سلسلة: (مَعَالِم الأَحْدَاث) سرد تاريخي لوقائع فتنة جمعة (الحلقة الأولى)

المؤلف: 
أبو معاذ محمد مرابط عفا الله عنه

 

سِلْسِلَةُ: (مَعَالِمِ الأَحْدَاثِ)
سَرْدٌ تَارِيخِيٌ لِوَقَائِعِ فِتْنَةِ جمُعَةِ (الحلقة الأولى)


بسم الله والحمد لله وصلّ اللهم وبارك على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم إلى يوم الدين، وبعد:
فإنّ ضبط الوقائع والأحداث التاريخية، وتقييد تفاصيلها وأيّامها ممّا تميّزت به هذه الأمّة العظيمة، والاعتناء بهذا الجانب المَعرفي المهمّ من أعزّ المطالب التي يسعى العقلاء إلى تحقيقها، ويحرص النبلاء على حفظها وتثبيتها، ويتأكّد ذلك في حق من كان شاهدا على حقبة من أحقاب التاريخ، وصفحة من صفحاته، لذلك كان الحديث عن وقائع الزمان من أشرف العلوم، وأجلّ المعارف، يقول المقريزي رحمه الله كما في «الخطط 1/5»: «علم التاريخ من أجل العلوم قدراً وأشرفها عند العقلاء مكانة وخطراً لما يحويه من المواعظ والإنذار بالرحيل إلى الدار الآخرة عن هذه الدار، والاطلاع على مكارم الأخلاق ليقتدي بها، واستعلام مذام الفعال ليرغب عنها أولوا النهى».
من أجل هذا ارتَأيتُ أن أُسهم بما عندي من شهادات، وبما رأيته من أحداث عايشتها متعلّقة بهذه «الفتنة الجُمعية» التي أحرقَت القلوب وهزّت النفوس، وقد دفعني إلى تحريرها ما لمستُه في هذه الأيام من تحوير لبعض الحقائق، وتحريف لكثير من أحداثها، وقد وقع في هذه المطبّ –للأسف الشديد- حتّى بعض الفضلاء من الطلبة والدعاة، بسبب الغفلة والنسيان تارة، أو الاعتماد في نقل الأخبار على غير المعنيين بها الشاهدين عليها تارة أخرى، أمّا الشباب المتحمّس فقد شوّه هذه الحقبة التاريخية تشويها مخزيا من حيث لا يشعر، وشاركوا بفعلهم هذا سفهاء المفرقين عن غير قصد منهم.

وقبل الولوج في صلب الموضوع لا بأس أن أنبّه على النقاط التالية:

أوّلا: لا أدّعي استقصاء كل الوقائع، بل بذلت وُسعي في رواية ما حضرني من الأقوال والمواقف، فهذه السلسلة هي جزء من تاريخ الفتنة بروايتي، ونقل لأحداثها من زاويتي الخاصة التي كنت أنظر منها.
ثانيا: اجتهدتُ في تأريخ الأحداث بالتاريخ الهجري، وذكرت ما يُوافِقهُ من التاريخ النصراني، وأحيانا لا أجد الهجري فأكتفي بالنصراني، وقد رأيت من يعتمد بعض المواقع والبرامج في تحويل التاريخ، وهذا خطأ بيِّن لأنّ النتائج ليست دقيقة، وأرجو من القارئ أن يتحفني بطريقة سليمة لاستخراج التاريخ الهجري عند الحاجة إليه.
ثالثا: عند إتمام كل الحلقات –إن شاء الله- سأجتهد في ضم بعضها إلى بعض وتصحيح ما يجب تصحيحه، فتكون النسخة النهائية مزيدة ومنقحة، لأنّي على يقين أنّ أحداثا كثيرة ستحضرني أثناء كتابي لهذه السلسلة فيكون موضع استدراكها في النسخة النهائية مع التنبيه على كل إضافة وتعديل.
رابعا: قد أُغفل بعض الجزئيات المهمّة سهوا أو جهلا، لذلك أرجو أن يتحفني القارئ الكريم بالملاحظات التي يجدها وأنا له شاكر مُمتن.
خامسا: التاريخ أمانة عظيمة في عنق الكاتب، فليعذرني كل من يتحرّج من ذكر اسمه، أو بيان موقفه في هذه الفتنة، لاسيما من تراجع عن بدعة التفريق وخرج منها تائبا، أو كان موقفه مشكوكا فيه.
سادسا: قد أتجنّب –عمدا- ذكر بعض الوقائع والأحداث لعدم أهيمّتها، وشرطي في تجاوز ذلك ألاّ يكون الحدث مؤثّرا في هذه الفتنة سلبا أو إيجابا.
سابعا: وثّقت بعض الحقائق بالروابط والصور، وما لم تدع إليه الحاجة مثل الأقوال والمواقف المشهورة المتفق عليها أغفلت توثيقها إلاّ في مواضع قليلة اقتضت الحاجة أن تذكر.
ثامنا: لم يكن ميولي في هذه السلسة إلى طريقة المؤرخين في سرد الوقائع سردا مجردا، بل علقت على ما يجب التعليق عليه، وانتقدت الأقوال والمواقف الباطلة، وكشفت عن المبهم والمشتبه، وأبديت موقفي في الكثر من الأحداث.
تاسعا: اجتهدت في التحلّي بالهدوء والإنصاف أثناء سردي للأحداث والوقائع، لأنّني جزء من الوقائع وعادة يلاحظ على هذا النوع من الكتاب التحامل والميل لاسيما إذا كان حديثه عن خصمه الذي بغى عليه، أسأل الله أن يطهر قلوبنا من الغلّ والحقد، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.....

 

لتحميل الملف أدخل على الرابط من هنا ولمتابعة موضوع المقال على المنتدى على هذا الرابط