ضمّنه من التّهويل والتلبيس والتجريح - الحلقة الثالثة- قوله: «- قال جمعة الجزائري (ص25): " مثل حديث: " إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه". وضعه عباد بن يعقوب الراونجي، وكان من غلاة الروافض. كما في "ذخيرة الحفاظ" (308)". قلت: هداك الله إلى الرشد يا جمعة. هلا نظرت في الأسانيد حتى تدرك حجم الخطأ الذي وقعت فيه. ألا تعرف أن عباد حتى وإن كان رافضيا فقد وثق. قال الحافظ في تقريب التهذيب (1/ 470): " صدوق رافضي حديثه في البخاري مقرون بالغ ابن حبان فقال: يستحق الترك"..... وإذا رجعت أيها القارئ الكريم إلى المصدر الذي أحال عليه جمعة (ذخيرة الحفاظ) تجد أن المقدسي قال: " وَالحكم كَذَّاب يضع الحَدِيث، وَسَرَقَهُ مِنهُ عباد بن يَعقُوب الراوجني،...، والحدِيث رَاجع إِلَي الحكم، وَهُوَ كَذَّاب"». والجواب عنه من وجهين: أولهما: أنّه مسلَّم به، وهو أنّ العلّة في الحكم بن ظهير، وهو كذّاب؛ وهو سبق نظر. الثاني: أنّ المسعودي هذا حذف كلام ابن طاهر في «ذخيرة الحفاظ» (1/320)، لمّا لم يناسبه، وجعل بدله نقاطًا متتابعة؛ وهذا من الخيانة العلمية؛ وتمام كلامه: «وسرقه منه عبّاد بن يعقوب الراوجني، فرواه عن شريك، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله. وعبّاد هذا من غلاة الروافض، ويروي المناكير عن المشاهير، يستحقّ الترك، وإن كان محمد بن إسماعيل البخاري روى عنه حديثًا واحدًا في «الجامع»، فلا يدلّ ذلك على صدقه؛ لأنّ البخاري روى عنه حديثًا، وثّقه عليه غيره من الثّقات، وأنكر الأئمّة في عصره عليه روايته عنه، وترك الرواية عن عبّاد جماعة من الحفّاظ. قال ابن عدي: وعبّاد روى أحاديث أنكرت عليه في فضائل أهل البيت، وفي مثالب غيرهم. وقد اختلف عليه، فرواه محمد بن صالح عنه، عن شريك، ورواه علي بن عباس عنه، عن الحكم بن ظهير، فدلّ أن تلك الرواية عن شريك لا أصل لها.....». فهذا الكلام كلّه حذفه المسعودي، وهو يبيّن أنّ عباد بن يعقوب سرق هذا الحديث من الحكم بن ظهير، وركّب له إسنادًا آخر، عن شريك، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود؛ وهذا الطريق فات الشيخ الألباني في «الضعيفة» (10/609)؛ وهو يدلّ على أنّ عبّادًا هذا هو متّهم به أيضا؛ وهذا ما ذكره ابن الجوزي في «الموضوعات» (2/26)، حيث قال: «أمّا حديث ابن مسعود ففيه رجلان متّهمان بوضعه، أحدهما عبّاد بن يعقوب، وكان غاليًا في التشيّع؛ روى أحاديث أنكرت عليه في فضائل أهل البيت، ومثالب غيرهم». قوله: «9- قال جمعة الجزائري (ص26) معلِّقا على قول القرافي في تعريفه للحديث المنكر" هو من رواه من فحش غلطه.." فقال جمعة: " أي تفرد من هذا حاله، بغير عاضد يعضده، بما لا متابع له ولا شاهد..." قلت: أترك التعليق للشيخ الألباني رحمه الله تعالى. قال في كتابه (صلاة التراويح) (ص66): "ومن المقرر، في علم "مصطلح الحديث"، أن الشاذ منكر مردود؛ لأنه خطأ، والخطأ لا يُتقوى به! ". ثم قال الشيخ: " ومن الواضح أن سبب رد العلماء للشاذ، إنما هو ظهور خطأها بسبب المخالفة المذكورة، وما ثبت خطؤه فلا يُعقل أن يقوي به رواية أخرى في معناها، فثبت أن الشاذ والمنكر لا يعتد به، ولا يستشهد به، بل إن وجوده وعدمه سواء".». الجواب من وجوه: أحدها: أنّه يؤكّد جهل الرجل المطلق بالمنهج العلمي في الكتابة، لأنّ البحث العلمي يقتضي الاعتماد على المصادر الأصلية الأصيلة حسب كلّ فنٍّ. الثاني: قوله: «أترك التعليق للشيخ الألباني رحمه الله تعالى». هذا من تلبيساته، وتلاعباته بالألفاظ؛ التي طغت على وُرَيْقَاته؛ لأنّه يوحي إلى أنّ كلام الشيخ الألباني يعارض ما ذكرته، والحال بخلاف ذلك؛ كما سيأتي تقريره. وأيضا: هذا الأسلوب اعتاده الصحفيّون؛ فالشيخ الألباني رحمه الله ليس حيًّا حتى تحيل إليه التعليق، بل الأولى أن تقوم أنت بالتعليق، كما جرى على أقلام النقّاد؛ وليتك بيّنت للمصفّقين لك بل المصفّرين- وجه الخطأ في تعليقي على كلام أبي الحسن القرافي، ووجه مخالفته لكلام الشيخ الألباني. ولا تلقه جزافًا، ولا تكن جمّاعًا، حطّابًا. أقول: إنّ تعليقي على أبي الحسن القرافي واضح في تعريفه للمنكر؛ وكلام الشيخ الألباني الذي أورده المسعودي، لا علاقة له تمامًا بالموضوع، وإنّما تكلّم عن الشاذ، وعدم قبوله إذا خالف من هو أوثق منه. والمسعودي قد بتر كلام الشيخ الألباني، وهذا واضح جليّ بالرجوع إلى أصل كلام الشيخ الألباني رحمه الله، حيث قال في «صلاة التراويح» (65)، عند تعليقه على أثر صلاة التراويح عشرين ركعة ما نصّه: «الثاني: أنّنا أثبتنا فيما تقدّم أنّ رواية مالك عن محمد بن يوسف الثقة الثبت عن السائب بالإحدى عشرة ركعة هي الصحيحة، وأنّ من خالف مالكًا فقد أخطأ؛ وكذلك من خالف محمد بن يوسف، وهما ابن خصيفة وابن أبي ذباب، فروايتهما شاذة؛ ومن المقرّر في علم المصطلح أنّ الشاذ منكر مردود لأنّه خطأ؛ والخطأ لا يتقوى به». ثم نقل كلام ابن الصلاح في تعريف الشاذ، فقال: «قال ابن الصلاح في "المقدمة" (ص 86): إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه، فإنْ كان ما انفرد به مخالفًا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا وإن لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره. . . فإن كان عدلاً حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به». قال الشيخ الألباني معلّقا على كلام ابن الصلاح: «ولا شكّ أنّ هذه الرواية من النوع الأول لأنّ راويها مخالف لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك، وأضبط؛ فهي مردودة. ومن الواضح أنّ سبب ردّ العلماء للشاذّ إنما هو ظهور خطأها (كذا) بسبب المخالفة المذكورة، وما ثبت خطأه فلا يعقل أن يقوّى به رواية أخرى في معناها؛ فثبت أن الشّاذ والمنكر ممّا لا يعتدّ به، ولا يستشهد به؛ بل إنّ وجوده وعدمه سواء». هذا كلام الشيخ الألباني بحرفه، ولفظه، فأين فيه تعريف للمنكر، ووجه مخالفته لما ذكرت؟! فكلامي في واد، وكلام الشيخ الألباني في واد؛ وبينهما المسعودي يصيح في واد، وينفخ في رماد. سَارت مُشَرِّقةً وسِرتُ مُغَرِّبًا... شتّان بين مُشَرّق وَمُغَرِّب فمن الذي يقرأ ولا يفهم؟! وهل مثله إلا كما قيل في المثل السائر: شَكَونا إليهم خَرَاب العراق... فعابوا علينا لحوم البقر فكانوا كما قيلَ فيما مضى... أُريها السُّهَى وَتُرِيني القمرْ الثالث: أنّ المسعودي نقل بعضًا من كلامي، وأهمل البعض الآخر مكتفيًا بالنقاط المتتابعة؛ وهذا منهجه في الكتابة، وبتر النصوص؛ وهو يتنافى مع الأمانة العلمية؛ وهل مثله إلا كمثل قول الشاعر الماجن البائس: ما قال ربّك ويل للذين سكروا ولــكــن قـال ويـل للمـصلّينا ولا بأس أن أنقل ما تركه المسعودي؛ لأنّ آخره يوضّح أوّله؛ فقلت في التعليق على قول أبي الحسن القرافي في تعريفه للمنكر: «هو من رواه من فحش غلطه –أي كثر، أو غفل عن الإتقان في الحديث، أو فسق بغير الوضع والبدعة»، ما نصّه: «أي تفرّد به من هذا حاله، بغير عاضد يعضده، بما لا متابع له، ولا شاهد؛ وهذا أحد قسمي المنكر، وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من المحدثين؛ كأحمد، والنسائي، وغيرهما. والقسم الآخر: هو مخالفته –مع ضعفه- للثقة؛ فالراجح يقال له: المعروف؛ ومقابله يقال له: المنكر. وبهذا يختلف عن الشاذ». فهذا تعليقي بتمامه؛ ثم أحلت إلى المصادر الأصيلة؛ مثل «نزهة النظر»، و«فتح المغيث»، و«التدريب»، و«المقنع». وأنقل هنا كلام أئمّة هذا الفنّ في تعريف المنكر ليتبيّن لك جهل المسعودي بعلم الحديث، وأنّه ليس له فيه حظّ إلا الوهم؛ وليس له همّ إلاّ الردّ –حقدًا وحسدًا-. قال الحافظ في «النكت» (2/ 675): «ما انفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ أو المضعّف في بعض مشايخه دون بعض بشيء لا متابع له ولا شاهد فهذا أحد قسمي المنكر، وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث. وإن خولف في ذلك، فهو القسم الثاني وهو المعتمد على رأي الأكثرين». فتأمّل أخي الكريم، كيف نصّ الحافظ على أنّ أحد قسمي المنكر هو أن يتفرّد الضعيف بلا متابع ولا شاهد؟! وعلّق على كلام ابن الصلاح في قوله: «وإطلاق الحكم على التفرّد بالردّ، أو النكارة، أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث». فقال الحافظ (2/674): «قلت: وهذا ينبغي التيقّظ له، فقد أطلق الإمام أحمد، والنسائي، وغير واحد من النقّاد لفظ المنكر على مجرّد التفرّد، لكن حيث لا يكون المتفرِّد في وزن من يحكم لحديثه بالصّحة بغير عاضد يعضده». وقال في «نزهة النظر» (225): «المنكر -على رأي من لا يشترط في المنكر قيد المخالفة- وكذا الرابع، والخامس، فمن فحش غلطه، أو كثرت غفلته، أو ظهر فسقه، فحديثه منكر». قال المناوي في شرحه للنخبة (2/62): «والمراد بالمخالفة: مخالفة من هو أحفظ منه، وأضبط، فالمنكر. عند صاحب هذا: الراوي الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يجبر تفرده؛ وكذا الرابع والخامس: فمن فحش غلطه، أو كثرت غفلته، أو ظهر فسقه فحديثه منكر». وقال الذهبي في «الموقظة» (42): «المنكر: وهو ما انفرد الراوي الضعيف به. وقد يعدّ مفرد الصدوق منكرا». فقوله: «ما انفرد» أي ليس له متابع ولا عاضد. ولو ذهبت أنقل كلام أئمّة الحديث في هذا لخرج هذا الرّد في سفر ضخم. فهذه نصوص أهل الحديث في تعريف المنكر، فقارنها –أيها القارئ المنصف- مع مجازفات المسعودي، تر من يقرأ ولا يفهم، ويكتب ولا يعلم. -قوله: «10- قال جمعة الجزائري (ص37) معلِّقا على قول القرافي: "وأرفع مراتب التعديل لفظ المبالغة، مثل قول القائل: أوثق الناس"". فقال جمعة: " ونحوه:...أو "فلان لا يسأل عنه". ونحو ذلك". قلت: هذه الكلمة هي في المرتبة الثانية، وليست في الأولى. كما هو عند الحافظ ابن حجر» وبيان فساده من وجهين: أوّلهما: كأنّ هذا الرجل لا يخجل من إظهار جهله؛ فأين نصّ ابن حجر على هذه العبارة: «فلان لا يسأل عنه»؟! وهذا لفظه في كتاب «التقريب» (74): «وباعتبار ما ذكرت انحصر الكلام على أحوالهم في اثنتي عشرة مرتبة، وحصر طبقاتهم في اثنتي عشرة طبقة. فأمّا المراتب: فأوّلها: الصحابة، فأصرح بذلك لشرفهم. الثانية: من أُأَكّد مدحه، إمّا بأفعل؛ كأوثق الناس؛ أو بتكرير الصفة لفظًا: كثقة ثقة؛ أو معنى: كثقة حافظ. الثالثة: من أفرد بصفة؛ كثقة، أو متقن، أو ثبت، أو عدل...». إلى آخر كلامه. ولعلّه يقصد المرتبة الثانية: كأوثق الناس؛ وهذا حظّ الرجل من العلم، أن يقف على ظاهر كلمة، ولا يتعنّت البحث والتحقيق والتدقيق. والناس أكثرهم فأهل ظواهر... تبدو لهم ليسوا بأهل معان فَهُمُ القُشور وبالقشور قوامهم... واللّب حظّ خلاصة الإنسان ألا فاعلم -يا أُخَي- أنّ الأمير الصنعاني قد استشكل هذا الأمر، واعترض على الحافظ فقال في «توضيح الأفكار» (2/263): «واعلم أنّه جعل الحافظ ابن حجر أوّل المراتب كونه صحابيًّا، فإنّه قال: وباعتبار ما ذكرته انحصر لي الكلام على أحوالهم في ثنتي عشرة؛ فأوّلها: الصّحابة؛ والثانية: من أكّد مدحه، إمّا بأفعل كأوثق الناس إلى آخر كلامه. فأوّل المراتب توثيقًا كون الراوي صحابياً، وظاهر هذا أن كونه صحابياً قد تضمن أنه ثقة حافظ، فصفة الصحبة قد تكفلت بالعدالة والضبط؛ وهذا لا اشكال فيه بالنظر إلى العدالة على أصل أئمة الحديث، ولكن بالنظر إلى الضبط والحفظ لا يخلو عن الاشكال، إذ الحفظ وعدمه من لوازم البشرية لا ينافي الصحبة، بل لا ينافي النبوّة، فقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنّه نسي في صلاته وغيرها، فكيف يجعل كون الراوي صحابيا أبلغ من الموصوف بـ«أوثق الناس»، ونحوه؟! والصحبة لا تنافي النسيان وعدم الحفظ...-إلى أن قال- وقد ورد علينا سؤال في هذا الشأن، وكتبنا فيه رسالة، وأطلنا فيها البحث، ولم أعلم من تنبّه لذلك». وابن حجر قد نصّ على أنّه جعل الصحابة في الرتبة الأولى لمكانتهم وشرفهم، كما تقدّم؛ ولم يقصد جعلهم في المرتبة الأولى من مراتب التعديل. ويؤيّد هذا أنّه لم يصرّح في ترجمة أحد منهم بلفظ من ألفاظ التعديل؛ وهو ما أشار إليه محقِّق «التقريب» (24-25) فقال في مقدمة الكتاب: «وحاصله أنّ مرتبة الصحابة ليست من مراتب التّعديل عند ابن حجر في التقريب، وأنّ تلك المراتب إنما تبدأ من المرتبة الثانية». ويؤكّد هذا، ويقرّره ما ذكره في «النزهة» (136)، حيث ذكر مراتب التعديل، ولم يذكر الصحابة، فقال: «ومن المهمّ أيضا معرفة مراتب التعديل. وأرفعها: الوصف أيضا بما دلّ على المبالغة فيه؛ وأصرّح ذلك: التعبير بأفعل؛ كـأوثق الناس، أو: أثبت الناس، أو إليه المنتهى في التثبت. ثم ما تأكّد بصفة من الصفات الدّالّة على التعديل، أو صفتين؛ كـ: ثقة ثقة، أو: ثبت ثبت، أو: ثقة حافظ، أو: عدل ضابط، أو نحو ذلك...» إلى آخر كلامه. الثاني: أنّ السيوطي الذي هو من أعلم الناس بكلام شيخه –لا ذاك الطُوَيْلِب الجويهل المتعالم-، قد نصّ على أنّ «فلان لا يسأل عنه» في المرتبة الأولى من مراتب التعديل، فقال في «التدريب» (1/404-405): «(فألفاظ التعديل مراتب) ذكرها المصنّف؛ كابن الصلاح تبعًا لابن أبي حاتم أربعة، وجعلها الذهبي، والعراقي خمسة، وشيخ الإسلام ستّة (أعلاها) بحسب ما ذكره المصنّف: (ثقة، أو متقن، أو ثبت، أو حجّة، أو عدل حافظ، أو) عدل (ضابط). وأمّا المرتبة التي زادها الذهبي، والعراقي فإنّها أعلى من هذه، وهو: ما كُرِّر فيه أحد هذه الألفاظ المذكورة؛ إمّا بعينه؛ كثقة ثقة؛ أو لا: كثقة ثبت، أو ثقة حجّة، أو ثقة حافظ. والمرتبة التي زادها شيخ الإسلام أعلى من مرتبة التكرير، وهي: الوصف بأفعل؛ كأوثق الناس، وأثبت الناس، أو نحوه، كإليه المنتهى في التثبت. قلت (أي السيوطي): ومنه: «لا أحد أثبت منه»، و«مَنْ مثل فلان؟!»، و«فلان لا يسأل عنه»؛ ولم أرَ من ذكر هذه الثلاثة، وهي في ألفاظهم. فالمرتبة التي ذكرها المصنّف أعلى، هي ثالثة في الحقيقة. (الثانية) من المراتب وهي رابعة بحسب ما ذكرناه (صدوق، أو محله الصدق، أو لا بأس به)». وتلاحظ أخي الكريم أنّه لم يذكر الصحابة في الرتبة الأولى؛ وزاد على ما نقله عن أئمّة الحديث أنواعًا منها: «فلان لا يسأل عنه». وتبعه على هذا علي القاري في «شرحه للنخبة» (728) حيث قال: « (ومن المهم أيضا معرفة مراتب التعديل، وأرفعها) بالرفع أي أرفع مراتبه (الوصف أيضا) أي كما سبق (بما دل على المبالغة فيه، وأصرح ذلك التعبير بـ: أفعل، كـ: أوثق الناس) أي أكثرهم اعتمادا، أو ما في معناه أعدل الناس. (أو أثبت الناس) أي حفظا، وعدالة. (أو إليه المنتهى في التثبت) أي التيقظ، والاحتياط في الديانة، والرواية، وفي معناه: فلان لا يسأل عنه». فهذا الكلام المبني على الاستدلال، لا كلام المتعالم المبني على الارتجال؛ وهذا هو التحقيق لا التحكيك. قوله: «وقد دافع العتر عن الإمام الترمذي دفاعا مجيدا، ورد الحملات عليه، وساق لأحاديث كثير ويحيى بن اليمان وأمثالهما شواهد صحيحة من الصحيحين وغيرهما، مما يدل على سلامة منهج الترمذي وبعد نظره، وعمق علمه بالحديث وطرقه وفقهه. فهذه مواقف العلماء ومحبي السنة النبوية وأهلها، لا تهويشات أهل الشغب على السنة وأهلها، الذين يستغلون هفوات الأئمة وزلات أقلامهم ليشفوا غيظهم.." » والتعليق على هذا الكلام من وجوه: أولها: استشهاده واعتماده على الدكتور العتر كاف في بيان حاله وقدره؛ وأخشى أن تكون فيه لوثة إخوانية؛ والعرق دسّاس؛ أم أنّ القاعدة الأثرية السلفية: «إنّ هذا العلم دين فانظر عمّن تأخذ دينك» قد ذهبت أدراج الرياح، وأكلها الزمن وشبع (ولا أقول: وشرب)؛ إذ كيف يستشهد من ينتسب إلى السلفية، بكلام من هو معروف بعدائه للسلفيّة، وشدّة تعصّبه للمذهب الحنفي، وتحامله الشديد على الشيخ الألباني. قال الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (1/355) في تعليقه على حديث «وأمركم بالصلاة وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا فإن الله عز وجل يقبل بوجهه على عبده ما لم يلتفت» قال: «تنبيه: هذه الفقرة في الالتفات جاء معناها في حديث ضعيف يأتي في الكتاب الآخر بلفظ: «لا يزال الله مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت, فإذا صرف وجهه انصرف عنه» . فجعلها الدكتور العتر في تعليقه على «شرح نخبة الفكر» (ص 33) شاهدًا للحديث الضعيف، وَخَفِيَ على هذا الدكتور المسكين أنها لا تصلح شاهدًا لوجهين...»