أوعية العلم

المؤلف: 
إبراهيم بويران

 

أوعية العلم

 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

جعل الله القلوب أوعية للعلم كما جعل الأودية أوعية للسيل، «فخير القلوب أوعاها للخير والرشاد، وشرها أوعاها للغي والفساد » [ روضة المحبين لابن القيم (ص6) ].

وخير ما تعيه القلوب وتحمله الأفئدة هو العلم النافع، وهي متفاوتة تفاوتًا عظيمًا من جهة قابليتها لحمل هذا العلم، وعدمه، فمستقل من ذلك ومستكثر، و قد ضرب الله مثلًا للقلوب بالأودية فقال تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ}.

«فشبه الوحي الذي أنزله لحياة القلوب والأسماع والأبصار بالماء الذي أنزله لحياة الأرض بالنبات، وشبه القلوب بالأودية فقلب كبير يسع علما عظيما، كوادٍ كبير يسع ماءً كثيرًا، وقلبٌ صغيرٌ إنما يسع بحسبه كالوادي الصغير.
فسالت أودية بقدرها، واحتملت قلوب من الهدى والعلم بقدرها»[ إعلام الموقعين (1/177)].

ولذ؛ قسم النبي صلى الله عليه وسلم القلوب بحسب اتساعها وانشراحها لحمل العلم، وانتفاعها بالهدى الذي بعثه الله به وقبولها له إلى ثلاثة أقسام، فقال: « مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ الْأَرْضَ فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ قَدْ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهِ النَّاسَ فَشَرِبُوا مِنْهَا وَرَعَوْا وَسَقَوْا ، وَأَصَابَتْ طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ فَلَا تُنْبِتُ كَلَأً ، كَذَلِكَ مَثَلِي وَمَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دَيْنِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» [ أخرجه البخاري (79) ، ومسلم (2282) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ] .

فشبه صلى الله عليه و سلم العلم الذي جاء به بالغيث لأن كلًّا منهما سبب الحياة، فالغيث سبب حياة الأبدان، والعلم سبب حياة القلوب...

وكما أن الأرضين ثلاثة بالنسبة الى قبول الغيث؛

إحداها: أرض زكيَّة قابلة للشراب والنبات فإذا أصابها الغيث ارتوت ومنه يثمر النبت من كل زوج بهيج .

فذلك مثل القلب الزَّكي الذَّكي، فهو يقبل العلم بذكائه فيثمر فيه وجوه الحكم، ودين الحق بزكائه فهو قابل للعلم مثمر لموجبه وفقهه وأسرار معادنه .

والثانية : أرض صلبة قابلة لثبوت ما فيها وحفظه فهذه تنفع الناس لورودها والسقي منها والازدراع .

وهو مثل القلب الحافظ للعلم الذي يحفظه كما سمعه فلا تصرف فيه ولا استنبط بل للحفظ المجرد فهو يؤدي كما سمع وهو من القسم الذي قال النبي صلى الله عليه و سلم: « فرب حامل فقه الى من هو أفقه ورب حامل فقه غير فقيه » [ الصحيحة (1/403) ] .

والأرض الثالثة: أرض قاع وهو المستوى الذي لا يقبل النبات ولا يمسك ماء فلو أصابها من المطر ما أصابها لم تنتفع منه بشيء .

فهذا مثل القلب الذي لايقبل العلم والفقه والدراية وإنما هو بمنزلة الأرض البوار التي لا تنبت ولا تحفظ» [ الرسالة التبوكية لابن القيم (ص54) ] .

فالمتأمل في الحديث والناظر في أصناف الخلق الثلاثة وتفاوتهم العظيم في الانتفاع بعلم الوحي، ليدرك أن مثل هذا الفضل لا يدرك بمجرد المواهب الظاهرة، والقدرات الباهرة، وإنما هو محض فضل الله تعالى يمتن به على من يشاء من عباده كما قال تعالى: { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} .

ولا يخفى أن مشيئة الله سبحانه وتعالى مقرونة بحكمته، وأن حكمته اقتضت جعل الهدى والعلم في القلوب الطاهرة، والصدور المشروحة، والنفوس الزكية، فجعلها محل هدايته ونوره، وخصها بذلك دون سائر القلوب .

وقد أشار سبحانه إلى ذلك في قوله:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام:124] .

و ذلك ردًّا على اقتراح المشركين إنزال الوحي على غير محمد صلى الله عليه وسلم، في قولهم: {لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} فردَّ الله عليهم بقوله:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام:124] .

فالله سبحانه أعلم بعباده ومن هو أهلٌ منهم لحمل الرسالة والإكرام بالنبوة، كما أنه سبحانه أعلم حيث يجعل هدايته ومن هو أهل للهداية فيهديه .