ثم ذكرهما. وقال في موضع آخر (1/356) في تعليقه على حديث «إنّ الله أوحى إلي: أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد»، قال: «قلت: هذا الحديث صحيح الإسناد بلا شك. ولكن الدكتور العتر بلغت به معرفته بهذا العلم إلى أنّه ضعّفه من طريق إسناد أحمد فقال بعد أن ساقه: (وهذا إسناد صحيح إلا ما يخشى من تدليس يحيى بن أبي كثير على ثقته وجلالته وإلا ما يخشى من وهم أبي خلف فإنه كانت له أوهام لكن هذا ينجبر هنا). كذا قال، ولم يذكر شيئًا يمكن أن يكون جابرًا! وهذا المثال وحده يكفي للحكم على مبلغ معرفة الدكتور بالحديث وطرقه, فإنّ أبا خلف هذا، لم يتفرّد به، بل تابعه أبان بن يزيد ثنا يحيى بن أبي كثير. أخرجه من هذا الوجه الترمذي وصحّحه الآجري وابن خزيمة وابن حبان في «صحيحيهما» والحاكم والطيالسي كلّهم عن أبان به، وقد صرح يحيى بن أبي كثير بالتحديث عند ابن حبان فزالت شبهة تدليسه، فأيّ دكتور هذا الذي لا يعرف الحديث في هذه المصادر الكثيرة وغالبها مطبوع؟! لا سيما وانتصابه للردّ عليَّ يقتضيه البحث عن أي شيء يتعلّق به لتصحيح هذا الحديث، لتقوية شهادته التي زعمها!! وقد توبع عليه يحيى عند ابن خزيمة, ولكن الدكتور لم تقع عينه عليه بعد!». فهذا قدر الدكتور العتر في الحديث. وقوله: «فهذه مواقف العلماء ومحبي السنة النبوية وأهلها» أقول لك: لو تقرأ (ومشكلتك أنّك لا تقرأ، وإذا قرأت لا تفهم؛ بل تجادل وتخاصم) كتابه: «دراسات تطبيقية في الحديث النبوي (العبادات)» تعرف موقفه من السنة، ودفاعه عنها. وما دام قد عششت في بيت العنكبوت، وجعلته موردك العلمي، ومصدر التلقي، فأحيلك إلى المقال الذي كتبه أحد الفضلاء، ونشره في أحد المنتديات، بعنوان: «التحذير من كتابات الدكتور نور الدين عتر التي تطعن في السنة النبوية». ثانيا: قوله: «ورد الحملات عليه». التعليق عليه من وجوه: أولها: كذا يستعمل اللّغة الصُحُفية. الثاني: أنّ كلامه هذا، فيه من التمويه، والتلبيس ما لا يخفى، إذ يومئ إلى أنّ هناك طعونات كثيرة في الترمذي...؛ وهو لا يفرّق بين اتّهامه بالتساهل وبين إهدار مكانته العلمية؛ وليس بينهما تلازم، كما لا يخفى على أدنى طالب العلم. الثالث: هل كلام هؤلاء الأئمّة النقّاد في تساهل الترمذي من الحملات عليه؟! ألا يتضمّن كلامه هذا تجييش الحملات عليهم؟! وإذا قال: أنا لا أقصد هؤلاء العلماء؟! فيجاب: وما ذنب من حكى قولهم، ونقل رأيهم؛ فالطعن في الناقل يستلزم الطعن في المنقول عنه؛ والتفريق بينهما مكابرة. ألا ترى أنّ الكوثري لمّا كان متعصّبًا لأبي حنيفة، حمله تعصّبه هذا على الطعن في أئمّة الحديث الذين تكلّموا في أبي حنيفة، وتهجّم على الخطيب البغدادي، لما نقل أقوال هؤلاء الأئمّة في كتابه «تاريخ بغداد» عند ترجمته لأبي حنيفة، وسمّى الكوثري كتابه: «تأنيب الخطيب»؛ ثم نكّل به، وكشف أباطيله العلاّمة المعلمي في كتابه: «التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل». ثالثا: قوله: «لا تهويشات أهل الشغب على السنة وأهلها، الذين يستغلون هفوات الأئمة وزلات أقلامهم ليشفوا غيظهم» وبيان فساده من وجوه: أوّلها: أنّ كلامه هذا فيه تمويه، وتلبيس، وتعريض بمن تكلّم في الترمذي من حيث تساهله؛ وهو –لجهله- كأنّه فهم من دعوى التساهل الطعن في الترمذي، وإهدار كلامه، وأحكامه مطلقا. الثاني: أنّ الإمام الترمذي مشهور عند العلماء بتساهله في أحكامه على الحديث؛ وهذه نصوص أئمّة الحديث في ذلك. - قال الذهبي «ميزان الاعتدال» (7/231): في ترجمة يحيى بن يمان، وقد ذكر له حديثًا، وهو: «أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى نارًا في المقبرة، وذهب فإذا هم يحفرون بالليل ودفن في الليل»، فقال: «حسّنه الترمذي، مع ضعف ثلاثة فيه، فلا يغتر بتحسين الترمذي، فعند المحاققة غالبها ضعاف.». - وقال أيضا في موضع آخر (5/493): «وأمّا الترمذي فروى من حديثه «الصلح جائز بين المسلمين»، وصحّحه. فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي». ولو اكتفيت بنقل هذا الكلام لكان كافيًا؛ لأنّ الذهبي من أهل الاستقراء، والمعرفة بأقوال أئمّة الجرح والتعديل، فهو ينقل عن أهل العلم، بقوله: «لا يعتمد العلماء»، وليس هذا تحكّمًا، وارتجالاً. ولهذا نقل عبارته هذه، واعتمدها كثير من أهل العلم، ممّن رمى الإمام الترمذي بالتساهل؛ منهم السيوطي في «اللآلىء المصنوعة» (1/86)، وغيره كثير؛ كما ستمرّ بك. - وقال أيضا في «سير الأعلام» (13/276) عن سنن الترمذي: «جامعه قاضٍ له بإمامته، وحفظه، وفقهه؛ ولكن يترخّص في قبول الأحاديث، ولا يُشدّد. ونفَسهُ في التّضعيف رَخو». - وقال في «الموقظة» (83) في بيانه لمراتب علماء الجرح والتعديل: «فمنهم من نفسه حاد في الجرح، ومنهم من هو معتدل، ومنهم من هو متساهل". فالحاد فيهم: يحيى بن سعيد، وابن معين، وأبو حاتم، وابن خراش، وغيرهم. والمعتدل فيهم: أحمد بن حنبل، والبخاري، وأبو زرعة. والمتساهل كـ: الترمذي، والحاكم، والدارقطني في بعض الأوقات». - وقال الزيلعي في «نصب الراية» (2/217): «قال ابن دِحْيَة في العَلَم المشهور: «وكم حَسّن الترمذي في كتابه من أحاديث موضوعة، وأسانيد واهية؟!». - وقال ابن القيم في «الفروسية» (ص243): «الترمذي يصحّح أحاديثَ لم يتابعه غيره على تصحيحها. بل يصحّح ما يضعّفه غيره أو ينكره»، ثم ضرب عدّة أمثلة. - وقال في «زاد المعاد» (2/348) في تعليقه على حديث عليٍّ رضي الله عنه في ترخيص النبي في الجمع بين اسمه وكنيته بعد وفاته؛ ونقل قول الترمذي: حسن صحيح: فعلّق على قوله قائلا: «وحديث عليٍّ رضي الله عنه في صحته نظرٌ، والترمذي فيه نوع تساهل في التصحيح». - وقال ابن رجب في «لطائف المعارف» (135)، في تعليقه على حديث «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان»: « فأمّا تصحيحه فصحّحه غير واحد، منهم: الترمذي، وابن حبان، والحاكم، والطحاوي، وابن عبد البر؛ وتكلّم فيه من هو أكبر من هؤلاء وأعلم، وقالوا: هو حديث منكر؛ منهم عبد الرحمن بن المهدي، والإمام أحمد، وأبو زرعة الرازي، والأثرم». - وقال النووي في «المجموع» (4/422) في تعليقه على حديث «إذا نعس أحدكم في مجلسه يوم الجمعة فليتحول إلى غيره»: «والصواب أنّه موقوف كما قال البيهقي، وأمّا تصحيح الترمذي، والحاكم فغير مقبول». - وقال أبو العلا محمد المباركفوري في «تحفة الأحوذي» (2/93) في تعليقه على حديث ابن مسعود: «أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قام فكبر فرفع يديه ثم لم يعد»، ونقل تحسين الترمذي له، قال: «وأمّا تحسين الترمذي فلا اعتماد عليه، لما فيه من التساهل». - وقال أبو الحسن عبيد الله بن محمد المباركفوري في «مرقاة المفاتييح» (8/270) في شرحه لحديث: «اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة»: «والذين صحّحوه كلّهم من المتساهلين في التّصحيح؛ أمثال الترمذي، والحاكم». - ومنهم طاهر الجزائري، قال في «توجيه النظر» (282): «ومن المتساهلين في النقد الترمذي والحاكم، ومن المعتدلين فيه الدارقطني وابن عدي؛ فلينتبه لذلك فإنّه من المواضع التي يخشى أن يغلب فيها الوهم على الفهم». تأمّل هذه العبارة المتميّزة بالخطّ البارز، وقارن بكلام ذاك الطويلب المتعالم. - ومنهم أيضا أحمد بن الصديق الغماري، والعجب أنّه متّهم هو أيضا بالتساهل، وانظر ما قاله في رسالته «الكلام على حديث المستكرهة على الزنا» (14): « أمّا تحسين الترمذي فناشئ عن تساهل يصدر منه في بعض الأحيان، ولذلك لا يعتمد الحفّاظ حكمه مالم يحُكُّوه بمعيار النقد على أصول الحديث، وقد صرّح الذهبي بهذا فقال في الميزان (2/354)...» -ونقل كلامه السابق ثم قال-: «ومن أراد التحقّق بهذا فعليه بكتب التخريج والخلاف ليملأ حقيبته بأمثلة ردود العلماء على الترمذي، ويكفيه بعد حكاية الذهبي أن يعلم أنّ الصحيح هو ما رواه العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علّة، فإذا خفّ الضبط مع وجود الشروط الأخرى فهو الحسن لذاته، فمن فهم هذا ورأى الترمذي يحسّن الأحاديث الشاذّة والمعلّلة على أنّ ذلك من تساهله، ولم يبقَ له اعتماد عليه، خصوصًا إذا قرأ قوله في «العلل» الموجودة بآخر جامعه ما نصّه: «وعندنا كلّ حديث يروى لا يكون في إسناده متّهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذًّا، وروي من غير وجه نحو ذلك، فهو عندنا حديث حسن»ا هـ. ثم تجده بعد ذلك يصحّح الأحاديث التي فيها المتّهمون بالكذب؛ كحديث «الصلح جائز بين المسلمين»؛ ويحسّن الأحاديث الشاذّة، والتي انفرد بها راويها؛ كحديث سماك المذكور؛ لم يبق له ريب في تساهله، بل وفي تناقضه؛ وبذلك يسقط استعظامه لمخالفة الترمذي، وينقضي عجبه من ردّ حكمه بحسن الحديث». - ومنهم جمال الدين القاسمي قال في رسالته «المسح على الجوربين والنعلين» (34) في ردّه على من ضعّف حديث المغيرة « أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين»، قال: «قلت: هذا الوجه من الجواب لا يستقيم، إلا لو كان الترمذي، وابن حبان من الأئمّة المتثبتين في التّصحيح؛ مثل الإمام أحمد، ومسلم، وغيرهما ممن ضعّفوا الحديث؛ ففي هذه الحال تصحّ المعارضة، ويسلّم الجواب من الاعتراض؛ لتأخّر الترمذي عنهم، ووقوفه على ما أعلّوه به، وأنّه لا يقدح؛ ولكن لمّا كان الترمذي ومثله ابن حبان معروفًا بالتساهل في التّصحيح، حتى قال الذهبي في ترجمة كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، وقد نقل عن الترمذي أنّه صحّح حديثًا له، مع أنّه متّهم عند الشافعي، وغيره؛ قال الذهبي: «ولذلك لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي». - ومنهم محدث العصر، الشيخ الألباني؛ نصّ على ذلك في مواضع، لا تكاد تحصى، منها: ما ذكره في «الإرواء» (1926) في تعليقه على حديث عامر بن ربيعة: «أنّ امرأة من فزارة تزوجت على نعلين , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرضيت من مالك ونفسك بنعلين؟ قالت: نعم فأجازه» وقد أعلّه بعاصم بن عبيد الله، قال: «وعاصم بن عبيد الله ضعيف؛ كما قال الحافظ في التقريب, وهو من الضعفاء المعروفين بسوء الحفظ, والذين أجمع الأئمّة المتقدّمون؛ كمالك، وابن معين، والبخاري على تضعيفه؛ وتصحيح الترمذي له, من تساهله الذي عُرف به». وقال في «الضعيفة» (23) في تعليقه على حديث « الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت...»: «وأمّا تحسين الترمذي له فلا حجّة فيه بعد قيام المانع من تحسين الحديث، والترمذي متساهل في التصحيح والتحسين، وهذا شيء لا يخفى على الشيخ - عفا الله عنا وعنه - فقد نقل هو نفسه في كلامه على حديث الأوعال الذي سبقت الإشارة إليه عن ابن دحية أنّه قال: كم حسّن الترمذي من أحاديث موضوعة، وأسانيد واهية؟ ! وعن الذهبي أنّه قال: لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي». ولمّا أنكر عبد الله بن صديق الغماري كلام الذهبي السابق، تعقّبه في «السلسلة الضعيفة» (3/30) فقال: «ثم سَوّد الغُماري نصفَ صفحة من رسالته «الكنز الثمين» (رقم 2149) يردّ فيها على قول الذهبي: لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي. بكلام نقله عن الحافظ العراقي، استخلص منه أنّ ما اعتبره الذهبي تساهلاً منه هو في الحقيقة اختلافٌ في الاجتهاد! ثم ختم الغُماري ذلك بقوله: نعم قد تَعَقّبته في تحسينه أو تصحيحه في كثير من مؤلَّفاتي وتعليقاتي! قلت (القائل الشيخ الألباني): تساهل الترمذي إنكارُه مكابرةٌ لشهرته عند العلماء، وقد تتبّعت أحاديث «سننه» حديثاً حديثاً، فكان الضعيف منها نحو ألف حديث، أي قريباً من خُمس مجموعها، ليس منها ما قوَّيْته لمتابع أو شاهد، ومع ذلك فإنّه يَكْفينا منك الآن اعترافُك بتعقُّبك إيّاه، فإنّه يعني أنّه كان مخطئاً عندك، وحينئذٍ فلا فرق بين تسميته متساهلاً أو مجتهداً، لأنّ التساهل من مثله لا يكون إلّا عن اجتهاد، وليس عن هوىً أو غرضٍ! وكذلك يُقال في المتشدّدين منهم، ومن أجل ذلك، فانتقادي إيّاك لا يزال قائماً، وبخاصة أنّه كان فيه ما نصُّه: «فلا ينبغي للعارف بهذا العلم الشريف أن يسكتَ عن تحسينه، بل لا بًدّ له من التصريح بتأييده أو نقده حسب واقع إسناده...» إلخ. فانظر أخي القارئ –يرعاك الله- من يحترم العلم، ويعرف قدره، يبذل جهده، ويستقرئ، ويتتبّع الأحاديث التي صحّحها الترمذي أو حسّنها، ويدرسها دراسة المتفحّص ليصل إلى نتيجة على قدر أهل العزم تأتي العزائم... وعلى قدر أهل المكارم تأتي المكارم وتعظم في عين الصغار صغارها ...... وتصغر في عين العظيم العظائم وقارن بعمل أحداث الأسنان، وأحكامهم. أقول: فهل هؤلاء الأعلام، وفرسان الميدان، وكلامهم هو من «تهويشات أهل الشغب على السنة وأهلها» عند المسعودي وزمرته المصفّقة بل المصفّرة –غلاًّ، وجهلاً؟! الرابع: وقوله أيضا: «لا تهويشات أهل الشغب على السنة وأهلها» وهذا أيضا من سوء أدبه، وخلقه، في استعماله للألفاظ النابية، والعبارات السوقية في البحوث العلمية؛ وأنّى له هو وعصابته؟! أن يعرفوا الأسلوب العلمي المتأدّب؟! الخامس: وقوله: «الذين يستغلون هفوات الأئمة وزلات أقلامهم ليشفوا غيظهم..». أقول: الله أكبر، إنها السّنن! فقد كانت مثل هذه النّعرات، تجري على ألسنة الإخوان –لعلّه صدقت فيه فراستي في قولي السابق: فيه لوثة إخوانية-، والمتعصّبة، فامتدّت بنا الأيام، وتعاقبت السنون والأعوام، حتى صرنا نسمعها ممّن ينتسب إلى السنة من الأحداث والعوام (يعني في العلم)! حقّا إنّها سنوات خدّاعات؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سيأتي على الناس سنوات خَدَّاعَات، يُصدَّق فيها الكاذب، وَيُكَذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن، وَيُخَوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة». وأجيب عن هذا الهراء من وجوه: أولها: أنّ هذا محض افتراء وكذب. ﴿ستكتب شهادتهم ويسألون﴾. الثاني: أنّنا –نحن السلفيين- نبرأ إلى الله تعالى من الطعن في علمائنا وأئمّتنا أو غمزهم، أو ثلبهم؛ بل قد لا أكون مبالغًا إذا قلت: ليس تحت أديم السماء من يعرف قدر أهل العلم، ويحترمهم، ويكرمهم، ويحبّهم، ويبجّلهم مثل السلفيين. وأقول لك: أنظر إلى وجهك في المرآة، وانظر من نافذة الموقع الذي تكتب فيه، تر مَنْ يشفي غليله وغيظه بالطعن في أهل العلم، وحملته، ويغمز فيهم، ويخدش في أعراضهم، ويهتك أستارهم بألفاظ نابية، وعبارات سوقية؛ كأنّك في سوق عكاظ. الثالث: أنّ هذا الرجل (والمصفّرين له) -لجهله وتخبّطه-، لا يفرّق بين الردود والنقود العلمية، وبين الطعن في العلماء؛ لفرط تعصّبه الأعمى، واتّباعه للهوى. فإنّ الردّ العلمي لا يستلزم أبدا الطعن في أهل العلم، وثلبهم، وغمزهم، والحطّ من قدرهم. وأقول في الختام لمسعود المسعودي (ومن صفّق له غلاًّ وجهلاً): حسب منهج الموازنة الذي تسلكه: ما وقفت عليه من الملاحظات -حسب نظرك وجهلك-، لا تبلغ عشر معشار ممّا تركته، ولم تعلّق عليه، ممّا يدلّ على إقرارك به، لا سيما، وقد كنت تتحرّى الأخطاء وتستخرجها بالمنقاش، وتفهم النيّات، وتقرأ ما وراء الكلمات؛ وقد علم المنصف أنّ تلك التعليقات التي سجّلتها قد تهافتت؛ كما قيل: شُبَهٌ تهافتُ كالزجاج تخالها...حقًّا وكلُّ كاسِرٍ مكسور ألا يكفيك قول القائل: وَمَن ذا الّذي تُرضى سَجاياه كُلُّها... كَفى المرءَ نُبلاً أَن تُعَدَّ مَعايِبُهْ؟! أم أنّ هذه القاعدة الإخوانية تعني أهل البدع والضلال، والحزبيين، والتكفريّين، وربما كلّ الملل والنحل؛ فسلمت ألسنتكم وأقلامكم منهم. وإلا!، أين موقفكم، وردودكم على ذاك المهرّج الصوفي الضال بوروبي؟! فقد نطقتم فيه خَرْسا، ولم تستطيعوا نبسا، ولم نسمع لكم همسا؛ بل كنتم كالميّت المدفون رمسا. بل من المنديات المخزيات أن تردّ على مقال أخينا المفضال مرابط في فضحه لذاك المهرّج الضال. أم لعلّ المهرّج الصوفي الضالّ لم يَعْنِكم بكلامه، ولا قصدكم بهجومه، لأنّه هاجم السلفيِّين، وأنتم قد صرتم غير سلفيين؛ ولهذا لم تولوا له اهتمامكم، وكنتم صمًّا، بكمًا، عُميًا؛ والإقرار سيّد الأدلّة. ولهذا حظيتم باهتمامٍ وإعجابٍ كبيرين من خصوم هذه الدعوة المباركة، وصرتم أداة بأيديهم لضربها، وتشويه سمعتها، ومحاصرة دائرتها؛ وهيهات هيهات! أمّا أهل السنة، فألسنتكم فيهم حداد، وقلوبكم شداد، وأقلامكم مداد، وسهامكم في أعراضهم سداد. ولأجل ذاك غدوا على السنن التي... جاءت وأهليها ذوي أضغان يرمونهم كذبًا بكلّ عظيمة ........ حاشاهم من إفك ذي بهتان فرموهم بغيًا بما الرامي به.......... أولى ليدفع عنه فعل الجاني يرمي البريء بما جناه مباهتا....... ولذاك عند الغر يشتبهان وبعد هذا الردّ قد تبيّن لي أنّ مسعودًا قد سَعِدَ بالظنون والأوهام، والتخيّلات؛ وأنّه جاهل مجهول، متطاول متعالم، متهوّر هِذْرِيان، مدلّس ملبّس، ضاغن حقود، ولعلّ يصدق فيه قول الشاعر: إذا أراد الله نشر فضيلة... قيد لها لسان حسود ولا يختلف حاله عن حال الجارف الهارف([1])؛ تشابهت قلوبهم، وصفاتهم. ولله درّ ابن القيم رحمه الله في قوله في «نونيته» (361-365): هذا وإني بعد ممتحن بأ..........ربعة وكلّهم ذوو أضغان فظّ غليظ جاهل متمعلم .... ضخم العمامة واسع الأردان رحم الله الإمام ابن القيم، كأنّه يعيش بين ظهراني القوم، ونظر إلى حالهم، فنظم هذه الأبيات من «نونيته».مُتَفَيْهق متضلّع بالجهل ذو....... صَلع وذو جلح من العرفان مزجى البضاعة في العلوم وإنّه ..... زاجٍ من الإيهام والهذيان يشكو إلى الله الحقوق تظلّما...... من جهله كشكاية الأبدان من جاهل متطبّب يفتي الورى.... ويحيل ذاك على قضا الرحمان عجّت فروج الخلق ثم دماؤهم....... وحقوقهم منه إلى الديّان ما عنده علم سوى التكفير والتـ..... ـبديع والتضليل والبهتان فإذا تيقّن أنّه المغلوب عنـ........ ـد تقابل الفرسان في الميدان قال اشتكوه إلى القضاة فإنهم....... حكموا وإلا اشكوه للسلطان قولوا له هذا يحلّ الملك بل............ هذا يزيل الملك مثل فلان فاعقره من قبل اشتداد الأمر منـ..... ـه بقوّة الأتباع والأعوان وإذا دعاكم للرسول وحكمه...........فادعوه كلّكم لرأي فلان وإذا اجتمعتم في المجالس فالغبوا...... والغوا إذا ما احتجّ بالقرآن واستنصروا بمحاضر وشهادة ........ قد أصلحت بالرفق والإتقان لا تسألوا الشهداء كيف تحمّلوا.......... وبأيّ وقت بل بأيّ مكان وارفوا شهادتهم ومشوا حالها............ بل أصلحوها غاية الإمكان وإذا هم شهدوا فزكّوهم ولا........... تصغوا لقول الجارح الطعّان قولوا العدالة منهم قطيعة ................. لسنانعارضها بقول فلان ثبتت على الحكام بل حكموا بها.......... فالطعن فيها ليس ذا إمكان من جاء يقدح فيهم فليتّخذ.............. ظهرًا كمثل حجارة الصّوّان أو حاسد قد بات يغلي صدره................ بعداوتي كالمرجل الملآن لو قلت هذا البحر قال مكذِّبا............ هذا السّراب يكون بالقيعان أو قلت هذي الشّمس قال مباهتا......... الشّمس لم تطلع إلى ذا الآن والثالث الأعمى المقلّد ذينك الرّ.............. جلين قائد زمرة العميان فاللّعن والتكفير والتبديع والتـ........... ـضليل والتفسيق بالعدوان خنزير طبع في خليقة ناطق.................. متسوّف بالكذب والبهتان كالكلب يتبعهم يشمشم أعظما............... يرمونها والقوم للحمان يتفكّهون بها رخيصًا سعرها.................... ميتا بلا عوض ولا أثمان هو فضلة في الناس لا علم ولا.............. دين ولا تمكين ذي سلطان فإذا رأى شرًّا تحرّك يبتغي.................... ذكرا كمثل تحرّك الثعبان ليزول منه أذى الكساد فينفق الـ...... ـكلب العقور على ذكور الضان فبقاؤه في الناس أعظم محنة................. من عسكر يعزى إلى غازان هذي بضاعة ضارب في الأرض يبـ ......... ـغي تاجرًا يبتاع بالأثمان وجد التّجار جميعهم قد سافروا.............. عن هذه البلدان والأوطان إلا الصعافقة الذين تكلّفوا....................أن يتّجروا فينا بلا أثمان فهم الزبون لها فبالله ارحموا ...................من بيعة من مفلس مذيان يا رب فارزقها بحقّك تاجرا.................. قد طاف بالآفاق والبلدان ما كلّ منقوش لديه أصفر.................... ذهبًا يراه خالص العقيان وكذا الزّجاج ودرّة الغوّاص في................. تمييزه ما إن هُمَا مثلان وفي الختام أنصحك -يا أُخَي- بأن تطلب العلم والأدب، وتعلّم منهج الكتابة والنقد، ثم بُحْ بما ترى وتعتقد. والله المستعان، وعليه التكلان. دَخيل في الكتابة يدّعيها... كدعوى آل حرب في زياد يشبّه ثوبه للمحو فيه ........ إذا أبصرته ثوب الحداد فدع عنك الكتابة لست منها.. ولو لطّخت وجهك بالمداد ومسك الختام الشكر موصول إلى هذا المنتدى المحروس، الذي أضحى منبرًا لنصرة السنة وأهلها، وقلعة لحمياتها من سهام المرجفين، وشوكة في حلوقهم، وقذى في عيونهم، وغمًّا في نفوسهم، وضيقًا في صدورهم.وإلى كلّ أعضاء المنتدى، على رأسهم رئيسه فضيلة الشيخ الكريم لزهر سنيقرة، وكلّ الإخوة الذين شاركوا بمداخلاتهم، والتي –حقّا- اتّسمت بالأدب الرفيع، والمنهج العلمي الرصين؛ خلاف لهؤلاء المرجفين، المصفّقين المصفّرين، التي تميّزت تعليقاتهم بالأحقاد والأضغان، وفحش الكلام، وبذاءة الألفاظ، ونهش الأعراض، وتتبّع العورات؛ ولا ضير فهذه أخلاقهم، وتربيهم، وبضاعتهم المعروضة في منتداهم. وصدق من قال: تصـدّر للتّدريس كلّ مهوس... بليد تسمّى بالفقيه المدرِّس فحقّ لأهل العلم أن يتمثّلوا.... ببيت قديم شاع في كلّ مجلس لقد هزلت حتى بدا من هُـزالها.. كُلاَها وحتى سامها كلّ مُفْلس أذكرّهم –إن نفعتهم الذكرى- بقوله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتّبعوا عوراتهم فإنّه من تتبّع عورة أخيه المسلم تتبّع الله عورته، ومن تتبّع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته». وقوله صلى الله عليه وسلم: «الكبر بطر الحق وغمص الناس». فقد تركتم الحقّ الأبلج، وتمسّكتم بالباطل اللجلج. وقوله صلى الله عليه وسلم: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: ... وإذا خاصم فجر». فما ألصقكم بهذه الخصلة! وسبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، استغفرك وأتوب إليك. ([1]) وكنت قد شرعت في الردّ على مقاله السيّء، المملوء بالأخطاء العلمية والمنهجية؛ وحسبكم أيّها القرّاء الكرام أنّ ممّا جاء فيه قوله: «يجهل بأبسط مسائل الاعتقاد» وهذا يستلزم التكفير؛ لأنّ أبسط (على لغته) مسائل الاعتقاد قول: «لا إله إلا الله»؛ فمن جهلها أهو مؤمن؟! وأنا أعلم أنّه لا يقصد ذلك، لكن لجهله وحقده يهرف بما لا يعرف، ويهذي بما لا يدري؛ وأيضا فإنّه أشاد فيه بالمنطق؛ الذي أطبق السّلف على ذمّه، وفساده، والتحذير منه؛ وغير ذلك من الانحرافات، والجهالات. قلت: شرعت في الردّ عليه، وكشف باطله، وسمّيته: «إلجام الهارف عز الدين الجارف»، ، ثم تركت ذلك، وأعرضت عنه حتى لا أرفع عقيرته، عملاً بقوله تعالى: ﴿خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين﴾؛ ورجوت أن يشملني قوله صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنّة لمن ترك المراء وإنْ كان محقًّا»؛ وتمثّلت بقول الشاعر. أصبر على كيد الحسود... فإنّ صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها...... إن لم تجد ما تأكله لاسيما، بعد أن استخرت الله تعالى، في الحرم المكّي؛ فاكتفيت ببيان حاله وجهله في أحد دروسي في شرح كتاب الاعتصام من صحيح البخاري بالحي الجامعي زواغي 1 المحروس. ثم أينع بعده رأس المسعودي، ولعلّه ستينع رؤوس بعده؛ وكفانا الله شرّهم، وهو حسبنا ونعم الوكيل. |
بارك الله فيك شيخنا الفاضل على هذه الكتابة التي أنرت فيها قلعة التصفية والتربية،وجملتها بجميل أسلوبك وحسن طريقتك وقوة ردودك زادك الله من فضله.
|
جزاكُمُ اللهُ خيرًا شيخنا الفاضل،
كم أفدتُّم أبناءكم بهذه المقالات الرَّصينة، التي تُعلِّم الرّد بأسلوبٍ علميّ معَ أدبٍ رفيع. زادكم اللهُ من فضلهِ. |
جزاكم الله خيرًا شيخنا الوالد على هذه المقالة النافعة، وبارك الله فيكم ونصر بكم السنة ورفع قدركم في الدارين.
|
جزاكم الله خيرا شيخنا وبارك فيكم ،وشفاكم الله وعفاكم.
شكرا شيخنا ردا مملوء فوائد ودرر لم يكن (المعتدي وابا المخازي ومن يُصفق لهما..) ينتظرون كل هاته الفوائد الحديثية والفقهية واللغوية. ياقوم تعلموا من الشيخ جمعة فإنه والله مابخل عليكم .! مع أنه كان يكفيه الاعراض عنكم...فالجاهل مثلكم لا يرد عليه. كما كان أسلافكم ...من خصوم شيخ الاسلام يتعلمون منه.! من ردوده عليهم.! مشكور شيخنا...موفق ان شاء الله |
جزاكم الله خيرا شيخنا نسأل الله تعالى ألا تكون هذه آخر المشاركات ووفقكم الله لما يحبه ويرضاه |
لكأنَّنا في أكناف هذه المقالات النيِّرة والتقريرات المحرَّرة في ظل جنَّة غنَّاء فيها من صنوف الجنى الدَّاني والفواكه الدَّواني؛ فنونا من العلوم الغزيرة والتَّحقيقات الدَّقيقة والإفادات المنهجيَّة السَّليمة، وما زان كلَّ ذلك من تواضع الشَّيخ وما له من الأخلاق العالية، ما يكاد يجعل المرء يبالغ في شكر المتسبِّب فيها لولا ما شان أسبابها من البغضاء والشنآن، ولو جاز لنا أن نعارض أبيات الإمام الحاذق الشافعيَّ (طيَّب الله ثراه) التي قال فيها:
يُخَاطِبني السَّفيهُ بِكُلِّ قُبْحٍ ***فأكرهُ أن أكونَ له مجيبا يزيدُ سفاهة ً فأزيدُ حلماً*** كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيبا لقلنا: يُخَاطِبني السَّفيهُ بِكُلِّ قُبْحٍ ***فأضطرُ أن أكونَ له مجيبا يزيدُ سفاهة ً فأجيب علماً *** كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيبا وقد قال عثمان -ذي الحياء الصَّادق- (رضي الله عنه وأرضاه) لقوم تجرَّؤوا عليه لشأن من الشُّؤون: «ما جرأكم عليَّ إلا حلمي». فجزى الله شيخنا الكريم خيرا، وسلَّمه من كلِّ مكروه، وأدامه مفيدا لأبنائه مربيًّا لهم. |
أحسن الله إليكم شيخنا و بارك فيكم لقد أعطيتم القوس حقه أما هذا المخلط السفيه صاحب النحوي اللغوي البارع الذي أشغل نفسه بالفتحات والكسرات و تغافل على الموبيقات و الجهالات والسفاهات و التحكيكات التي وقعوا فيها نقول له
يا باري القوس برياً ليس يحسنه ** لا تفسد القوس واعط القوس باريها قال الشيخ الدكتور العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى : " نقيق الضفادع ، وطنين الذباب لايسقط الجبال ولايهزها !" { عمدة الأبي : {ص 374 } |
جزاك الله خيرا شيخنا وبارك الله فيك على إتحافك لنا بهذه الردود العلمية التي إنتفع بها الإخوان ورددت بها باطل وكيد الخُوَّان.
|
ولعلّ يصدق فيه قول الشاعر: إذا أراد الله نشر فضيلة... قيد لها لسان حسود الحمد لله الذي أظهر علمكم و فضلكم و متين تحقيقكم و عظيم إنصافكم و سديد أقوالكم و حُسْن أخلاقكم كما أظهر جهل الجاهل و حقده و حسده و تحامله على علماء أهل السنة و الدعاة إليها جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم و حفظكم بحفظه و نفع بكم هذه الدعوة المباركة و سائر مشايخنا الأفاضل. |
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل
|
جزاكم الله خيرا شيخنا المفضال و بارك الله في سعيكم فقد لقنت القوم دروسا في الأدب و مبادئ الكتابة و منهجية البحث العلمي
|
أحسن الله إليكم شيخنا الحبيب، وأعلى مقامكم في الدارين.
|
الشكر موصول إلى هذا المنتدى المحروس، الذي أضحى منبرًا لنصرة السنة وأهلها، وقلعة لحمياتها من سهام المرجفين، وشوكة في حلوقهم، وقذى في عيونهم، وغمًّا في نفوسهم، وضيقًا في صدورهم.
وإلى كلّ أعضاء المنتدى، على رأسهم رئيسه فضيلة الشيخ الكريم لزهر سنيقرة، وكلّ الإخوة الذين شاركوا بمداخلاتهم، والتي –حقّا- اتّسمت بالأدب الرفيع، والمنهج العلمي الرصين؛ خلاف لهؤلاء المرجفين، المصفّقين المصفّرين، التي تميّزت تعليقاتهم بالأحقاد والأضغان، وفحش الكلام، وبذاءة الألفاظ، ونهش الأعراض، وتتبّع العورات؛ ولا ضير فهذه أخلاقهم، وتربيهم، وبضاعتهم المعروضة في منتداهم. جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ وبارك فيكم وفي علمكم ومتعكم بالصحة والعافية. والله نسأل أن يبارك في شيخنا أبي عبدالله أزهر ، وفي المشرفين على هذا الصرح المبارك ،و يعلم الله كم تعلمنا واستفدنا من توجيهات ونصائح شيخنا والإخوة طلبة العلم فيه، فالله نسأل أن يديم علينا نعمه، ونسأله أن يستجيب دعائكم و دعاء جميع الإخوة الطيبين . |
جزاك الله خيرًا شيخنا الحبيب أبا عبد الرَّحمن على هذه المقالات البهيَّة، والتُّحف السَّنيَّة، لقد كانت حلقاتٍ نافعةٍ ماتعةٍ، يأخذ بيانها وعلمُها القلوب والألباب، فأرجو أن لا ينقطع عنَّا هذا الخيرُ العميمُ، وأن لا تفارقَنا كتاباتك شيخَنَا الكريم، فقد ألفناهَا...
|
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم على ما أتحفتم به التَّصفية وأبناءها من علمٍ وأدب وتحقيق، وبارك الله فيكم على الشَّهادة العزيزة لهذه المنتديات، فهي تاج شرف لنا جميعا.
اقتباس:
|
أحسن الله إليكم شيخنا الحبيب، وأعلى مقامكم في الدارين.
|
جزاك الله خيرا شيخنا الكريم
على مقالاتك المسددة الماتعة |
حفظكم الله شيخنا ونفع بكم
|
بارك الله فيكم شيخنا الحبيب على ما أفدتم وأجدتم كعادتكم، زادكم الله علما وفضلا وحلما.
وعجبت من هذا الرجل الذي لم يجد شيئا يبرزه إلا التطاوال على أسياده، ولكن من عرفه زال عجبه، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ثم على منهج الموازنات فإننا نشكر هذا الغلام -لا كثر الله أمثاله- على أن أسدى إلينا خدمة أبرز من خلالها رفيع أدب شيخنا وعلمه وحنكته. حفظ الله شيوخنا ودعاتنا وأئمتنا أيمنا كانوا، وحرسهم من كل سوء. |
قال الذهبي رحمه الله :
"سنة الله في كل من ازدرى العلماء بقي حقيرًا ! ." [ تاريخ الإسلام : ( ١٣ / ٢٥٦ ) ] |
نفع الله بما كتبتم شيخنا وبارك في علمكم ودعوتكم.
صدق شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله حين قال : "الحق كالذهب الخالص كلما امتحن ازداد جوده والباطل كالمغشوش المضيء إذا امتحن ظهر فساده". الجواب الصحيح{88/1}. مثل السفهاء إذا تجرؤوا على العلماء كمثل بعوضة نامت على شجرة فلما أصبحت قالت للشجرة: استمسكي إني أريد أن أطير. فقالت لها الشجرة:أنا لم أشعر بك حين وقعت علي فكيف أشعر بطيرانك! قال الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله:هذا مثل يضرب به للتافهين حينما يريدون أن يصولوا على الرجال الأقوياء الشرفاء"عمدة الأبي {ص374}. |
جزاك الله خيراً شيخنا وبارك في علمك ونفع بك الإسلام والمسلمين آمين
|
جزاك الله خيراً شيخنا الحبيب، وبارك فيك وفي علمك، فقد أفدت وأجدت، ونفعتَ ومتّعت، وزدت على ذلك أن شخّصت للمسعودي الداء الذي أُصيب به، ووصفتَ له الدواء بالمجّان، والله المستعان.
|
هكذا حال المسعودي وأشكاله ...
قال سراج الدين البلقيني في محاسن الاصطلاح (ص174): «ولكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض». |
أحسن الله إليكم شيخنا الفاضل
|
جزاكم الله خيرا شيخنا ونسأل الله أن يحفظك ويشفيك و يسدد خطاك ويجعل الجنة مثوانا ومثواك
|
جزاك الله خيرا شيخنا
|
بخ بخ شيخنا عبد المجيد!
حفظكم الباري وسدّد أقلامكم الزّاهية. أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم *** من اللّوم أو سدّوا المكان الذي سدّوا. أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى *** و إن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها *** وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا |
مَهلًا يَا مَسعُود « الكُل » فإنَّ شَيخَنا عَبد المجِيد حَفِظَه الله عَليكَ يردُّ، لا على الشيخ ربيع الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين و بعد: فقد اطلعتُ في المنتدى الموسوم زورًا بكلِّ السلفيين، على مقالٍ فبيحٍ قريحٍ كسابقيه للمدعو مسعود المسعودي بعنوان " عبد المجيد (جمعة الجزائر) ينتقد ويُجهل حامل راية الجرح والتعديل ربيع بن هادي المدخلي"، و ذلك أن شيخنا الكبير عبد المجيد جمعة حفظه الله انتقد في مقاله هذا كلامًا للشيخ ربيع حفظه الله حسبه لهذا الغرِّ السفيه. فطار المسكين بنقد شيخنا عبد المجيد لذاك الكلام كلَّ مطار و أزبد و أرعد، موهمًا من يقرأ له، بأن شيخنا عبد المجيد يطعن في الشيخ ربيع، و ينتقده، مُحاوِلًا استغلال ذلك للنَّم بين شيخنا الجليل عبد المجيد جمعة و بين شيخه شيخ السنة ربيع المدخلي حفظه الله، و دون ذلك خرط القتاد، فاربأ بنفسك أيها النكرة . ولولا أني خشيت أن يتعلَّق بشبهته هذه بعض الأحداث ممن لم تنضج عقولهم بعد، لما أجهدت نفسي في كشف تلبيسه و تلاعبه، فيما افتراه و نسبه لشيخنا الجليل الذي أقضَّ هو و إخوانه من مشايخ السنة مضاجعهم، حتى ارتفعت أصواتهم بالصراخ و العويل، فها هو : « مسعود الكل » يقول مُتحسِّرًا على حال الحزبيين في الجزائر شاكيًا من سطوة أهل السنة عليهم، في صوتيته التي سجلها مع المدعو عبد المالك رمضاني هداه الله بعنوان " جلسة منهجية مع الشيخ الفاضل عبد المالك رمضاني "، و ذلك بعدما نصحهم رمضاني بتجاهل أهل السنة السلفيين في الجزائر - و بئست النصيحة-! و عدم الانشغال بهم! بدعوى أنهم يضيعون أوقاتهم! فقال « مسعود الكل » لشيخه الرمضاني و هو مذعور: شيخنا قضية تجاهل هذه الطائفة الغالية! هم في الساحة لا نستطيع تجاهلهم، لأنهم فعلًا يجعلون شوشرة، و يجعلون فوضى، و قد يبدأ الإنسان في تدريس كتب معينة ثم بعد ذلك و إذا به ينفض عنه..، لماذا؟ لأنهم هم يبدءون بالكلام..، فقال الرمضاني مقاطعًا: يحذرون و يصدون عن سبيل الله! قال المذعور: نعم، فإما أن يُعطيهم نصيبهم من البيان، و إما أن يتجاهلونه هم، هو يُصبح مُتجاهَل! ». و قال « مذعور الكل » بعدما كرَّر الرمضاني نصيحته لهم بتجاهل أهل السنة و الإعراض عنهم!: « و الله بودنا أنهم يُتَجاهلون لكن المشكل كما قلتُ، هم إذا تجاهلوا شخص خلاص! » . نعم؛ صدقت في هذه يا « مسعود الكل » و أنت كذوب، و الإقرار سيِّد الأدلة، فقد أقررت بعظمة لسانك بأن من تجاهله السلفيون في الجزائر انتهى أمره، و أصبح نكرةً شائعًا في بني آدم لا قيمة له و لا وزن، كما انتهى أمركم و أمر مشايخكم بتجاهل أهل السنة لكم، فموتوا بغيظكم، و استنجادكم بالرمضاني للخروج من ورطة التجاهل الذي لحق بكم، إنما هو كحال المستغيث من الرمضاء بالنار، فالحديث المطروح لا يُتقوى به لعدم صلاحيته في الشواهد و المتابعات، فكيف إذا استُشهِد به و جُعِل متابِعًا لإسنادٍ مثله أو أشد منه ضعفًا و وهنًا!؟ و لعله أن يكون لي معكم بعض الوقفات حول ذلكم الشريط الأضحوكة الذي ظهر فيه مستواكم المتدني و مستوى شيخكم الهزيل،و الذي غاب فيه تمامًا نَفَس أهل العلم و حملته، فكان عبارة عن مسرحية هزيلة و مهزلة بكل المقاييس، فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم به و فضلنا على كثيرٍ ممن خلق تفضيلًا . و أعود إليك يا مسعود « الكل »فأقول: إنَّ غاية ما في الأمر أن الكلام الذي حاولت استغلاله للتشنيع على شيخنا الجليل عبد المجيد جمعة حفظه الله، قد وقع وقع فيه سبقُ نظرٍ من شيخنا الحبيب، سبقَ نظرُه إلى المقول، و أغفل القائِل. فظنَّ أنَّ الكلام الذي انتقده من كيسك، و هو للشيخ ربيع، و هذا يحصل لأيِّ بشرٍ، و لأيِّ عالمٍ . فإن قلتَ يا مسعود « الكل »: إنَّ هذا لعذرٌ أقبح من ذنب! فإني قد نسبتُ الكلام إلى الشيخ ربيع؟ فنقول: نعم، لقد فعلتَ هذا يا مسعود « الكل »، و لكن قد بيَّنَّا لك عذر شيخنا الجليل، وهو أن نظره سبق إلى المقول، و لم ينتبه للقائل الحقيقي، فنقده للكلام هو على فرض أنك أنت صاحبه، و أنه من جعبتك! . فإن قلتَ يا مسعود « الكل »:بأن الشيخ عبد المجيد قد تعرَّض لنقد كلام الشيخ ربيع، وهذا يدلُّ على أنَّ هذا الكلام باطلٌ عنده، و أن صاحبه قد أخطأ فيه، و إذا كان صاحب الكلام هو الشيخ ربيع، فهذا ردٌّ منه على الشيخ ربيع، إذ إن الكلام كلامه، فعاد الانتقاد إليه. فأقول لك يا مسعود « الكل »: لو فُرِض بأن الكلام الذي انتقده شيخنا عبد المجيد من كيسك، و ليس من كلام الشيخ ربيع، لكان لانتقاده شأنٌ آخر!! فإن قلتَ مُتعجِّبًا!: كيف ذلك؟! و الكلام هو هو؟! فأجيبك: بأنَّ العلماء يُفرِّقون بين القول و قائله، كما يُفرِّقون بين الفعل و فاعله، فالحكم قد يختلف من قائلٍ لآخر، و لو كان الكلام الصادر من الجميع واحدٌ؛ و ذلك راجعٌ لعدَّة اعتبارات، منها: كون المتكلم من علماء السنة المشهود لهم بصحة المعتقد و سلامة المنهج، و الرسوخ في العلم، و سلامة الأصول، و إرادة الحقِّ و الاجتهاد في الوصول إليه، فإن مثل هذا يُحمل كلامه على أحسن المحامل، و يُوجَّه بأحسن التوجيهات، كالشيخ ربيع، و ليس كذلك الأمر بالنسبة إليك و إلى أمثالك، من الجهلة المتحزِّبين! أصحاب المناهج المنحرفة و الأصول البدعية، و القواعد الحزبية، فافترقا . قال العلامة ابن القيم رحمه الله في " مدارج السالكين "( 3/521 ): « والكلمة الواحدة يقولها اثنان يريد بها أحدهما أعظم الباطل ويريد بها الآخر محض الحق». فالشيخ ربيع قصَد بكلامه محض الحق، كما في كلام ابن القيم، و لذا؛ لا يجوز أن يُتعرَّض لكلامه بالنقد لمن علِم بأنَّ الكلامَ كلامُه، بل يُحمَل على أحسن المحامِل ، ولو فُرض بأن الكلام كان من جعبتك، لكان له إذن مُرادٌ آخر! يتناسب مع منهجِك، و طريقتِك، و بالتالي عومل بمعاملةٍ أخرى كالتي تعامل بها معه شيخنا الفاضل الدكتور عبد المجيد جمعة سدده الله، لما توهَّم بأن الكلام من كيسك، هل فهمت هذا يا مسعود الكل؟! . و أما ذِكرُ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله للعتر بشيء من الكلام الحسن، فهذا محمولٌ ولا بد على عدم معرفته بحاله، فلعله أحسن به الظن بسبب كلامه ذاك . و إلا لو علم حاله لكان له معه موقفٌ آخر، و هذا ما لا أظنك تجهله عن الشيخ ربيع حفظه الله يا مسعود « الكل ». فنحن نعتذر له بهذا العذر و لابد، كما نعتذر للإمام الشافعي توثيقه لإبراهيم بن أبي يحي و مصاحبته له، لعدم معرفته بحقيقة حاله، و كما نعتذر للإمام مالك روايته عن عبد الكريم بن أبي المخارق، و كما نعتذر لغيرهم من الأئمة تزكيتهم لبعض المنحرفين و الرواية عنهم لخفاء حالهم عنهم، و من علم حجة على من لم يعلم . و هذا لا غضاضة فيه، فإن العالم يتكلم بحسب علمه بحال الشخص، فإن تبين له بأن حاله على خلاف ما ظنه فيه، كان له معه موقفٌ آخر . ثم أعود إليك يا مسعود « الكل »، فأقول: لا تستغرب إنكارنا للكلام إذا كان منسوبًا إليك، و عدم إنكاره إذا كان منسوبًا إلى العلامة ربيع المدخلي أو غيره من علماء السنة، و إن كان الكلام هو هو!، فإنه يحقُّ للعلماء الربانيين السلفيين، الراسخين في العلم، ما لا يحقُّ للجهلة من أمثالك، كما يحقُّ للراوي الثقة الغير منسوب إلى التدليس أن يُحدِّث بأيِّ صيغة من صيغ التحديث، و تُحمَلُ روايته على الاتصال ولو روى بإحدى الصِّيغ المحتمِلة للسماع و عدمه، ما لا يحقُّ للراوي الذي رُمي بالتدليس، فإن مثله لا يقبل حديثه إلَّا إذا صرَّح بالسماع . فالأمر يختلف من قائلٍ لآخر، يا مسعود « الكل »، و لا بأس أن أسوق لك كلام شيخكم البرعي الذي قدَّم به لكتاب شيخكم محمد الإمام الموسوم بالإبانة، الذي طرتم به كلَّ مطار، و شرَّقتم به و غرَّبتم في منتداكم، - على أن ذكري له هو من باب الإلزام و المحاججة- قال في مقدمته لكتاب الإبانة:« ثم إني أنبِّه على أمرٍ، فإنه قد يجد القارئ بعض التراجم و العبارات قد عبر بها بعض المبتدعة أو بما يُشبهها، فقد يأتي من يصطاد في الماء العكر و يقول: هذه الكلمة تشبه كلمة فلان، أو عبارة فلان، ألا فليعلم أن هذا ظلم، لأن المبتدع ينزل الكلام على حسب هواه، و يشرح بما يوافق بدعته، و الشيخ- أي: الإمام- يتمشى مع الكتاب و السنة على فهم السلف الصالح »انتهى . فأقول لك يا مسعود «الكل» يا من طبَّلت و صفَّقت، للإبانة و لما فيها: إن كانت بعض ألفاظ الشيخ ربيع قد عبَّر بها الصُّحفيُّون - مسعود «الكل»- ، فالطعن في الشيخ ربيع بسببها ظلمٌ لا يجوز، كما قال البرعي مُدافعًا عن الإمام؛ لأنَّ الشيخ ربيعًا يتمشى مع الكتاب و السنة على فهم السلف الصالح! فيلزم و الحال هذه حمل كلامه على المحامل الحسنة . وهذا بخلاف ما لو كان التعبير محل النقد من قبلِ شيخنا عبد المجيد، من كيسك، كما ظنه أو توهَّمه شيخنا عبد المجيد، فالأمر حينئذٍ يختلف لأنك من أهل التحزب، ممن ينزلون الكلام على حسب أهوائهم، و يشرحونه بما يوافق بدعتهم و تحزبهم، فلا نحسن بك الظن، و لا نحمل كلامك على المحمل الحسن، و ننكر عليك استعمالك لتلك العبارات، كما فعل ذلك شيخنا عبد المجيد أعزه الله! * فالحكم على الكلام يختلف باختلاف القائلين يا مسعود « الكل »، و إن استغربتَ ما ذكرتُه لك و لم يتَّسع له عقلك يا مسكين، فلا بأس أن أُتحفك بهذه الدُّرر السلفية، لعلَّ الله أن يُذهب بها ما في مُخيِّلتك، إن كنت ممن يحترم الأئمة . قال الإمام ابن القيم رحمه الله: «..فإن قال: وإن أخطأ [ أي المتبوع] فهو مأجور، قيل : أجل هو مأجور لاجتهاده وأنت غير مأجور لأنك لم تأت بموجب الأجر، بل قد فرَّطت في الاتباع الواجب فأنت إذن مأزور، فإن قال: كيف يأجره الله على ما أفتى به ويمدحه ويذم المستفتي على قبوله منه؟ وهل يُعقل هذا؟ قيل له: المستفتي إن هو قصَّر وفرَّط في معرفته الحق مع قدرته عليه لحقه الذم والوعيد، وإن بذل جهده ولم يقصِّر فيما أُمر به واتقى الله ما استطاع فهو مأجور أيضا، وأما المتعصب الذي جعل قول متبوعه عيارًا على الكتاب والسنة وأقوال الصحابة يزنها به، فما وافق قول متبوعه منها قبله وما خالفه ردَّه، فهذا إلى الذم والعقاب أقرب منه إلى الأجر والثواب » [ "إعلام الموقعين" (3/527 -528) ]. فهذا الإشكال الذي نقله ابن القيم رحمه الله عن بعضهم، وهو قوله: « فإن قال: كيف يأجره الله على ما أفتى به ويمدحه ويذم المستفتي على قبوله منه؟ وهل يُعقل هذا؟ »، هو نفس الاشكال الذي استشكله، و سيستشكله، مسعود «الكل»! فهما سِيَّان، لا فرق بينهما . و لا نزيده في بيانه و إيضاحه على ذكر كلام الإمام ابن القيم الذي أزال به الدَّهش و الوله، عن ذلك الحيران! حيث قال: « أجل هو مأجور لاجتهاده وأنت غير مأجور لأنك لم تأت بموجب الأجر »، فالشيخ ربيع مأجور لاجتهاده وأنت غير مأجور لأنك لم تأت بموجب الأجر، زيادةً على كون الشيخ ربيع إمام في العلم و السنة مشهودٌ له بهما فيحمل كلامه على أحسن المحامل،أما أنت فلا و ألف لا! لما سبق ذكره عنك . و هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في " مجموع الفتاوى " (6/61): « إذا رأيت المقالة المخطئة قد صدرت من إمام قديم فاغتُفرت لعدم بلوغ الحجة له، فلا يُغتفر لمن بلغته الحجة ما اغتُفر للأول! فلهذا يُبدَّع من بلغته أحاديث عذاب القبر ونحوها إذا أنكر ذلك، ولا تُبدَّع عائشة ونحوها ممن لم يعرف بأن الموتى يسمعون في قبورهم، فهذا أصلٌ عظيم فتدبره فإنه نافع »انتهى . و الشاهد من كلام شيخ الإسلام رحمه الله: أن المقالة الواحدة قد يُبدَّع بها البعض و لا يُبدَّع بها البعض الآخر، و تُستنكر من البعض و لا تُستنكر من البعض الآخر، و هذا كما قال شيخ الإسلام رحمه الله أصلٌ عظيم ينبغي على مسعود « الكل »أن يتدبره فإنه نافعٌ له،حتى لا يقع في مثل هذه الشطحات مرة أخرى . * و يقول الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه " القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد"(ص89): « فإن العالِم الذي قلده غيره إذا كان أجهد نفسه في طلب الدليل ولم يجده، ثم أجهد رأيه فهو معذورٌ بل مأجورٌ للحديث المتفق عليه: « إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر »، فإذا وقف بين يدي الله وتبين خطؤه كان بيده هذه الحجة الصحيحة، بخلاف المقلِّد فإنه لا يجد حجة يدلي بها عند السؤال في موقف الحساب؛ لأنه قلَّد في دين الله من هو مخطئ، وعدم مؤاخذة المجتهد على خطئه لا يستلزم عدم مؤاخذة من قلَّده في ذلك الخطأ، لا عقلا، ولا شرعا، ولا عادة »انتهى . فالمجتهد و المقلد قالا بقولٍ واحدٍ، إلا أن أهل العلم فرقوا في الحكم بينهما، فعذروا المجتهد، و ذموا المقلد و إن قالا نفس الكلام!