قال العلامة العثيمين رحمه الله: «فهو سبحانه وتعالى يهدي من يشاء إذا كان أهلاً للهداية؛ كما أنه سبحانه وتعالى يجعل الرسالة في أهلها فإنه يجعل الهداية في أهلها، كما قال تعالى: {الله أعلم حيث يجعل رسالته} [الأنعام: 124] ، كذلك هو أعلم حيث يجعل هدايته» [ تفسير سورة البقرة (3/24)] .

وأعظم الناس هداية هم الرسل عليهم الصلاة والسلام، كما وصفهم الله بذلك في آيات كثيرة منها قوله تعالى في سورة «الأنعام»: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} إلى قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ،}[الأنعام: الآيات 83/90]، وقال تعالى في وصف أنبيائه ورسله في سورة «مريم» {وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا }[مريم: 58] .

فالهداية لابد لها من محلٍّ قابل لها، وكذلك النبوة، و لما كان الأنبياء أطهر الناس قلوبًا، وأزكاهم نفوسًا كانوا أولى الناس بالهداية التامة، كما أنهم أحقُّ الخلق بالنبوة وأهلها.

قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره (1/155): « وقد صان الله تعالى أنبياءه عن كل ما يدنسهم ويقدح فيهم، وجعلهم أفضل العالمين أخلاقا، وأطهرهم نفوسا، وأزكاهم وأطيبهم، ونزَّههُم عن كل عيب، وجعلهم محلَّ رسالته، ومعدن حكمته » .

فعلم الوحي لا تحمله إلا القلوب الطاهرة النقية، والنفوس الطيبة الزكية، والصدور التي شرحها الله للعلم و الإيمان .

قال ابن مسعود رضي الله عنه:« إنَّ الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمَّد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثمَّ نظر في قلوب العباد بعد قلب محمَّد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيِّه، يقاتلون على دينه » [حسن إسناده العلامة الألباني في " تحقيق شرح الطحاوية " (ص530)] .

فاصطفاء الله تعالى للصحابة واختيارهم لصحبة نبيه من بين سائر الناس ليس لشيء إلا لما علمه في قلوبهم من الزكاء والصفاء والنقاء، كما قال تعالى في وصفهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ }، أي: من الإيمان والإخلاص وطهارة الباطن، فبذلك كانوا أبرَّ هذه الأمة قلوبًا، كما وصفهم بذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال:« مَن كان مستنًّا؛ فليستنَّ بمَن قد مات، أولئك أصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم؛ كانوا خيرَ هذه الأمة؛ وأبرَّها قلوبًا..»[ الحلية لأبي نعيم (1/305)] .

وهكذا اختار الله العلماء الربانيين ليكونوا ورثة لأنبيائه ورسله، يرثون عنهم علم الوحي ويخلفونهم في تبليغ رسالة الله لعباده، كما قال صلى الله عليه وسلم:« إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر»[ " صحيح الجامع"(6297)] .

و ليس كل من قيل فيه عالم أو نسب إلى العلم يكون من ورثة الأنبياء، حتى ينظر في ميراثه ماذا ورث وعمن ورث .

و ذلك أن العلم الذي ورَّثه الأنبياء وورثه عنهم العلماء هو علم الوحي، ومثل هذا العلم لا يكون وعاءه إلا الأطهر فالأطهر من القلوب و الأزكى فالأزكى من النفوس، والناس فيه متفاوتون بحسب صفاء القلوب ونقاوتها .

ولذا؛ قال صلى الله عليه وسلم:« يَحْمِل هذا العِلَم من كل خَلَف عُدُولَه يَنْفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين » [ صححه العلامة الألباني في المشكاة (248) ] .

فقوله:« يَحْمِل هذا العِلَم » إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى علم الوحي الذي بُعث به، وما يتضمَّنه من الدين القويم والصراط المستقيم، والعقائد الصحيحة، والمناهج السديدة، و هذا لا يحمله إلا العدول، إذ هو ميراث الأنبياء فلا يرثه عنهم إلا الثقات الأمناء من العلماء، أما غير العدول فلاحظ لهم من هذا الميراث وإنما هم ورثة الفلاسفة وأساطين الكلام وغيرهم من أهل الضلال، يرثون عنهم العقائد الفاسدة والمناهج المنحرفة والعلوم الضارة .

فالقلب وعاء للعلم النافع وشرطه طهارة المحل، وصفاؤه من المكدِّرات، وخلوصه من الشوائب، فبقدر طهارته وصفائه ينال حظه من ميراث النبوة، فإذا تخلف الشرط فات المشروط، والعكس بالعكس .

ويجمع هذه الخصال كلها وصف التقوى، وقد أشار الله سبحانه إلى هذا في قوله تعالى: {وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }[البقرة: 282] .