، فلا تستشكل و لا تستغرب بعد هذا يا مسعود «الكل»، كون الكلام الواحد قد يُنكر على شخصٍ، و لا يُنكر على شخصٍ آخر . وهذا الذي دأب عليه علماء السنة ومشايخها، فإنك تجدهم يُفرِّقون في الحكم بين عالم سلفيٍّ و قع في زلة، و بين من تعصَّب لزلَّته، و قال بها، لمقاصد و مآرب حزبية، فقد يُثني عالمٌ سلفيٌّ و يُزكِّي مبتدعًا، بل قد يدافع عنه، لحسن ظنه به، ولما يصله عنه من أخبار حسنة ملفَّقة من قبل بطانة السوء! فتجد علماء السنة يعذرون العالم السلفي، للمعاذير المذكورة و غيرها و يحفظون كرامته، و إن ردُّوا عليه خطأه، بينما يذمون من طار بزلته و قال بنفس قوله تعصبًا للباطل و أهله، و نصرةً للمنحرفين، بعدما تبين له الحق، و هذا واضح! و أظنُّ هذا يكفي لهدم ما بناه مسعود «الكل» من القصور و العلالي على أنقاض أوهامه، و خيالاته . فإن أبى إلا العناد و المكابرة حاكمناه إلى أصول منهجه، و قواعد مذهبه، و كلام مشايخه . فاسمع يا مسعود « الكل » كلام شيخك المأربي إذ يقول :« يقول هنا الإمام ابن القيم: « والكلمة الواحدة يقولها اثنان »، أي يقولها شخصان أو رجلان « يريد أحدهما بها أعظم الباطل ويريد بها الآخر محض الحق »، يعني كلمة واحدة تخرج من شخصين أحدهما مبطل بها والثاني محق بها . يقول الإمام ابن القيم: « والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه وما يدعو إليه ويناظر عليه ». قال المأربي: يعني كيف نحملها؟ على المعنى الحق؟ أو نحملها على المعنى الباطل؟ نرجع إلى سيرة هذا القائل وإلى طريقته ومنهجه الذي عرف به؛ فتُحمل على الحق إنْ كان سُنِّيًا، ونحمل على الباطل إنْ كان مبتدعًا » [انتهى كلام المأربي نقلا عن مجموعة كتب و رسائل العلامة ربيع المدخلي (13/108-109)]. فالقاعدة عندكم يا مسعود « الكل »و عند مشايخكم! تُحتِّم « الرجوع إلى سيرة القائل وإلى طريقته ومنهجه الذي عرف به؛ فيُحمل كلامه على الحق إنْ كان سُنِّيًا، ويُحمل على الباطل إنْ كان مبتدعًا»، أم أنني أعرف بقواعِد منهجك منك!. و لما رجعنا إلى سيرة العلامة ربيع المدخلي حفظه الله و إلى طريقته ومنهجه الذي عُرف به، وجدناه سُنِّيًّا! بل من أئمة أهل السنة، المشهود لهم بالخير و العلم و السنة من جبال العلم، فلزِمنا حمل كلامه على أحسن المحامل، و أبعدها عن الرِّيبة، و بالتالي تحييده عن انتقاد شيخنا عبد المجيد، فهو لا يعنيه لا من قريب و لا من بعيد . ثم لما رجعنا إلى القائل الآخر للكلام محل النقد- على فرض أنه له، - وهو مسعود « الكل »، و رجعنا إلى سيرته و طريقته و منهجه الذي عُرف به، وجدناه حزبيًّا ضائعًا مائعًا!، طعَّانًا في مشايخ السنة مُتعصِّبًا لأهل الباطل، منافحًا عنهم، فلزمنا و حالته هذه أن نحمل كلامه على المحمل السَّيِّئ، فلا لوم علينا إذن يا مسعود « الكل » من انتقاد الكلام و نحن نحسب أنه من كيسك، و لا ضير علينا من التسليم به و لقائله عند علمنا بأنه لربيع السنة! و لا يفوتني التنبيه على استغلال الحزبيين لكلام ابن القيم رحمه الله، لنصرة باطلهم و التأصيل لقواعدهم الفاسدة، و تحميل كلامه ما لا يحتمل، و توجيهه على خلاف ما أراد به صاحبه، و على خلاف ما فهمه منه أهل السنة، كما بين ذلك العلامة ربيع المدخلي حفظه الله في موضعه. * و هاك يا مسعود « الكل »كلامًا للإمام الذهبي رحمه الله استشهد به مشايخك، على أصولكم الفاسدة، بتحميله ما لا يحتمل، ليتماشى مع قواعدكم الكاسدة، كما فعل المأربي و الإمام في إبانته و غيرهما، نحاكمك إليه بفهم مشايخك . قال الذهبي رحمه الله في " السير "(16/96):« قال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الانصاري مؤلف كتاب " ذم الكلام ": سمعت عبد الصمد بن محمد بن محمد، سمعت أبي يقول: أنكروا علي أبي حاتم بن حبان قوله: النبوة: « العلم والعمل » فحكموا عليه بالزندقة، هُجِر، وكُتب فيه إلى الخليفة، فكتب بقتله. قلت(الذهبي): هذه حكاية غريبة، وابن حبان فمن كبار الأئمة، ولسنا ندَّعي فيه العصمة من الخطأ، لكن هذه الكلمة التي أطلقها، قد يطلقها المسلم، ويطلقها الزنديق الفيلسوف، فإطلاق المسلم لها لا ينبغي، لكن يعتذر عنه، فنقول: لم يرد حصر المبتدأ في الخبر، ونظير ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: « الحج عرفة » ومعلوم أن الحاج لا يصير بمجرد الوقوف بعرفة حاجًّا، بل بقي عليه فروض وواجبات، وإنما ذكر مهم الحج. وكذا هذا ذكر مهمَّ النبوة، إذ من أكمل صفات النبي كمال العلم والعمل، فلا يكون أحد نبيًّا إلا بوجودهما، وليس كل من برز فيهما نبيًّا، لأن النبوة موهبة من الحق تعالى، لا حيلة للعبد في اكتسابها، بل بها يتولد العلم اللَّدني والعمل الصالح. وأما الفيلسوف فيقول:النبوة مكتسبة ينتجها العلم والعمل، فهذا كفر، ولا يريده أبو حاتم أصلا،و حاشاه» انتهى كلام الذهبي رحمه الله. و الشاهد من كلامه رحمه الله، قوله: « هذه الكلمة التي أطلقها، قد يطلقها المسلم، ويطلقها الزنديق الفيلسوف، فإطلاق المسلم لها لا ينبغي، لكن يعتذر عنه وأما الفيلسوف فيقول: النبوة مكتسبة ينتجها العلم والعمل، فهذا كفر، ولا يريده أبو حاتم أصلا، و حاشاه » . فهو كلامٌ واحد، يُذمُّ به هذا، و لا يُذمُّ به هذا! و يُعذر فيه هذا، و لا يُعذر فيه هذا، هل رضيت بالحكومة يا مسعود « الكل »!؟. * ومن الكلام الذي طار به أشياخك مستدلين به على قواعدهم التي قعدوها لكم، و الذي نحاكمكم إليه، كلام السبكي رحمه الله الذي قال فيه: « فإذا كان الرجل ثقة مشهوداً له بالإيمان والاستقامة، فلا ينبغي أن يحمل كلامه وألفاظ كتاباته على غير ما تعود منه ومن أمثاله، بل ينبغي التأويل الصالح، وحسن الظن الواجب به و بأمثاله » [قاعدة في الجرح و التعديل]. فهذا كلامٌ واحدٌ تلفَّظ به رجلان كما قال السبكي، أحدهما ثقةٌ مشهودٌ له بالإيمان و الاستقامة، و هو هنا الشيخ ربيع! فلا ينبغي أن يحمل كلامه وألفاظ كتاباته على غير ما تعود منه ومن أمثاله، بل ينبغي التأويل الصالح، وحسن الظن الواجب به و بأمثاله، كما قال السبكي! و الآخر هو مسعود « الكل »، مشهودٌ له بالانحراف و الحزبية، كما سبق، فلو فُرِض بأن الكلام الذي انتقده شيخنا عبد المجيد من كيسيه كما توهمه شيخنا، لما جاز لنا حمله على المحمل الحسن، وهو عين ما فعله شيخنا عبد المجيد لله درُّه . و الشاهد من هذه النقول و غيرها كثير، إلزام مسعود «الكل»، و إفهامه بأن الكلام الواحد قد يصدر من شخصين مختلفين، فيُنتقَد على هذا، و يُسلَّم به للآخر، و على هذا جرى عمل الأئمة و العلماء، كما سبق نقل شيءٍ من ذلك . و بناءً على ما سبق نقول لمسعود «الكل»: بأنه لا لوم على شيخنا عبد المجيد في انتقاده للكلام السابق، لأنه كان بناءً على أن الكلام من كيسك، و مثلك لا يحمل كلامه على المحمل الحسن، بل على أسوء المحامل، و يُوجَّه إليه أشدَّ النقد كالذي وجَّهه شيخنا عبد المجيد، أما و الحال أنه من كلام الشيخ ربيع فعلى الرأس و العين، و الانتقاد لا يعنيه لا من قريبٍ و لا من بعيد، لما سبق ذكره مُفصَّلًا، فراجعه لا بارك الله فيك، غير مشكور . آخر المراد، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . |
الساعة الآن 02:53 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013