قال العلامة طاهر بن عاشور في تفسيره: « أمر بالتَّقوى لأنَّها مِلاك الخير ، وبها يكون ترك الفسوق، وقوله : { ويعلمكم الله } تذكير بنعمة الإسلام ، الذي أخرجهم من الجهالة إلى العلم بالشريعة ونظام العالم ، وهو أكبر العلوم وأنفعها، ووعدٌ بدوام ذلك لأنَّه جيء فيه بالمضارع، وفي عطفه على الأمر بالتقوى إيماء إلى أنَّ التقوى سبب إفاضة العلوم ، حتى قيل: إنَّ الواو فيه للتعليل، أي: ليعلِّمكم»انتهى.[ التحرير والتنوير (3/292) ].

وقال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره (1/263): « واستدل بقوله تعالى: { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ } أن تقوى الله، وسيلة إلى حصول العلم، وأوضح من هذا قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } أي: علما تفرقون به بين الحقائق، والحق والباطل »انتهى.

وقال رحمه الله في تفسير هذه الآية التي أشار إلى أنها أوضح في الدلالة من الآية الأولى على أن تقوى الله سبب لنيل العلم:« امتثال العبد لتقوى ربه عنوان السعادة، وعلامة الفلاح، وقد رتب الله على التقوى من خير الدنيا والآخرة شيئا كثيرًا، فذكر هنا أن من اتقى الله حصل له أربعة أشياء، كل واحد منها خير من الدنيا وما فيها:

الأول: الفرقان: وهو العلم والهدى الذي يفرق به صاحبه بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والحلال والحرام، وأهل السعادة من أهل الشقاوة..»انتهى .

فلا تمييز ولا تفريق بين الحق والباطل وبين الهدى والضلال إلا بالعلم النافع ولا علم إلا بزكاة النفس وطهارة القلب، ولا طهارة للقلب ولا زكاء إلا بالتقوى التي يجمعها توحيد الله و العمل بطاعته والبعد عن معصيته .

ومن هنا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في وصف علماء الكلام كما في مجموع الفتاوى (5/119):« أوتوا ذكاءً وما أوتوا زكاءً » .

فالذكاء سببٌ وعدم الزكاء مانع، والمانع أقوى من السبب .

ومن هنا ندرك بأن صاحب القلب الزكي قد ينال من العلوم والمعارف بزكائه ويفتح الله عليه من أسرار شرعه ما لا يناله صاحب العقل الذكي ولا يدركه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: « قد يكون الرجل من أذكياء الناس وأحدِّهم نظراً ويعميه عن أظهر الأشياء، وقد يكون من أبلد الناس وأضعفهم نظراً، ويهديه الله لما اختُلِف فيه من الحق بإذنه، فلا حول ولا قوة إلا به؛ فمن اتكل على نظره واستدلاله، أو عقله ومعرفته، خُذِل »[ درء التعارض(9/34) ] .

الله أكبر!! كيف أعمى الله صاحب الذكاء عن الحق فلم يبصره؟ وفتح به على هذا البليد في نظر الذكي؟ حقًّا إن من ركن إلى قدراته، وما أوتي من المواهب، دون العناية بطهارة قلبه وزكاة نفسه بتقواه لربه أوكله الله إلى نفسه، وإلى ما ركن إليه .

إن الأمور كلها بيد الله، فهو سبحانه يرفع من يشاء ويخفض من يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، والعلم نعمة من جملة نعمه سبحانه ينعم بها على من يشاء من عباده، ويبارك في علم ودعوة من يشاء من عباده، فينفع به الأمة، ويقيم به السنة، ويجدد به الملة .

حدثنا بعض شيوخنا من طلبة العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله، لما كنا في اليمن، أنه كان يقول: « الشوكاني أعلم من الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لكن شاء الله أن يجعل هذا مجدِّدًا »، أي: الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فجدد به دينه، ونصر به شريعته، ولو قورِن تراثه العلمي وما خلفه من الكتابات مع تراث غيره للوحظ الفرق الكبير بين هذا وهذا، إلا أن الله جعل البركة في جهوده وجهاده وتراثه، واختاره فيما نحسبه من بين كثير من خلقه حتى ممن يفوقه علمًا وذكاءً ليكون مجدد الملة الحنيفية!! والبركة من الله .

فكما أنه سبحانه يجعل الرسالة والنبوة فيمن يشاء ويصطفي لها من يشاء، فكذلك يجعل إرث النبوة فيمن يشاء، ويبارك في علم ودعوة من شاء، ولو وجد من يفوقه في العلم والذكاء .

قال بكر بن عبد الله المزني: « ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة ولكن بشيء وقر في قلبه » [ منهاج السنة (6/223) ] .

نسأل الله ذو الفضل العظيم أن يطهر قلوبنا، ويزكي نفوسنا، ويصلح أعمالنا وأحوالنا، وأن يبارك لنا في ما رزقنا وآتانا، وأن ينفعنا بما علمنا ويزيدنا علما وهدى وثباتًا، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وفي كل ما نأتي و نذر .

لا حول ولا قوة لنا إلا به، لا إله غيره ولا رب سواه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .